الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوارات

عبدالرحيم علي في حواره مع مجلة «لو سبيكتاكل» الفرنسية العريقة: «الإخوان» وجدوا حاضنة آمنة في أوروبا.. الجماعة استطاعت أن تجد لنفسها مكانة مهمة في أوروبا من خلال إستراتيجية اختراق المؤسسات والأحزاب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ما زالت تسير على نفس النهج للسيطرة على مفاصل العمل الاقتصادى والاجتماعى والسياسى فى القارة العجوز
منذ أربعينيات القرن الماضى عملوا على تحويل القارة إلى مركز آمن للعمل وفق الرؤية الجديدة بعد تحويل الجماعة من تنظيم هرمي إلى شبكة أخطبوطية لا يمكن القضاء عليها أو تدميرها


أجرت مجلة «لو سبيكتاكل» السياسية الفرنسية العريقة حوارًا مع الكاتب الصحفى، عبدالرحيم على، حول جماعة الإخوان فى أوروبا، وأفردته على ست  صفحات «من ص 67 حتى ص 71»، وأجرى الحوار الكاتب الصحفى أنتونى كولونو، رئيس تحرير المجلة.
فى هذا الحوار، يواصل عبدالرحيم على، دق ناقوس الخطر الذى لا تريد أوروبا أن تتنبه إليه، بينما ينخر «الإخوان» كالسوس فى جسد القارة من خلال تغلغلهم، بأساليب خفية، فى مؤسسات المجتمع الأوروبى وجميع أوجه النشاط الاقتصادى والاجتماعى والسياسى.. وإلى نص الحوار ومقدمته كما نُشِرَ فى المجلة الفرنسية.
فى هذا الحوار؛ يطلق عبدالرحيم على، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط «سيمو» والنائب السابق فى البرلمان المصرى، مرة أخرى صفارة الإنذار ضد عملية توغل «الإخوان» فى مؤسساتنا الفرنسية والأوروبية بشكل عام.
 

■ هل يمكن أن نصنف «الإخوان» على أنهم الهيكل الأساسى لتوغل الإسلام السياسى فى أوروبا؟
- بالطبع التنظيم الدولى للإخوان هو من بدأ فكرة التوغل الإسلامى فى أوروبا منذ خمسينيات القرن الماضى، ومن وجهة نظرى تعد تلك الفترة هى بداية التحول من النظام الهرمى إلى نظام الشبكة، فعندما تم توجيه الضربة الأولى لتنظيم «الإخوان» فى عام ١٩٤٨ على يد حكومة إبراهيم باشا عبدالهادى، زعيم حزب الأحرار الدستوريين فى مصر انتقامًا منهم لاغتيالهم رئيس الوزراء آنذاك وزعيم الحزب محمود فهمى النقراشى ردًا على إقدام «النقراشى» على اتخاذ قرار بحل الجماعة.
لقد كانت تلك الأحداث التى انتهت بمقتل مؤسس الجماعة ومرشدها العام حسن البنا فى فبراير ١٩٤٩ هى بداية التفكير الحقيقى لانتقال الجماعة إلى أوروبا والتوغل فى القارة انطلاقًا من ألمانيا الغربية، آنداك، التى رحبت بوجودهم ردًا على قرار «عبدالناصر» الاعتراف بألمانيا الشرقية.
ومن ألمانيا بدأ الانتشار نحو سويسرا ثم بريطانيا ثم فرنسا وصولًا إلى كامل الأراضى الأوروبية.
بالطبع لحق بالتنظيم الدولى للإخوان تنظيمات أخرى منها «ميلى جروس» التركية، ولكن يظل التنظيم الدولى للإخوان هو الأكثر توغلًا والأقوى والأكثر خطرًا على مستقبل القارة.


■ لقد قررت القدوم إلى فرنسا وجزء مهم من عملك فى مركز دراسات الشرق الأوسط هو تحذير الرأى العام من تقويض جماعة الإخوان المسلمين للحياة فى أوروبا.. هل تعتقد أن السياسيين الفرنسيين يعملون بنفس طريقة عمل بعض السياسيين المنتخبين فى أوروبا الذين يتعاونون مع هذه الجماعات؟
- أعتقد أن التنظيم الدولى للإخوان يسير فى فرنسا بنفس النهج الذى سار به فى كافة دول أوروبا يحاول التنسيق مع قوى اليسار والخضر مقدمًا نفسه لهم باعتباره تنظيمًا يناضل من أجل الحرية وأنه مضطهد فى بلاده الأصلية، وبعضهم يقتنع بتلك النغمة والبعض الآخر يبنى قناعاته على أشياء أخرى كالاستفادة المادية على سبيل المثال وهو ما رأيناه متمثلًا حقيقة دامغة أمامنا فى فضيحة البرلمان الأوروبى، والحقيقة أننا أكدنا على تلك المعانى فى أكثر من مؤتمر داخل مجلس الشيوخ الفرنسى وفى نادى الصحافة فى باريس وميونخ وجنيف وعدد آخر من الندوات طوال سبع سنوات كاملة منذ تأسيس سيمو فى مارس ٢٠١٧.


