تتصاعد المخاوف الداخلية، والدولية، من احتمالات أن تواجه باكستان تحديا دمويا جديدا، على أثر النشاط المتزايد لطالبان باكستان، والتواطؤ الواضح من قبل طالبان الأفغانية، بعد أن تحولت إلى نظام حكم يسيطر على تلك الدولة الواقعة فى آسيا.
الاتهامات لطالبان الحاكمة فى أفغانستان، ربما لا تستند إلى دليل واضح، وإنما ترتكن إلى استنتاجات ترى أن إصرار طالبان أفغانستان على انتهاج أسلوب متشدد فى الحكم، وهو ما بدا واضحا فى قراراتها، وآخرها حظر التعليم الجامعى للنساء، بالإضافة رعايتها للعناصر الجهادية العالمية حتى الآن.
ولا يمكن إغفال أن أفغانستان تحولت، بعد تولى طالبان للسلطة، إلى ملاذ لجماعات الإرهاب العالمية والإقليمية، مثل: عناصر القاعدة، وهو ما يعزز الاتهامات الموجهة إليها بتحريك عناصر طالبان باكستان، التى تسعى إلى الإطاحة بنظام الحكم فى الدولة الباكستانية.
الرئيس الأفغانى السابق حامد كرزاى، أكد تلك المعلومات بشكل لا لبس فيه خلال لقاء تليفزيونى، حيث قال: «لا ينبغى ترك أفغانستان لتتحول إلى ساحة معركة».
وإذا أضفنا إلى ما سبق، إعلان حركة طالبان باكستان (TTP)، فى نوفمبر الماضى خرق اتفاق وقف إطلاق النار، الموقع فى وقت سابق مع باكستان، بدعوى وقوع هجمات من قبل قوات الأمن، تبدو الصورة واضحة بشأن مخاوف إسلام أباد من أن تجد نفسها أمام تحد دموى خطير يهدد أمنها، خاصة أنه لا يمكن نسيان أن حركة طالبان أطلقت سراح ٢٢٠٠ عنصر تابع لطالبان باكستان، يتضمن كبار قادتهم، مثل: فقير محمد، هذا فضلا عن إطلاق سراح أكثر من ٤٠٠٠ إرهابى باكستانى من سجون مختلفة فى أفغانستان.
التقارير الواردة من أفغانستان تشير كذلك إلى أن حركة طالبان الباكستانية شكلت بالفعل حكومة موازية فى خيبر بختونخوا، حتى أنها قسمت المقاطعة إلى منطقتين لهذا الغرض، ما يعنى أنها بصدد تنفيذ عمليات إرهابية ضد السلطة فى باكستان، الأمر الذى يعزز المخاوف فى هذا الشأن.
الأكثر خطورة فى هذا الإطار هو ما يتواتر عن تصاعد الأنشطة الإرهابية فى المناطق القبلية داخل خيبر بختونخوا، وبلوشستان، وانضمام الانفصاليين البلوش إلى عناصر (TTP)، إذ إن الاتحاد ضد الدولة الباكستانية سيؤدى إلى إشعال تلك المنطقة بأكملها، وتحويلها إلى جحيم.
ولعل الرهان الذى تلعبه حركة طالبان الحاكمة فى أفغانستان، وهو السعى لكسب تعاطف المواطنين الأفغان والقوميين البشتون داخل باكستان، من خلال المساعدة فى المزيد من الخطط المعادية للسلطة فى إسلام أباد، سيكون سببا إضافيا فى بلوغ اللحظة الحرجة بتلك المنطقة، وهو ما يهدد أمن العالم وليس قارة آسيا وحدها.
لا مجال لصراعات جديدة
واستبعد الدكتور فتحى العفيفى أستاذ الفكر الاستراتيجى بجامعة الزقازيق، احتدام الصراع بين باكستان وطالبان الأفغانية، فى ظل المعطيات التى يعيشها العالم حاليا، سياسيا واقتصاديا.
وقال إن العالم لا يحتمل حاليا تفجر صراع جديد فى أى منطقة من كوكب الأرض، لذا فإن القوى ذات التأثير ستتدخل فى الوقت المناسب، للحد من التوتر وتخفيف الآثار المحتملة لاندلاع نزاع عسكرى، يكلف العالم مزيدا من الاضطرابات.
ولفت العفيفى إلى أن طالبان أفغانستان تدرك أنها غير قادرة حاليا على معاداة جيرانها، وبالتالى فإنها حتى وإن كانت تدعم طالبان باكستان كما تتصور إسلام أباد، فإن هذا الدعم لن يصل إلى مرحلة السماح باندلاع نزاع عسكرى، لأن السلطة القائمة فى كابول تدرك أنها لن تكون قادرة فى الوقت الراهن على تحمل تبعات مثل هذا الصراع، الذى سيمتد إليها شاءت أم أبت.
وتابع: «اندلاع نزاع بين باكستان وطالبان الباكستانية، يعنى أن تضطر طالبان الحاكمة فى كابول إلى مناصرة ودعم طرف ضد الآخر، وإذا قررت دعم طالبان الباكستانية، فهذا يعنى أنها ستدخل فى صراع ضد الجيش الباكستانى، وهى غير قادرة على خوض معركة نظامية، وإذا دعمت إسلام أباد فهذا يعنى دخولها فى معركة طويلة الأمد ضد طالبان الباكستانية، وفى الحالتين ستكون النتيجة هى عودة طالبان الأفغانية للصراع الميدانى، وهو ما يهدد قدرتها على التحول لنظام حكم ثابت القدمين.
سياسة
هل تواجه باكستان تحديًا دمويًا بسبب جناحي طالبان؟.. كرزاي: لا ينبغي ترك البلاد لتتحول إلى ساحة معركة.. وخبير استراتيجي: العالم لا يحتمل حاليًا تفجر صراع جديد في أي منطقة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق