الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ماسبيرو قلعة الإعلام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مع انسيال مجرى النيل الخالد القادم هناك من مصبه في بلاد الحبشة قدوما ببلاد النوبة حيث التربة والبشرة السمراء والتي حكت جمال الملامح المصريةمرورا بقاهرة المعز لدين الله الفاطمي..هذا النهر العظيم المتدفقة شرايينه بالحياة لتحيي وديانه بأمر ربها ما حولها من"انسان وجماد وحيوان ونبات"...

هناك بالمحروسة وعلى ربوة مستقلة شيد هذا البيت الإعلامي الكبير(ماسبيرو)والذي يحمل اسم عالم آثار فرنسي كبير .

هذا الصرح العملاق والذي كان ولا يزال أحد روافد الثقافة والفكر والإبداع في شتى أرجاء الوطن العربي بل ونقطة الإشعاع والتصدير لقضايا الأمة وتطلعاتها عبر العصور للعالم الخارجي .

 لقد أعاد لنا هذا الصرح العملاق انتاج  بيان الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس شركة ملاحة مصرية.

كما أنتج لنا كيف كان الإعلان عن تحرك الضباط الأحرار والبيان الذي ألقاه الرئيس الراحل محمد أنور السادات وكيف كان القضاء على الملكية ومحاربة الفساد وكيف كانت ثورة ٥٢ والتي غيرت مجرى التاريخ وقضت على الإقطاع وفرضت مجانية التعليم .

كما رأينا مرارة هزيمة(٦٧)وما تلاها من حرب استنزاف حتى كان انتصار السادس من اكتوبر (٧٣) 

 رأينا كيف قدم ماسبيرو فيلم(الأرض) هذا العمل الفني العملاق والذي نقل ما كان يعانيه الفلاح المصري البسيط فكان قانون الإصلاح الزراعي والغاء الإقطاع وانتشال ملايين الأسر من الضياع!

بل كيف طرح الفيلم الكبير(أريد حلا)مشكلة كبيرة كانت تؤرق سيدات مصر بل والعالم حين كانت المرأة تظل حبيسة عصمة رجل لا يعبأ بها ولا يتحمل مسؤوليته فكان قانون الخلع والذي حرر كثيرا من النساء المضطهدات.

حين نتحدث عن ماسبيرو فلا ننسى (العلم والايمان)هذا البرنامج الكبير والذي قدمه الطبيب الفيلسوف الكاتب والمبدع العالم الكبير الدكتور مصطفى محمود _رحمه الله_ ، وهكذا نشأنا عبر هذا الأثير الفياض كما نشأت الأجيال من قبلنا في تتابع لهذا المد الهادف نرفل في معينه الذي لا ينضب.

بل كيف قدم هذا المبنى العملاق كوكب الشرق أم كلثوم وغيرها من العظماء وكيف كان الطرب الأصيل...

بل وكيف قدم فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي بخواطره المتجددة فالتفت الجموع حول شاشات التليفزيون لاسيما عقب صلاة الجمعة كل أسبوع تتابع هذه الفيوضات الربانية وكيف توحدت الأسر على مائدة واحدة تتابع وتشاهد.

بل رأينا كيف صنعت الدراما أعمالا خالدة مثل (رأفت الهجان وذئاب الجبل والمال والبنون والعائلة واخيرا الاختيار) والكثير والكثير من الأعمال التي لا تنسى .

بل كيف نقل هذا الصرح العملاق تطلعات الشعب المصري نحو التخلص من حكم الجماعة وكيف رصدت كاميراته الميدانية تحرك جمعية الشعب العمومية في الميادين مفوضة قيادتها العسكرية والسياسية للتخلص من حكم المرشد .

محطات كبيرة رصدتها قنوات هذا المبنى وهي خير شاهد ودليل على أصالة هذا الكيان ووطنيته الكبيرة وما صنع الإعلام الخاص وما بني إلا بسواعد أبناء ماسبيرو...

نعم لقد نشأناونحن شهود على العصر نستمد ثقافتنا وروافدنا الفكرية والإبداعية من هذا الأثير المتجدد عبر قنواته المرئية والمسموعة .

وإذا كان ماسبيرو صانع هذا المجد الكبير وجزء كبير من عمرنا منذ النشأة والطفولة مرورا بالكثير من مراحل حياتنا وذكرياتنا وأحداث أمتنا المتتابعة وقضايانا المصيرية فإنه بذلك رمز من رموز تاريخنا المعاصر الذي لايقبل الانفصام أو التجزئة بأي حال من الأحوال.

وإذا كان التاريخ يكتبه الصفوة من المنصفين الذين تتبارى أقلامهم في نقل الحقيقة المجردة وإذا كانت صفحات هذا التاريخ ذاته ترصد على سطورها قلاع الأمة الثقافية والتنويرية فإن تاريخنا المعاصر ليشرف بهذه القلعة العريقة أن تكون بين حنايا مجده المتألق والزاخر بالعطاء 

فهو بذلك قلعة الإعلام الوطني والمدرسة المهنية المتجددة بحرفية كبيرة.

وإذا كانت هذه المدرسة الفريدة شأنها شأن كافة المدارس الفكرية والتي هي من صنع البشر قد تمرض أحيانا ولكنها لا تموت لما لها من ثوابت تاريخية وجينات كبيرة توارثها العاملون بهذا الصرح الكبير جيلا بعد جيل.

حقيقة لم يك هذا المنبر الاعلامي قاصرا على طبقة دون أخرى بل احتوى كافة الأطياف من الطبقات الكادحة والارستقراطية مقدما أفكارهم الوسطية بلا أدنى صراعات فكرية أو مذهبية طارحا كافة المسائل والقضايا بحيادية تامة واقفا على مسافة واحدة بوطنية كبيرة لا تقبل الشك والمزايدة .

كنا في قديم الزمان أطفالا نمر من أمام هذا الهرم الاعلامي الكبير ودارت بنا الأيام دورتها فقدمنا من هناك حيث وسط الدلتا وافدين إلى منابره الفكرية مدافعين عن هويتنا منحازين إلى دولتنا حاملين على أكتافنا قضايا أمتنا العربية والإسلامية حاملين مشاعل الوسطية قابضين بأيدينا على لواء المجد والتطلع نحو غد مشرق بالريادة والتقدم