التنسيق بشأن الإفراج عن الحاويات المخزنة بالموانئ المصرية على رأس أولويات المتابعات التي تجريها مؤسسات الدولة، يرجع ذلك إلى التسهيلات التي تقدمها الوزارات لتسهيل الإجراءات للإفراج عن السلع الغذائية والاعلاف والادوية ومستلزماتها وكذا مستلزمات الإنتاج، والمواد البترولية والوقود وكل ما يخص مستلزمات الإنتاج للسلع الاستراتيجية وغيرها من البضائع المتنوعة التي تساهم في تراجع حقيقي لأسعار السلع بالسوق المصري.
في هذا الإطار وجه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي خلال اجتماعه مع المسؤولين من بينهم وزير النقل الفريق كامل الوزير، ووزير المالية الدكتور محمد معيط، بتشكيل لجنة مشتركة من الوزارتين؛ وذلك لوضع تصور وخطة لتيسير إنهاء الإجراءات وخروج الحاويات بالموانئ، بأقصى سرعة ممكنة، وتأتي هذه الخطوة بعد تسهيلات تم تقديمها من الحكومة لتيسير الإفراح عن الحاويات في الموانئ، مشيرا الى ان الحكومة تعمل على الإسراع من عمليات الإفراج والتأكد من عملية سير منظومة الشحن المُسبق بشكل فعّال، والعمل على توفير دعم فني دائم بالميناء وذلك لحل أي معوقات بشكل فوري، فضلا عن مواصلة التنسيق الدائم بين مصلحة الجمارك وهيئات الموانئ؛ للعمل على تذليل أية معوِّقات فيما يخص تداول البضائع الواردة.
من جانبه استعرض المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، السفير نادر سعد، موقف للبوالص المتراكمة في الموانئ، فضلا عن قيم البضائع المسجلة ضمن منظومة الشحن المسبق ACI، وكذا إجمالي المُفرج عنه من البضائع خلال الفترة من يوم 18 حتى 23 يناير 2023، والذي بلغ ما يزيد على 1.5 مليار دولار.
في بيان لمجلس الوزراء خلال ديسمبر 2022 اوضح انه في مستهل الشهر سالف الذكر وحتى يوم 23 من نفس الشهر تم الإفراج عن بضائع تقدر بـ 5 مليارات دولار من إجمالي بضائع تقدر بحوالي 14 مليار دولار متراكمة بالموانئ منذ بدء أزمة تراكم البضائع.
في هذا السياق قال محمد محمود عبد الرحيم، باحث بالمركز العربي الالمانى للدراسات ببرلين، أن الحل الأمثل ليس الافراج عن البضائع المستوردة في الموانئ فقط بل التحدى الأكبر هو ضمان استمرار عملية الاستيراد دون أي عوائق وخصوصًا لمستلزمات الإنتاج مع عدم اغفال ضرورة التشديد على بعض السلع الرفاهية والتي يمكن تجنب استيرادها.
وأوضح عبد الرحيم في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن الأولوية يجب أن تكون لمستلزمات الإنتاج والسلع الأساسية، المشكلة الحقيقة في تبطئ الإفراج عن مستلزمات الإنتاج؛ هي توقف المصانع عن الإنتاج مما يزيد التكلفة إلى حد كبير، بالإضافة إلى أن بعض المصانع قد تتجه للاستغناء عن بعض العمالة نتيجة توقف الإنتاج، كما أن عدم تدفق مستلزمات الإنتاج المستوردة قد يؤدي إلى خفض قيم الصادرات وبالتالي خفض المعروض الدولاري الناتج عن التصدير.
وألمح إلى أن حل الأزمة يتطلب معالجة سريعة تساعد على مواجهة التأثيرات السلبية على المصانع الوطنية، صحيح أن الإفراج الجمركي ليس هو بند التكلفة الأكبر للمصانع ولكنه جزء من التكلفة وبالتالي ضمان تدفق حركة استيراد مستلزمات الإنتاج قد يساعد في ضبط التكلفة بشكل جزئي وبالتالي انخفاض أسعار السلع التي بها نسبة مكون أجنبي، ولكن في نفس الوقت يجب التأكيد أن انخفاض الأسعار بشكل جذري مرتبط بعدة عوامل منها مدى أهمية المكون الأجنبي في المنتج النهائي ومدى توافر المعروض في الأسواق ومدى استقرار سعر الصرف وإمكانية التدبير الدولاري وبالتالي فإن الإفراجات قد تساهم في خفض نسبي لبعض الأسعار ولكنها لن تؤدي إلى تغير جذري وكبير، واعتقد أن أسلوب عمل اللجنة سيراعي اعلان قيم الافراجات وترتيب القطاعات وفقًا للأهمية النسبية.
وقال الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والاحصاء " ، أن خروج الحاويات من الموانئ أمر هام لأنه يخفض من تكلفة التخزين في الموانئ ويخفف العبء عن المستوردين وهو هدف أساسي من تطوير الموانئ المصرية وإصدار قانون الجمارك الجديد.
وأشار جاب الله في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، الى أن الدولة تسير على هذا النهج بحيث تتحول الموانئ المصرية الى نقاط عبور وليست نقاط تخزين، متابعا هناك جهود كبيرة حدثت سواء من ناحية تطوير الموانئ المصرية من الجوانب اللوجستية أو إصدار قانون الجمارك وغيره من التشريعات والقرارات، وقد كان من المنتظر أن ينعكس ذلك بصورة كبيرة على تحقيق هذا الهدف، ولكن كان هناك إخطارات من ضمنها إجراء الإخطار المسبق عن الشحنات وكذا إقرار الاعتماد المستندي باعتباره الوسيلة الوحيدة لتسوية الواردات وسداد ثمن الواردات هذين الاجرائين الذين كان لتطبيقها السريع تأثير في تأخير إنهاء إجراءات الشحنات في الموانئ ولكن تم التعامل مع هذين الاجرائين بالعودة إلى نظام وثائق السداد وفتح تأجيل التطبيق الخاص بإجراءات الإفراج المسبق عن الشحنات بالموانئ.
وأكمل اليوم نتابع تشكيل لجنة من رئيس مجلس الوزراء بشأن تيسير إنهاء إجراءات خروج الحاويات من الموانئ، وتصور أن هذه اللجنة ربما يكون لها دور تنسيقي بشأن ثمة عقبات بيروقراطية تقف أمام هذا الهدف ولكن اتمنى وأود أن يتم تطوير المنظومة التي تؤدي إلى الإفراج بصورة سلسة دون الحاجة إلى لجان أو مزيد من الكيانات الإدارية.
وأكد جاب الله أن تشكيل اللجنة هو شيء جيد على أن تكون اللجنة مؤقته تتعامل مع المشاكل وتضع الأطر التي تجعل من عملية خروج الحاويات أكثر سلاسة بصورة تلقائية بأبسط الإجراءات وأقل التكاليف.