صورنا الفيلم فى بيئة عدائية وغير آمنة.. وتحركنا من خلال سيارات واقية من الرصاص
الحركة الإرهابية رصدت فريق الفيلم وانتظرت عودتنا لمعسكرات النازحين.. واخترنا التصوير فى «الصفيح» الأكثر أمانًا
مغامرة صحفية محفوفة بالمخاطر من داخل أرض الصومال، خاضها فريق مهنى قرر نقل واقع ما يحدث في مخيمات النازحين بالصوت والصورة، من خلال الفيلم الوثائقي «شابيلا».
و«شابيلا» هو الإقليم الأخطر والأكثر بؤسًا في الصومال، وهو اسم الفيلم الذي عُرض مؤخرًا على شاشة فضائية «القاهرة الاخبارية»، ليدخل به فضاء الإعلام المصري عصرًا جديدًا من إنتاج الوثائقيات، ويتحدث الدكتور محمد سعيد محفوظ، كاتب ومخرج العمل، لـ«البوابة نيوز» عن كواليس التصوير، والفكرة، والتحديات، وكذلك ردود الفعل الأولى بعد عرض العمل. فإلى نص الحوار..
* في البداية، حدثنا عن ردود الفعل حول الفيلم؟
- عادة عندما أعمل على فيلم، يكون كل ما يشغلني هو قصته، وإذا لم أركز في القضية وأنفعل بها، وأتفاعل مع أبطالها، فلن أكون صادقًا في تناولها، ولن تصل للجمهور، لهذا لا أفكر مُطلقًا في رد الفعل المتوقع بعد عرض الفيلم، أفكر فقط في أن أجيد التعبير عن القصة، وأخلص في توصيل الرسالة، وأكون مُطمئنًا حينذاك أن العمل سيصل إلى قلوب وعقول المشاهدين، وسيكون رد الفعل جيدًا، وهذا ما حدث مع «شابيلا»، فرد الفعل كان أقوى بكثير مما توقعت، سواء من الجمهور أو الصحفيين والنقاد.
* وكيف كانت كواليس تصوير الفيلم، بداية من الفكرة إلى التنفيذ؟
- فكرة الفيلم ليست سرًا، الجميع يعلم بالمأساة، ولكن لكي يغامر أحد بالذهاب إلى هناك، لينقل الصرخة من الضحايا أنفسهم إلى العالم، كنا بحاجة إلى عقل مهني وضمير وطني، وهذا ما وجدته عند أحمد الطاهري، الذي اختار الصومال على وجه التحديد لكي نبدأ منها سلسلة الوثائقيات على قناة «القاهرة الإخبارية»، وأبدى حماسًا مُذهلًا للفيلم، وألح في سرعة تنفيذه، ولم تستغرق الاستعدادات سوى أيام قليلة، حتى كنا ننطلق باتجاه مقديشو.
كان الاختبار الأصعب والأجرأ هو أن ننفذ الفيلم في هذه البيئة العدائية وغير الآمنة بإمكانات السينما، وبالفعل اصطحبنا المعدات بالكامل من مصر.
* وكم كان عدد فريق العمل؟ وماذا عن عملية التأمين؟
- كان فريق التصوير يتكون من ثلاثة أفراد من مصر وأربعة من الصومال، وتحركنا باتجاه المعسكرات برفقة قوة من الأمن الخاص، داخل سيارات واقية من الرصاص، وكانت تحركاتنا حذرة وتسبقها تحريات كثيرة، ولكن في النهاية تمت المهمة على خير.
وكانت عملية التأمين من أهم النقاط التى وضعناها في الاعتبار، بالإضافة أيضًا الى أنها الأعلى كُلفة في عملية إنتاج الفيلم، ففي الصومال من الصعب أو المستحيل ألا يرافقك تأمين أثناء التصوير.
* هل سنشاهد أفلامًا من هذه النوعية في الفترة المقبلة بشكل أكبر؟
- تم إنتاج هذا الفيلم ليكون صالحًا للعرض السينمائي، وليس التليفزيوني فقط، وقبل أكثر من عشر سنوات أذكر أنني كنت ضيفًا على أحد البرامج تعليقًا على أحد أفلامي آنذاك، وعبرت عن أملي في أن نجد في مصر البيئة والدعم ليصل الفيلم الوثائقي لجمهور السينما، وها قد جاءت هذه اللحظة، أظن أن الفيلم الوثائقي ولد في مصر من جديد، وسيكون حظه أفضل بكثير خلال الفترة المقبلة، وستكون هناك ثورة حقيقية في الأفكار والأسلوب واللغة، وأثق في أن لحظة شراء تذكرة سينما من أجل فيلم وثائقي اقتربت.
* وما المدة التى استغرقها تصوير الفيلم؟ ولما تركز التصوير في معسكر الصفيح أكثر؟
- تصوير الفيلم استغرق ما يقرب من 3 أسابيع ما بين الاتفاق علي تنفيذه وتصويره وتسليمه، أما عن مناطق التصوير، والتصوير كان في أربعة أماكن، فهي معسكر القبور، ومعسكر كمد، ومعسكر الصفيح، ومعسكر المحاربين القدماء، بالإضافة لشوارع مقديشيو، وتم التصوير داخل المعسكرات، بالإضافة إلى التصوير من الجو.
وزرنا عددا من الأماكن، وكنا بعدها نسمع عن عمليات إرهابية في محيطها، مثلما حدث مع الفندق الذي كان يقيم به فريق الفيلم، وكنا نريد أن نذهب للعديد من الأماكن ولكن رفضها الفريق الأمني، وكان رفضه في محله، خاصة وأن الحركة الإرهابية رصدت فريق الفيلم وكانت تنتظر عودته لمعسكرات النازحين، وعندما علمت الحراسة بالأمر منعت الفريق من الذهاب إلى هناك، وهو ما دفع فريق الفيلم للتصوير في معسكر الصفيح والذي يعتبر أكثر أمانًا.
* ولماذا اخترت «شابيلا» كعنوان للفيلم؟
- أكبر تحدٍ يواجه صانع الفيلم عادة هو اختيار العنوان، وأنا أميل دائمًا إلى أن يكون الاسم لافتًا ومميزًا ومثيرًا للأسئلة وغير مسبوق، والحقيقة أنني بدأت تصوير هذا الفيلم قبل أن أستقر على عنوانه، وخطر على بالي أن يحمل الفيلم اسم الإقليم الأخطر والأكثر بؤسًا في الصومال، وهو مسرح الأحداث الحقيقي الذي أتى منه الأبطال، ومن ثم قررت أن أسمى الفيلم «شابيلا».