جلس يحدق في قطعة القماش التي في يده، يعمل طوال اليوم من أجل أن يجني قوت يومه، ففي ورشة قديمة بإحدى الحواري الضيقة في قاهرة المعز يعمل حسن عيسى الرجل الأربعيني في تصنيع "شنط المصاحف" التي تربى عليها منذ الصغر وأتقن فنونها، حتى صارت جزءًا من حياته لا يستطيع الاستغناء عنها.
يقول حسن: إن هذه المهنة القديمة تتميز بالعديد من الفنيات الفريدة التي لا بد من إتقانها حتى تخرج الشنطة بهذا الشكل الجمالي الفريد الذي يعكس جمال كتاب الله، حيث تمر بعدة مراحل في تصنيعها بداية من التقطيع مرورا بالطباعة والكتابة عليها ثم الحياكة التي تنتهي بهذا الشكل الفريد.
أكثر من ثلاثين عاما يعمل حسن في هذه المهنة بحي الجمالية، حتى أتقن العمل فيها بشكل مميز، إلا أنها في هذه الآونة الأخيرة صارت هذه المهنة تتراجع بشكل ملحوظ في العديد الدول، إلا أن دولة المملكة العربية السعودية هي المصدر الأكبر الذي يقدم على استيراد هذه المنتجات، وفي مصر تقتصر على أصحاب مكتبات الكتب.
حالها كحال الكثير من المهن اليدوية تعاني من التراجع وتواجه شبح الانقراض، حيث يرجع السبب لارتفاع أسعار الخامات التي يشترونها، الأمر الذي جعل الطلب عليها يقل بكثير، حيث يتذكر الرجل الأربعيني العمل منذ أكثر من 20 عامًا، حيث يكشف أنه كان يعمل بشكل متواصل لأكثر من 24 ساعة، ما تسبب في قلة العاملين بها والصناع، وهذا ما يتسبب في انقراضها بعد فترة قريبة للغاية.
ويعتبر شهر رمضان هو الموسم الذي يجني العاملون بهذه المهنة ثمار ما زرعوا طوال العام حيث يؤكد الرجل حسن أنهم كانوا يعملون لأكثر من ثلاثة أشهر تجهيزات لهذا الموسم، وأيضا عقب موسم الحج، إلا أنها اليوم لم تكن كبقية السنوات السالفة، وذلك بسبب عدم تصدير هذه المنتجات بشكل كبير للعديد من الدول الخليجية.