لأول مرة في تاريخ معرض القاهرة الدولي للكتاب، خاصة الدورة 54، التي أقيمت فعالياتها بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس في الفترة من 25 يناير الماضي حتى اليوم الإثنين 6 فبراير الجاري، حيث شاركت دولة ضيف الشرف المملكة الأردنية الهاشمية، ممثلة في متحف الأردن المصغر بنسخة طبق الأصل عن تمثال "عين غزال"، المصنوع من مادة الجبس، والذي يصل عُمره إلى 10 آلاف سنة، حيث عُثر عليه في موقع عين غزال بالمملكة الأردنية الهاشمية، وهو جزء من العاصمة عمّان.
تمتد العلاقات الأردنية المصرية منذ فجر التاريخ، هكذا أشار الدكتور يوشع عبدالسلام العمري، مدير الشؤون الفنية بمتحف الأردن، لـ"البوابة نيوز" موضحا أن التماثيل الجصية المكتشفة في موسمي حفريات 1983 و 1985 في موقع عين غزال، ويبلغ عددها 32، تُعد فريدة في نوعها إذ أنها أقدم الأمثلة المعروفة للتماثيل البشرية كبيرة الحجم، وقد صنعت هذه التماثيل على هياكل من القصب كسيت بالجص، فقد وجدت التماثيل مرتبة في مجموعتين منفصلتين داخل حفرتين متباعدتين، إذ حفرت حفرة خاصة لدفن كل مجموعة في أرضية بيت مهجور، كما دفنت تماثيل المجموعتين متجهة من الشرق إلى الغرب باستثناء تمثال نصفي واحد وضع بشكل متقاطع مع التماثيل الأخر.
وتبين من خلال تأريخ هذه التماثيل بقياس الكربون المُشع "كربون 14" أنها تعود لنهاية الألفية الثامنة قبل الميلاد، كما أظهر كل من التأريخ بالكربون المُشع وتتابع الطبقات الأثرية في الموقع، أن المجموعة المكتشفة في عام 1983 هي أقدم من تلك المكتشفة في عام 1985 بفارق زمني يصل إلى حوالي 200 عام.
وأكد العمري، التمثال تعود أهميته لعدة عناصر أولها: أنه ليس فقط أقدم تماثيل إنسانية بالحجم الطبيعي في العالم، وإنما يُمثل أحد أقدم الإبداعات البشرية وفق المعايير الحديثة للفن المعاصر، والمُتمثلة بتحويل الحجر الجيري إلى مادة الجص بإستخدام درجات حرارة عالية تزيد عن 900 درجة مئوية، وهذا الأمر لم يكن متاحًا منذ عشرة آلاف سنة لأي من الحضارات الموجودة بالمنطقة، لذلك يُعد التمثال من جذور الثورة الصناعية، فكانت مادة الجبس تنتج بكميات كبيرة وليست مخصصة لإنتاج التماثيل فقط، لكن لأعمال الأخرى.
والأهمية الأخرى له السيطرة على النار بعد حوالى أربعة آلاف سنة من إنتاج التماثيل، ويستطيع سكان المنطقة أن يصلوا إلى حوالي 1200 درجة مئوية، ولأول مرة في التاريخ يتم صهر مادة النحاس في الأردن، حتى انتجت مادة خامات صهر النحاس لإنتاج معدن النحاس الذي كان له مساهمة مميزة في تطور الحضارة الإنسانية حتى الآن، وترجع أهمية منطقة عين غزال بعمّان، أن المنقبين في هذا الموقع اكتشفوا تضاعف حجمه فجأة، وكان سكان الموقع يسكنون في بيوت من طابق واحد فقط، لكنها اتسعت ووصلت إلى طابقين، فمنطقة عين غزال قبل 10 آلاف سنة استقبلت أول موجة لجوء إنساني لمجموعات بشرية مهاجرة جاءت إلى هذا الموقع، ولم يحصل أي خلاف بينهم حتى ازدادت رقعة الموقع واستيعابهم بسلام.
لم تحدد بعد العلاقة بين التماثيل المكتشفة في عين غزال ومعتقدات السكان الروحانية، ولم يتضح أيضا سبب صناعة هذه التماثيل وما ترمز إليه، فربما كانت تمثل السلف لأن طريقة دفنها مشابهة لطريقة دفن موتاهم أو أنها كانت أشكالا أسطورية مسئولة عن الحياة والخصوبة.
الرسالة
يحمل تمثال "عين غزال" رسالة من داخل معرض الكتاب، إننا لا زالنا أخوة في البشرية بغض النظر عن الأصول، والألوان، ومن أين جاء الإنسان؟ وتجمعنا الأخوة دائما مع بعضنا البعض، هكذا أوضح العمري، مؤكدا أن علاقة بين مصر والأردن ممتدة ومميزة لأبعد حدود، فمصر بوابة أفريقيا، والأردن بوابة آسيا، يجمعنا النهر، والبحر، واليابس معًا.
ثقافة
"عين غزال" أقدم التماثيل كبيرة الحجم في العالم
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق