الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

هجرة الأطباء تهدد تطبيق «التأمين الصحى الشامل».. «صحة الشيوخ» توصى بسرعة توفير بيئة عمل مناسبة للطواقم الطبية.. النقابة: حل الأزمة يبدأ بتحسين الرواتب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ناقشت لجنة الصحة والسكان بمجلس الشيوخ برئاسة الدكتور عمرو حجاب، وكيل اللجنة، خلال الأيام الماضية، الاقتراح برغبة المقدم من النائب الدكتور محمد صلاح البدرى، بشأن "استبقاء الأطباء للعمل داخل مصر، والإجراءات الحكومية لتحسين بيئة العمل داخليًا"، وذلك بحضور ممثل وزارة الصحة والسكان الدكتور حازم الفيل، رئيس قطاع الرعاية العلاجية، والدكتورة علا خير الله رئيس قطاع التدريب والبحوث، والدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي للوزارة.

وقال النائب محمد صلاح البدري مقدم الاقتراح برغبة، إن العنصر البشري يُعد أحد أهم أضلاع المنظومة الطبية، وأننا نعاني منذ فترة طويلة من نقص في عدد الأطباء العاملين على أرض الواقع وليس في العدد الإجمالي، وأن الأمر يعود إلى هجرة عدد ليس بالقليل من الأطباء للعمل بالخارج لأسباب متعددة، أهمها دون شك هو تدني العائد المادي للطبيب في مصر فضلًا عن اختلاف بيئة العمل.

وأوضح، أن الدراسات الإحصائية تشير إلي أن هناك عجزًا حقيقيًا في عدد الأطباء بالنسبة لعدد السكان تم رصده في مصر مؤخرًا، حيث وصلت النسبة في مصر إلى طبيب لكل 1162 مواطنًا، ومما يثير القلق أن دول العالم أصبحت تتكالب على الطبيب المصري، الذى أثبت جدارة وتفوقًا ملحوظًا بامتلاكه خلفية علمية متميزة وقدرة على الإبداع والتفوق، وهو ما يؤثر بشدة على الأمن القومي المصري، بالإضافة إلى رصد عدد ليس بالقليل من شباب الأطباء يسعون إلى معادلة شهاداتهم والبحث عن فرص عمل في الدول الأوروبية والعربية، وأن أزمة فيروس كوفيد كانت كاشفة لأهمية القوة البشرية في مجال الرعاية الصحية.

وأضاف، أن الأمر هو الذي استدعي معظم دول العالم لاتخاذ إجراءات من شأنها الحفاظ علي الأطباء العاملين بها، ومحاولة استقطاب المزيد للعمل على أراضيها، وحيث إن خطط الجذب وإجراءات الإبقاء للأطقم الطبية قد أصبحت متنوعة ومختلفة على مستوى العالم، فوجود خطة محكمة للعمل على هذا الملف قد باتت ضرورية بل وعاجلة.

وطالب الدكتور محمد البدري مقدم الاقتراح برغبة، باتخاذ الحكومة كافة الإجراءات لتحسين بيئة عمل الطواقم الطبية واستبقائهم للعمل داخل حدود الوطن.

ومن جانبه، أوضح ممثلو الحكومة أن هيئة الرعاية الصحية تسعى إلى توفير الحافز المادي المناسب للأطباء بتعليمات من القيادة السياسية بإعادة النظر في جداول الأجور، وهذا ما حدث في المحافظات التي تم تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل بها برفع أجور الأطقم الطبية بشكل كبيرٍ بما يتناسب مع عملهم، وأنّ التقدير المعنوي أصبح موجودًا في مصر الآن لكل الأطقم الطبية، خاصّة بعد جائحة "كورونا" التي أكدت دورهم الإنساني الكبير.

وتابع ممثلو الحكومة، أنه بشأن التطوير الطبي المستمر نجد أن هيئة الرعاية الصحية تنسق باستمرارٍ مع الزمالة المصرية والجامعات في مصر لاستمرار التعليم الطبي للأطباء، كما شددت الهيئة في شروط تعيين رؤساء الأقسام بمستشفيات المنظومة الجديدة للتأمين الصحي على أن يكون حاصلًا على درجة الدكتوراه أو الزمالة المصرية لكي نضمن أن يكون هناك تدريبٌ داخل المنشأة الصحية.

