بعد رحلة من الإثارة والمتعة والندية، عشناها على مدار شهرًا، مع مباريات في كأس العالم قطر 2022، بمشاركة 32 منتخبًا، لم يتبق سوى خطوة واحدة على إسدال الستار على منافسات البطولة الأعظم في عالم الساحرة المستديرة، بالمبارة النهائية التي تجمع المنتخب الأرجنتيني ونظيره الفرنسي، مساء اليوم لأحد، في تمام الساعة الخامسة مساء على استاد لوسيل.
مباراة اليوم بين الأرجنتين وفرنسا، تمثل حلما لا يقبل القسمة على اثنين، فالأول يسعى لاستعادة اللقب الغائب منذ 36 عامًا، بقيادة قائد التانجو ليونيل ميسي في ختام مشواره الدولي، والأخير في رحلة الحفاظ على اللقب وتحقيق رقم قياسي جديد كثالث منتخب يُتوج بالمونديال في نسختين متتاليتين، بعد إيطاليا في 1934 و 1938 والبرازيل في 1958 و 1962.
ويبحث المنتخب الأرجنتيني، في مشاركته المونديالية الثامنة عشر والثالثة عشر على التوالي، عن استعادة لقب بعمر قائد الفريق ليونيل ميسي، والذي يختم مسيرته الدولية مع منتخب التانجو التي امتدت على مدار أكثر من 18 عام، ويخوض المنتخب الأرجنتيني، النهائي المونديالي السادس، بعد حصد لقبين عامي 1978 و 1986، وحلوله وصيفًا في ثلاث نسخ أعوام، 1930 و 1990 و 2014.
على الجهة الأخرى، يسجل المنتخب الفرنسي، مشاركته المونديالية الخامسة عشر والسابعة على التوالي، باحثًا عن الحفاظ على اللقب، كثالث منتخب يُتوج بالبطولة في نسختين متتاليتين، بعد إيطاليا والبرازيل، الأمر الذي يجعل ديديه ديشامب مدرب الديوك، يحقق إنجاز لا يُشاركه فيه سوى فيتوريا بوتسو، مدرب إيطاليا الذي قاد الأتزوري لحصد لقبي 1934 و 1938.
ويتساوى المنتخب الفرنسي، مع نظيره الأرجنتيني في عدد بطولات كأس العالم برصيد بطولتين أعوام 1998 و 2018، فيما كان وصيفًا مرة واحدة أمام إيطاليا في مونديال 2006، وجاء ثالثًا عامي 1958 و 1986، وجاء رابعًا في مونديال 1982.
صراع خاص بين ميسي ومبابي
يقدم ميسي، بعمر الـ35 عامًا، أفضل مواسمه على المستوى الدولي، محرزًا 16هدفا بقميص الأرجنتين خلال عام 2022، وهو الرقم الأعلى منذ بداية مسيرته الدولية، يأتي البرغوث الأرجنتيني، في صدارة هدافي مونديال قطر 2022، برصيد 5 أهداف مناصفة مع مبابي، فتى فرنسا الذهبي، وكان لميسي الدور الأبرز في وصول الأرجنتين إلى المباراة النهائية، بالمشاركة في تسجيل 5 أهدف وصناعة 5 آخرين، من أصل 12 هدفًا سجلهم هجوم التانجو في 6 مباريات بمونديال قطر 2022.
ومن المقرر أن يعتمد مدرب الأرجنتين، ليونيل سكالوني، على ميسي كالعادة في قيادة هجوم الأرجنتين، في التشكيل المتوقع الذي يأتي على النحو التالي: حارس المرمى: إيمليانو مارتينيز.. خط الدفاع: ناهويل مولينا - كريستيان روميرو - نيكولاس أوتاميندي - نيكولاس تاجليافيكو.. خط الوسط: دي ماريا - رودريجو دي بول - إنزو فيرنانديز - ماك أليستر.. الهجوم: ليونيل ميسي - جوليان ألفاريز.
وينافس مبابي، زميله بفريق باريس سان جيرمان، ليونيل ميسي، على صدارة هدافي مونديال قطر 2022، ولكن الأمر لن يتوقف على المنافسة على لقب الهدف فحسب، بل سيمتد إلى المنافسة على جائزة أفضل لاعب في البطولة، فكلايهما كانا اللاعب الأفضل على مدار مباريات البطولة، وستكون المباراة النهائية بمثابة الفصل في ترجيح كفة أحدهما على الآخر.
ويقود مبابي، صاحب الـ23 عامًا، هجوم الديوك لمواجهة الأرجنتين، في التشكيل المتوقع الذي يأتي على النحو التالي: حراسة المرمى: هوجو لوريس الدفاع: ثيو هيرنانديز- رافائيل فاران- إبراهيما كوناتي- جول كوندي خط الوسط: أوريلين تشواميني- يوسوف فوفانا- أنطوان جريزمان. خط الهجوم: كيليان مبابي- عثمان ديمبيلي - أوليفييه جيرو.