■ هل لديك أمثلة محددة؟
- لا أستطيع أن أعطي أمثلة واضحة ومحددة، ولكن بالبحث فى سيرة بعض رؤساء الحكومات والوزراء فى فرنسا اتضح أن بعضهم عمل بعد انتهاء عمله كرئيس حكومة أو وزير محاميًا أو محاضرًا لدى بعض الدول وبرواتب تفوق الخيال، وأيضًا كتاب كبار كتبوا كتبًا ضد دول بعينها ثم تحولوا وكتبوا غزلًا فى الإمارة الصغيرة التى من وجهة نظرهم أصبحت مثالًا يحتذى فى قلب الخليج لما سموه بالتقدم والديمقراطية، وهو كلام مضحك بعض الشيء إذا تفحصنا واقع الحال هناك.


■ ما الأهداف الرئيسية لـ«الإخوان»، خاصة فى أوروبا؟
- هدف الإخوان الأساسى منذ حطت أولى قوافلهم فى أوروبا هو تحويل القارة إلى مركز آمن للعمل الإخوانى الجديد وفق الرؤية الجديدة التى حولت الجماعة من تنظيم هرمى إلى شبكة أخطبوطية لا يمكن القضاء عليها، ومن ثمَّ ضمان صمود التنظيم أمام أية محاولات لتدميره استيعابًا لدرس حكومة إبراهيم عبدالهادى فى عام ١٩٤٨ فى مصر وعبدالناصر عام ١٩٥٤ وحافظ الأسد فى ١٩٨٢، إلى آخر محاولات هدم الجماعة والقضاء عليها التى تمت من قبل حكام المنطقة العربية وانتهت بالفشل لأن التنظيم نجح منذ فترة بعيدة فى إيجاد حاضنة آمنة تضمن بقاءه مدى الحياة وهى القارة الأوروبية.
ومن خلال استراتيجية اختراق المؤسسات والأحزاب والشركات والجمعيات والتحالفات استطاعت الجماعة أن توجد لنفسها مكانة مهمة فى أوروبا وما زالت تسير على نفس النهج للسيطرة على كافة مفاصل العمل الاقتصادى والاجتماعى والسياسى فى القارة العجوز.


■ هل يمكنك أن تذكرنا بأصل تأسيس «الإخوان»؟ يشير عدد معين من الباحثين إلى دور الخدمات المخابراتية البريطانية فى تأسيسها؟
- جماعة الإخوان تأسست عام ١٩٢٨ عقب انهيار نظام الخلافة فى تركيا على يد «أتاتورك»، وقتها فقدت بريطانيا رجل تركيا المريض «الخليفة» الذى كان يتحكم فى كل الدول العربية والإسلامية الخاضعة لحكمه وكانت بريطانيا تستفيد من هذا الوضع عبر تعاملها مع رجل واحد، وعندما لاحت بوادر نشأة الدولة القومية وظهر وعد بلفور ومعاهدة سايكس بيكو التى قسمت الحدود بين الدول التى كانت خاضعة للخلافة العثمانية، ظهرت الحاجة إلى استبدال الخلافة بجماعة تستطيع من خلال توغلها فى العالمين العربى والإسلامى مستغلةً الدين وتستطيع أن تتحكم بريطانيا من خلالها فى هذين العالمين.
وبالفعل كانت فكرة «الإخوان» فكرة بسيطة جمعت بين ستة أشخاص يمتهنون مهنًا بسيطة تحت قيادة مدرس خريج مدرسة المعلمين هو حسن البنا الذى تلقفته لندن ومنحته عبر شركة قناة السويس مبلغ خمسمائة جنيه «وهو مبلغ كبير جدًا بمقاييس ذلك الزمان فى أربعينيات القرن الماضى» للشراء والصرف على أول مقر للجماعة بمدينة الإسماعيلية إحدى مدن القناة الممر الملاحى الدولى.


■ هل هذه الروابط لا تزال موجودة؟
- بالطبع.. وهى أهم الروابط فى منطقة أوروبا، ويكفى للتدليل على ذلك ما تقوم به بريطانيا لحماية الإخوان والمحاولات المستميتة التى يقوم بها قادتها لدفع النظام المصرى للصلح مع الجماعة.


