تغير لون يده من كثرة الزيوت التى يعمل بها، غلب «الشيب» على ملامح وجهه، أنهكته الحياة بكل ما فيها من مأساة، ورغم ذلك ما زال يواصل مهنته القاسية من أجل أن يوفر قوت يومه.
ففي عمارة متهالكة غلب عليها القدم بأحد الأزقة الضيقة فى منطقة وسط البلد، يقطن ممدوح مرسى الرجل الخمسينى الذى أفنى حياته فى صناعة منتجات خان الخليلى حيث جمع فى مهنته بين الفن والحرفة، ما جعله يعزف على أوتار الإبداع فى استخراج المنتجات الفريدة من الحديد الأصم.
لمدة ٤٩ عاما يعمل ممدوح فى هذه المهنة اليدوية الحديثة، التى بدأت يدويا وصارت الماكينات تتدخل بها رويدا رويدا، إلا أن سوء العمل وتراجع الإقبال عليها جعل الرجل الخمسينى يتفرع فى العمل إلى العديد من المنتجات الأخرى، ولعل أهمها أدوات العرقسوس والمشروبات التى تباع مع الباعة الجائلين.
أوضح ممدوح، أن الفن الحقيقي هو قدرة الرجل على إنتاج ما يُطلب منه فى إطار هذه المهنة وليس العمل على شىء موحد، ولكن ما ينتجه ممدوح من دقة عالية وتصميم فريدة جعله يصنف نفسه فنانًا ولكن لم يتم الاعتراف به، حيث يقول: «هذه المهنة فن تشكيلى ولكن غير معترف بها».
حال هذه المهنة كحال الكثير من المهن اليدوية القديمة التى باتت تصارع الزمن والتطور التكنولوجى الذى نعيشه فى العصر الحالى، فعلى الرغم من امتلاك الرجل الخمسينى للعديد من المواهب التى تجعله مميزا إلا أن حال مهنته لا يعينه على ذلك: «أنا أقدر أصنع تمثال كامل خلال شهر، بس فى الشهر ده مش هلاقى أكل ولا أوفر لأولادى الأكل».
وتابع: «إحنا شغالين علشان نأكل مش علشان فن، الورشة كان فيها زمان أكثر من ٢٠ شخصا، حاليا مفيش غيرى وبدأت فى طريقها للانقراض».
ورغم المأساة التى يعانيها ممدوح فى مهنته، إلا أنه يحاول أن يطور من منتجاته بما يتواكب مع العصر الحالى، حيث ينتج أشياء يتم عرضها فى الفنادق السياحية والبازارات، إلا أنه يظل الهدف الأمثل للرجل الخمسينى هو إنتاج أشياء فريدة، وتعليم هذه المهنة للعديد من الناشئين حتى لا تقع فريسة للانقراض.