مشوار الأرجنتين نحو النهائي
مشوار المنتخب الأرجنتيني نحو المباراة النهائية، واجه شبح الخروج المبكر من دور المجموعات، بعد الخسارة من السعودية بهدفين مقابل هدف، في مباراة الجولة الأولى، لتكون الهزيمة بمثابة صدمة دفعة ميسي وزملائه، إلى تقديم أفضل ما لديهم، ليحقق بعدها راقصو التانجو 5 انتصارات متتالية.
وتأهل المنتخب الأرجنتيني، في صدارة المجموعة الثالثة، برصيد 6 نقاط، بعد الفوز على المكسيك بهدفين في الجولة الثانية، والفوز على بولندا بالنتيجة ذاتها، ليضمن ممثل أمريكا الجنوبية الاستمرار في مونديال قطر 2022، ليضرب موعدًا مع المنتخب الأسترالي في دور الـ16.
ونجح المنتخب الأرجنتيني في تجاوز عقبة المنتخب الأسترالي، عقب الفوز بهدفين مقابل هدف، ليصطدم بالمنتخب الهولندي في ربع النهائي، في مباراة مليئة بالإثارة والمتعة امتدت للأشواط الإضافية، بعد عودة الطواحين الهولندية في الدقيقة الأخيرة من عمر المباراة، والتي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدفين لكل فريق، لتنتهي المباراة الدراماتيكية بفوز راقصي التانجو بركلات الترجيح بنتيجة 4-2.
وبحذر شديد دخل ميسي ورفافه مواجهة نصف النهائي، والتي جاءت أمام كرواتيا، مُخرج البرازيل، من ربع النهائي، وهو المنافس التقليدي للأرجنتين، ليتمكن راقصوا التانجو من الفوز بثلاثية دون رد، والثأر من هزيمة الكروات خلال الجولة الثانية من دور مجموعات، مونديال روسيا 2018، والذي شهد على فوز كرواتيا بالنتيجة ذاتها.
مشوار فرنسا حتى النهائي
دخل منتخب فرنسا، مونديال قطر 2022، متخوفًا من لعنة حامل اللقب، والتي لازمة أبطال العالم على ما يقرب من 25 عامًا منذ مونديال 1998، وما زاد من مخاوق الديوك، هو كثرة الإصابات التي واجهتها قبل انطلاق البطولة وعلى رأسهم كريم بنزيما، أفضل لاعب في العالم خلال العام الماضي، وعمودي خط الوسط نجولي كانتي، نجم تشيلسي الإنجليزي، وبول بوجبا، نجم يوفنتوس الإيطالي.
ومثلما قص المنتخب الفرنسي، شريط لعنة حامل اللقب، بعد الخروج من دور مجموعات مونديال كوريا واليابان 2002، عقب الفوز بمونديال فرنسا 1998، عاد منتخب الديوك وقتل اللعنة ونجح في الاستمرار في المونديال حتى المباراة النهائية، بعد افتتاح مشواره في البطولة بفوز عريض على أستراليا بأربعة أهداف مقابل هدف، والفوز على الدنمارك بهدفين مقابل هدف، والخسارة من تونس بهدف، في ختام دور المجموعات.
وتأهل المنتخب الفرنسي، إلى دور الـ 16 في صدارة المجموعة الثالثة برصيد 6 نقاط، ليضرب موعدًا مع المنتخب البولندي، ويحقق فوزًا بثلاثة أهداف مقابل هدف، ليكون المنتخب الفرنسي على موعد مع مواجهة نارية أمام المنتخب الإنجليزي، والتي حُسمت لصالح الديوك بهدفين مقابل هدف.
وباستخدام واقعية ديديه ديشامب، أوقف المنتخب الفرنسي، مغامرة نظيره المغربي، في نصف النهائي بالفوز بهدفين دون رد، في مباراة شهدت على تفوق أسود الأطلس، وهو ما أثبتته إحصائيات المباراة، ولعل هذا نهج ديشامب، منذ مونديال روسيا 2018، في ترك المبادرة للمنافس والفوز بنتيجة اللقاء في نهاية المطاف.
مواجهة اليوم بين الأرجنتين وفرنسا، تحمل الرقم 4 في تاريخ مواجهات المنتخبين بكأس العالم، وكانت أول مواجهة خلال مونديال 1930، وفازت الأرجنتين بهدف، وقرر منتخب التانجو الفوز مرة أخرى خلال مونديال 1978 بهدفين مقابل هدف، وجاء فوز الديوك خلال مونديال روسيا 2018 في مباراة ماراثونية انتهت بنتيجة 4-3، ضمن منافسات دور الـ16.
وشهدت المواجهة الأخيرة بين منتخبي التانجو والديوك، على تفوق مبابي، بعمر الـ 19 عامًا، على الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي بعمر الـ 31 عامًا، بعد إحراز فتى فرنسا الأول الهدفين الثالث والرابع ليرجح كافة فرنسا، ويقودها إلى ربع النهائي، الأمر الذي يجعل الأرجنتين اليوم في مهمة للثأر من هزيمة الديوك وتفوق مبابي على ميسي.