قام معهد رويترز للصحافة بعمل دراسة حول توقعات الإعلاميين حول ملامح عام 2023 من وجهة نظر إعلامية.
توصلت الدراسة إلى نتائج أقل ما يقال عنها أنها غير متفائلة في طابعها العام وتفاصيلها أيضًا. إنها نتائج تقول إن هذا العام سيكتب كلمة النهاية للكثير من القصص الجميلة في مملكة الإعلام والتجارة والإنتاج فيما يخص الإعلام وإنتاج المحتوى والابتكار. استخدمت الدراسة استطلاعًا للرأي في جمع معلوماتها من 303 مسؤولًا في مجال الإعلام ينتمون إلى 53 دولة. توصلت الدراسة إلى أنمعهد رويترز ستعمل طوال العام تحت مظلة الخوف من الإغلاق بتأثير زيادة التضخم والضغوط الاقتصادية المتضاعفة الصعوبة. وشاهدنا جميعًا النهاية المؤثرة لإذاعة بي بي سي القسم العربي، إذ سمع العالم للمرة الأخيرة جملة "هنا لندن بي بي سي" في أواخر يناير 2023.
تواصل الدراسة عرض نتائجها التي قلبت نجاح الصحافة المعتاد في أوقات الأزمات إلى فشل. إذ أن تاريخ الصحافة بالفعل يشهد لها بالازدهار في أوقات الأزمات، إذ يلجأ المواطنين لها لمعرفة المزيد من أجل تأمين حياتهم من هجمات مجهولة، إلا أن عام 2023 يأتي في وقت صار الكثير من الجماهير فيه ينظرون للأخبار بوصفها كابوس يطاردهم، ويغلق في وجوههم باب الأمل، ولا يأتي إلا بكل ما يقلقهم. تدعم هذه النتيجة نتائج العديد من الدراسات حول العالم التي أكدت انصراف الناس عن متابعة الأخبار حين صارت حياتهم أفضل بدون الخوف الذي تزرعه فيهم. تمثل هذا الخوف في خوفهم من أخبار الأوبئة والحروب والتضخم التي انتشرت في الفترة الأخيرة.
أشارت نتائج الدراسة أيضًا إلى الاهتمام بعدد المشاهدات على حساب جودة المضمون على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن صار على يد ثقافة رجال الأعمال سببًا للكسب. بل إنها حذرت من هجرة المشاهدات إلى مواقع أكثر ترفيهًا وأخف وطأة مثل تيك توك. وهذا الأمر هو ما نعمل في مصر على مواجهة فساده منذ فترة، إذ أن مجتمعًا كمجتمعنا أبت تقاليده في كثير من الجوانب حتى الآن أن تقبل بعض أشكال المحتوى. إذ لكل ثقافة طابعها، ولم يستطع أحد لوم الصين لأنها منعت تويتر من دخول أثير حيزها الجغرافي.
تمثلت أكبر مخاوف معظم من استطلعت الدراسة رأيهم في الخطر الاقتصادي، إذ أنهم يخشون اليوم الذي ستعجز فيه المؤسسات عن دفع أجور عمالها، وربما عن الاستمرار في سوق العمل.
في مقابل هذه النتائج المتشائمة لدراسة رويترز، نجد بعض التوقعات المتفائلة التي ترى أن الطبيعة تصلح نفسها بطريقتها فيما يخص الإعلام. إذ يرى البعض أن التحول الرقمي الذي أصبح حتميًا على الجميع يملك في داخله علاج مثالبه. إذ أن إنتاج المحتوى الجيد صار من الممكن أن يقدم بطرق أكثر جودة وجاذبية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. يشير البعض بتفاؤل كبير لإمكانية أن يمثل الأشخاص الطيبون سلاحًا إعلاميًا ناجحًا يقدمون محتوى صالحًا خدميًا في جانب منه وترفيهيًا في جانب آخر. يرى هؤلاء أن لكل إعلام صحافته الصفراء، هي صحافة أسرع انتشارًا لكن الصحافة التي تصنع العقل مع جاذبية الذكاء الاصطناعي ستناضل. وتسير بالتوازي مع أي شكل من أشكال الصحافة الفاسدة كما جرت العادة دائمًا في كل العصور.
ينظر هؤلاء المتفائلون أيضًا للأزمة الاقتصادية من جانب نصف الكوب الممتليء، إذ يرون أن الإنسان لطالما كان كائنًا متكيفًا، يستطيع أن يصنع الأزمة من أجل صناعة حلها وليس العكس. إذ يرى هؤلاء أننا أمام شكل جديد من الإعلام سيطور نفسه بحيث يولد ويتنفس بأقل التكاليف وبأكبر عدد من العاملين مع تغيير أدوارهم، بل بالغ المتفائلون في توقعاتهم حتى أنهم ينتظرون اختراع وظائف إعلامية جديدة تتناسب مع هذا الشكل الإعلامي الجديد سنرصدها جميعًا مع نهاية 2023.