وفي السياق ذاته، أكد أعضاء لجنة الصحة والسكان بمجلس الشيوخ، أن هجرة الأطباء تُمثل أزمة كبيرة داخل أروقة المستشفيات الحكومية، مشيرًا إلى أن ملف الصحة يجمع كل الملفات كل الملفات السياسية والمجتمعية والتي تخص المواطنين لأنه عامل مؤشر لأداء الحكومة والنظام السياسي في إرضاء المجتمع عنه.

وأشار أعضاء لجنة الصحة والسكان بمجلس الشيوخ، إلى أن هجرة الأطباء تهدد تطبيق مشروع التأمين الصحي الشامل الذي يعد المشروع الأكبر الذي تسعى القيادة السياسية لتنفيذه، نظرًا لأن عدد الأطباء لن يكون كافي في بعض المحافظات لتشغيل المنظومة، بسبب ارتفاع معدل هجرة الاطباء، الأمر الذي يستوجب البحث الجاد عن حلول لمعالجة هذه المشكلة، ويجب على الحكومة التدخل لحل تلك الأزمة والتصدي لها من خلال تعديل هيكل رواتب الأطباء وإيجاد بيئة العمل المناسبة لجميع الكوادر الطبية.

وفي نهاية الاجتماع أوصت اللجنة بسرعة اتخاذ الحكومة كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لتحسين بيئة العمل داخل مصر واستبقاء الأطباء للعمل وعدم سفرهم، كما أوصت اللجنة أيضًا بسرعة تنفيذ ما اتخذته الحكومة من إجراءات لتحسين بيئة عمل جميع الطواقم الطبية داخل مصر ومتابعة تنفيذ هذه الإجراءات ومراقبتها، لضمان الحد من ظاهرة هجرة الأطباء.

وفي سياق متصل، قال الدكتور أيمن سالم، عضو مجلس النقابة العامة لأطباء مصر، إننا نتحدث منذ زمن عن هجرة الأطباء، ويحب أن نعالج الأسباب الأساسية وحل هذه الأزمة.

وأضاف "سالم" في تصريح خاص، لـ"البوابة نيوز"، أن من أهم أسباب هجرة الأطباء العائد المادي ولا يمكن أننا كنا نصدق أن الطبيب حينما يتخرج من كلية الطب بعد سنوات تعب وإجهاد وعبء عليه وعلى والديه  بعد ذلك يستلم وظيفته ويتقاضي مبلغا ضئيلا لا يساعده علي مصاريف تدريب في "الدراسات العليا".

وأوضح، أن الطبيب الشاب يحتاج أن يعيش حياته كأي إنسان طبيعي، يحتاج أن يتزوج وأن يبني أسرة وكيف يحدث هذا وهو يتقاضى راتبا لا يكفي أنه يعتمد عليه في بناء أسرة.

وتساءل عضو مجلس نقابة الأطباء: متي يبقي الطبيب محبًا للعمل داخل بلده؟، مجيبًا: "حينما يتقاضى راتبا منافسا للدول الخارجية لكي نحافظ علي أطبائنا داخل بلدهم".

وتابع: الاهتمام بتدريب الأطباء، وفعليا الدولة تحاول إنشاء المجلس الصحي المصري والعمل عليه، وتأمين المستشفيات والحد من الاعتداءات على الأطقم الطبية والمعدات الموجودة بالمستشفيات، واختتم: "يجب أن تكون هناك بيئة آمنة للطبيب أثناء العمل".

على صعيد متصل، قال الدكتور إيهاب الطاهر، عضو مجلس نقابة أطباء مصر، إن هناك تزايدا في معدل هجرة الأطباء من مصر فى السنوات الأخيرة، مما نتج عنه عجز فى أعداد مقدمى الخدمة الصحية بمصر خاصة ببعض التخصصات التى تحتاج جهدا أكبر وخطورة أعلى فى ممارستها، فتدنى الأجور يعتبر على رأس عوامل الطرد من مصر، حيث إن الطبيب الشاب لا يستطيع أن يعيش بالحد الأدنى من الحياة الكريمة، فلا يعقل أن يكون إجمالي مرتبه لا يصل إلى ثلاثة آلاف جنيه وأن تكون قيمة النوبتجية لمدة 12 ساعة متواصلة هى 45 جنيها وخلال ساعات عمله الشاقة يواجه بالعديد من الأخطار مثل التعرض المباشر للعدوى ناهيك عن الاعتداءات المتكررة وتحميله عبء نقص أى مستلزمات.