■ إذن ليس من قبيل المصادفة أن إبراهيم منير أحد قادتهم الرئيسيين ظل موجودًا فى لندن حتى وفاته؟
- بالطبع.. إبراهيم منير كان يعيش فيها حتى توفاه الله فى وقت قريب «نوفمبر ٢٠٢٢»، والقضية ليست فى احتضانها لإبراهيم منير فى السابق أو لقنوات الإخوان وشركاتهم وجمعياتهم حاليًا «وهو ما يمكن ان يفرد له كتب عديدة» وطريقة استخدام لندن للجماعة فى تمرير أجندتها حول العالم، وهذه قصة شرحها يطول ربما نتحدث عنها طويلًا فى كتابى القادم.
■ بصفتك نائبًا مصريًا سابقًا، ربما لا يزال بإمكانك الوصول إلى معلومات سرية. ماذا يمكنك أن تخبرنا عن التمويل الحالى لـ«الإخوان»؟
- تنقسم مصادر تمويل الإخوان إلى نوعين:
الأول: ذاتى ويتم عبر دفع اشتراكات لكل عضو من أعضاء الجماعة وكذا العاملين منها فى جميع الدول وخاصة دول الخليج حيث تقدر تلك الاشتراكات بمئات الملايين من الدولارات.
الثاني: خارجى وينقسم إلى قسمين:
١- تبرعات وتتم من خلال أشخاص كأمراء ورجال أعمال وأيضًا بعض الدول.
٢- الاستثمارات: وهذه عديدة وممتدة داخل الوطن العربى والعالم الإسلامى وأوروبا والأمريكتين الشمالية والجنوبية، وهى أخطبوط مترامى الأطراف يمتد من السوبر ماركت إلى الشركات متعدية الجنسية إلى شركات الأوف شور إلى الجمعيات إلى تجارة الممنوعات فى أمريكا اللاتينية.
والخلاصة أن أموال واستثمارات الإخوان ودخولهم من تجارة الحلال والحج والعمرة والتبرعات وبناء المساجد والمدارس والجمعيات وصل إلى أكثر من مائتى مليار دولار موزعة على أكثر من عاصمة فى العالم عبر أخطبوط تديره شبكات مرتبطة فيما بينها برباط سرى، تكسوه وتحميه علاقات النسب والمصاهرة والمشاركة.


■ ومع ذلك، فإن الإخوان يحتفظون بصلات حقيقية مع جماعات إرهابية؟ ألم تحاول فى تاريخ ماضيها اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر؟
- بالطبع.. لم تنقطع صلة التنظيم الاخوانى بالإرهاب لحظة واحدة إذا اعتبرنا أن الإرهاب ليس فقط الإمساك بالسلاح وإجراء عمليات القتل والاغتيال والتفجيرات، وإنما التمهيد الحقيقى لهذه العمليات عبر أفكار تبررها وتجيزها وتدعمها وتدافع عنها وهى القضية الخطيرة التى يجب الانتباه لها ونحن نعالج قضية علاقة جماعة الإخوان بالإرهاب.
ناهيك بالطبع عن علاقتها بتنظيمات كالقاعدة وحتى داعش، فهذه الصلات تبدو غير مرئية ولكن بالبحث والتمحيص يتضح تواصل وتداخل الخيوط وأيضًا الروابط التى تربطهم ببعضهم البعض، وتلك أيضًا قضية واسعة ولكننا قتلناها بحثًا فى فصل بعنوان «الإخوان وقضايا الإرهاب»، وقد صدر ضمن كتاب «الأفكار الشيطانية» الصادر عن دار لارماتان للنشر فى فرنسا.
■ بعد ثورات «الربيع العربي»، وصل «الإخوان» إلى ذروتهم بلا شك. ماذا تركوا اليوم أو ما حالهم اليوم؟
- «الإخوان» لم يعد لديهم أى تأثير داخل الوطن العربى الآن وبخاصة مصر، ولكن التفاؤل يختفى عندما نعلم أن ذلك تم فى جزء كبير منه عبر قبضة أمنية حازمة وربما لو تراخت قليلًا لرأينا الجماعة مرة أخرى فى كل عواصم الوطن العربى، بإلاضافة إلى وجودها المكثف فى أوروبا رغم انكسار مشروعها فى بلادها الأصلية، وهو ما يؤكد على ما أقوله وأحذر منه دائمًا من خطورة تلك الجماعة على القيم الأوروبية والقيم الإنسانية بشكل عام وضرورة التكاتف الجاد من أجل التصدى لها ولأفكارها.

لا يتوفر وصف.