اتهمت الإدارة الأمريكية روسيا بعدم الالتزام باشتراطات وبنود اتفاق الحد من الأسلحة النووية بين البلدين، وقدمت الخارجية الأمريكية تقريرا للكونجرس الأمريكي قالت فيه إن روسيا قد خرقت اتفاق الحد من الأسلحة الاستراتيجية الجديد المعروف اختصار New Start treaty حيث أعاقت موسكو عمليات التفتيش والتحقق الواجبة بمقتضى الاتفاقية ورفضت المشاركة في الاجتماعات الخاصة بالتحقق من الالتزامات الواردة فيها.
وقال مسئولون في الخارجية الأمريكية للفاينانشيال تايمز إن الرفض الروسي لتسهيل إجراءات وأنشطة التحقق والمراقبة قد حالت دون قيام الولايات المتحدة بممارسة حقوق مهمة بموجب الاتفاقية وهو ما يهدد استمرار العمل بها وبقائها قيد التنفيذ فيما يتعلق بالحد من الأسلحة النووية الروسية والأمريكية.
وكانت الولايات المتحدة وروسيا قد اتفقتا في العام 2021 على تمديد العمل باتفاقية الحد من الأسلحة الاستراتيجية New Start لفترة جديدة مدتها خمسة أعوام وهي الاتفاقية التي تحظر على على البلدين امتلاك أكثر من 1550 مقذوفا نوويا استراتيجيا لكل مهما كحد أقصى.
ويعتبر المراقبون في واشنطن أن التصرفات الروسية - لا سيما بعد بدء العملية الخاصة في أوكرانيا في 24 فبراير 2022 – قد خلقت أجواءا من التشكك في إمكانية توصل موسكو وواشنطن إلى اتفاق لتجديد الاتفاق بحلول العام 2026 وهو أمر ينطوى على مخاطر عدة حيث يحرر كلا البلدين من أية التزامات تعاهدية تقضي بالحد من سباق التسلح والسيطرة على انتشار وتوسع ترساناتهما النووية في المستقبل القريب، كما يرى بعضهم احتمالية قيام روسيا باستخدام مقذوفات نووية تكتيكية في ساحة القتال في أوكرانيا.
وكان النواب الجمهوريون في الكونجرس الأمريكي قد طالبوا في الأسبوع الماضي عبر مذكرة موجهة للإدارة الأمريكية بتحديد مدى التزام روسيا باتفاقية الحد من الأسلحة الاستراتيجية في شقها النووي وأن تحدد الخارجية الأمريكية موقفا رسميا إزاء جدية التزام موسكو ببنود الاتفاقية، وذلك على ضوء قرار اتخذته موسكو أواخر العام الماضي بوقف كافة أنشطة التفتيش والتحقق المنصوص عليها في معاهدة ستارت – الجديدة وإلغاء موسكو لمشاركتها في أية اجتماعات تشاورية مع الجانب الأمريكي في هذا الصدد وهو ما يجافي بنود الاتفاقية نصا وروحا.
وقالت الفاينانشيال تايمز إنه على الرغم من ربط الموقف الأمريكي بصورة مباشرة بين اتهامات واشنطن لروسيا بشأن اتفاقية ستارت وبين الصراع الناشب بينهما على الساحة الأوكرانية، فإن روح العداء الظاهرة من جانب موسكو تجاه الغرب وعقوباته الخاصة بتوريد مستلزمات التسلح عالي التقنية لروسيا قد فاقمت من حدة الموقف المتوتر أصلا بين الطرفين.
وكشف سيرجيه رايبكوف نائب وزير الخارجية الروسي وكبير المفاوضين النوويين في معاهد الحد من الأسلحة الاستراتيجية في مقابلة – الخميس الماضي – مع صحيفة كوميسرانت الروسية أنه من غير المحتمل قيام روسيا باستئناف المحادثات المتعلقة بمعاهدة New Start طالما ظلت الولايات المتحدة داعمة لأوكرانيا، وقال المسئول الروسي في تصريحاته موجها الكلام إلى الإدارة الأمريكية " طالما لم تعدل الولايات المتحدة عن الخط العدائي بالغ الحدة تجه بلادنا وتكف عن سياسة حشد التهديدات ضد الأمن القومي الروسي ولا تصدر أية إشارات إيجابية في هذا الصدد.. يكون الالتزام من جانبنا ببنود معاهدة New Start غير مبرر بل ويفتقر إلى إلى التوقيت المناسب....".
ووقفا لتقارير إخبارية.. التقى رايبكوف أمس – الثلاثاء – مع سفيرة الولايات المتحدة الجديدة لدى موسكو ليان تراسى وبحث معها " بعض الموضوعات المثارة حول قضايا الحد من التسلح " وذلك بحسب بيان أصدرته الخارجية الروسية، وفي هذا الصدد رصدت الفاينانشيال تايمز في تقريرها أنه عندما وصلت السفيرة الأمريكية الجديدة إلى موسكو لتقديم أوراق اعتمادها للكريملن يوم الاثنين الماضي قوبلت وهي في طريقها إلى الكريملن بتظاهرة عاصفة حمل منظموها لافتات مكتوب عليها "أمريكا دولة إرهابية" مرديين تلك العبارة على مسمع ومرأى من السفيرة الأمريكية الجديدة.
وقالت الفاينانشيال تايمز فى تقريرها "إن ذلك قد حدث في العاصمة الروسية دونما أن تظهر شرطة مكافحة الشغب الروسية عصاها الغليظة لإنهاء تلك التظاهرة التي تعد أمرا غير معتاد في العاصمة الروسية ومجرّم وفقا للقوانين الروسية...... ".
وعلى الجانب الآخر قال مسئولون أمريكيون إن واشنطن لا تزال ملتزمة باتفاقية الحد من الأسلحة الاستراتيجية حاثين الجانب الروسي على معاودة الالتزام ببنودها والسماح بعمليات التفتيش والتحقق وإجراء ما يلزم من مشاورات مع الجانب الأمريكي مشيرين إلى أن أطقم التفتيش الروسية يتم التعامل مها بتعاون تام من الجانب الأمريكي وعلى الأرض الأمريكية وينتظرون أن تتم معاملة المفتيش الأمريكيين بالمثل على الأراضي الروسية.
كما أكدت الخارجية الأمريكية في بيان لها صد الليلة الماضية على أن "الولايات المتحدة لا تزال مستعدة للعمل البناء مع روسيا على مسار تحقيق الالتزام الكامل من الجانب الروسي لتنفيذ بنود معاهدة ستارت الجديدة.. فللتعاون في هذا الشأن مسار واضح.. وعلى الروس الالتزام به".