وتابع "الطاهر": "أبسط قواعد الإقامة الكريمة غير موجودة بمعظم المستشفيات، فلا يخفى علينا الحالة المتردية لمعظم أماكن إقامة الأطباء بالمستشفيات، وتدني المعاشات أيضا ضمن العوامل المهمة، فكيف يعيش طبيب أفنى عمره فى العمل ثم خرج على المعاش مقابل 2500 جنيه لن يكفوه لشراء علاجه الشهرى، والجدير بالذكر أن النقابة قدمت مشروعا بإنشاء صندوق للمعاش التكميلى أسوة بالعديد من الجهات الأخرى ولكنه ما زال حبيس الأدراج منذ سنوات.

وأردف: "بالطبع ليس التقدير المادى فقط ما يعانيه الطبيب المصرى، بل أيضا الحملات المتكررة التى نراها تنطلق خاصة كلما طالب الأطباء بحق من حقوقهم، فيتم اتهامهم بالإهمال ووضعهم كبش فداء لجميع أسباب قصور المنظومة الصحية، مما أدى تدريجيا لاستعداء وشحن المجتمع ضدهم وتسبب فى تزايد حالات الاعتداء على الأطباء دون وجود قوانين رادعة لحمايتهم أثناء عملهم، وعلى الرغم من قيام نقابة الأطباء بتقديم مشروع قانون للبرلمان بتشديد عقوبة الإاعتداء على المنشآت الطبية والعاملين بها إلا أن هذا المشروع حبيس أدراج البرلمان منذ سنوات.

واستطرد: "العجيب أيضا أن يتم محاسبة الأطباء فى قضايا أخطاء المهنة بموجب قانون العقوبات فى سابقة لا تحدث فى أى من دول العالم التى تحرص على منظومتها الصحية، ففى دول العالم توجد قوانين خاصة للمحاسبة الطبية للتفريق بين المضاعفات المرضية وبين الخطأ الطبى وبين الإهمال الجسيم أو ما نسميه الجرائم الطبية، وقد قامت نقابة الاطباء بتقديم مشروع قانون للمسئولية الطبية يحفظ حق الطبيب وحق المواطن بطريقة علمية دون الانجرار لحملات التشهير التى لا تؤدى إلا لفقدان الثقة بعموم الأطباء بل والحط من قدر المنظومة الصحية المصرية فى عيون العالم، إلا أن مشروع القانون ما زال قيد الدراسة منذ سنوات بمجلس النواب، مما جعل ممارسة العمل الطبى بمصر محفوفة بالمخاطر فكيف سيقبل الطبيب  مثلا على علاج حالة معقدة نسبة شفائها قليلة وهو يرى سيف السجن مسلطا على رقبته!؟

وأكمل: "فى الوقت الذى نجد فيه تعرض الأطباء فى مصر لكل هذه المعوقات التى تجعل بيئة العمل طاردة لهم من بلدهم،  فإننا فى المقابل نجد أن الدول الأخرى تعرف قدر الطبيب المصرى وأمانته وجديته فتضع له المحفزات وعوامل الجذب، من تسهيلات فى السفر إلى أجر كريم وبيئة عمل لائقة ونظام محاسبة علمية ولوائح عمل دقيقة تحفظ الحقوق والواجبات، مما جعل وتيرة هجرة الأطباء للخارج تتزايد.

وتابع: المشكلات التى أدت لتزايد هجرة الأطباء معروفة وحلولها أيضا معروفة وهى ببساطة تكمن فى علاج الأسباب بشكل حقيقى، وليس بدفن الرؤوس بالرمال ومحاولة البحث عن أى حلول غير منطقية، فبالطبع ليس حلا أن يفكر البعض فى زيادة عدد المقبولين بكليات الطب أولا لأننا نحتاج حوالى 14 سنة منذ دخول طالب الطب للكلية حتى يصبح طبيبا متخصص وثانيا وهو الأهم أنه مهما زاد عدد الخريجين  فسيلحقون بمن سبقهم للخارج طالما بقيت نفس المشكلات موجودة.

وأكد أنه مهما كانت تكلفة الحلول الجذرية فهى تتضاءل أمام أهمية الأمن القومى الصحى للشعب المصرى.