قالت وكالة إيكوفين الدولية للدراسات الاقتصادية، اليوم الأربعاء، أن البلدان الإفريقية استثمرت نحو 22 ميجا طن فقط من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في العام 2021، بقيمة تقديرية تبلغ 123 مليون دولار ويرى خبراء من مبادرة أسواق الكربون في إفريقيا، أن هذا المستوى يمكن مضاعفته بأربعة عشر في ظل ظروف معينة.
وبحسب تقرير نشر من قبل " الطاقة المستدامة للجميع ( SE4All) ، وهي مبادرة للأمم المتحدة أطلقت في العام 2011 لمضاعفة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، وضمان الوصول الشامل إلى خدمات الطاقة الحديثة، فإن إفريقيا قادرة على حشد نحو ستة مليارات دولار أمريكي سنويا في أسواق الكربون الطوعية بحلول عام 2030، إذا نجحت في إزالة العقبات التي تعيق توسيع إمداداتها من أرصدة الكربون.
واستعرض التقرير أهداف مبادرة أسواق الكربون الإفريقية (ACMI) ، وهي مجموعة تتكون من 13 من القادة الأفارقة والدوليين وقادة الأعمال والخبراء الذين يعملون على تطوير أسواق الكربون في القارة الإفريقية.
وأوضح التقرير إلى أن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه إفريقيا في مجال مكافحة تغير المناخ هو تحديد كيفية تمويل التحول الضروري للاقتصادات من القارة، خاصة وأن التمويل المناخي الذي وعدت به الدول الغنية لا يزال أقل بكثير من الأهداف المحددة.
وشدد التقرير في هذا السياق على أن حل الافتقار إلى التمويل المتعلق بالمناخ ينطوي على استغلال الإمكانات الهائلة لأسواق الكربون الطوعية، والتي تمثل "فرصة كبيرة لتسريع التنمية الاقتصادية للقارة وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، في الوقت نفسه علما بإن رصيد الكربون يعادل طنا واحدا من ثاني أكسيد الكربون، أو كمية مكافئة من غاز دفيئة آخر، يتم تقليله أو عزله أو تجنبه
ولفت التقرير" إلى أنه في أسواق الكربون الطوعية، يحصل المشترون على هذه الائتمانات لتعويض انبعاثاتهم وبالتالي تمويل مشاريع خفض الكربون وبعبارات أبسط، الجهات الفاعلة التي تنبعث من غازات الدفيئة، مثل شركات الطيران أو المجموعات الصناعية أو حتى شركات النفط، تشتري أرصدة الكربون التي تمول مباشرة مشاريع ملموسة لتقليل ثاني أكسيد الكربون أو تجنب انبعاثات الكربون، مثل زراعة الأشجار، والحفاظ على منطقة التنوع البيولوجي الطبيعي، والطاقة المتجددة مشاريع الحد من انبعاثات الميثان من مدافن القمامة المفتوحة أو تجديد التربة الزراعية.
وبحسب التقرير، سجلت أسواق الكربون الطوعية متوسط نمو سنوي قدره 30% بين عامي 2016 و2021، على الصعيد العالمي كما زاد الطلب على أرصدة الكربون الإفريقية بمعدل سنوي متوسط قدره 36% خلال نفس الفترة، لكن هذا النمو يحدث من نقطة انطلاق متواضعة للغاية حيث استثمرت البلدان في القارة 22 ميجا طن فقط من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (MtCO2e) في العام 2021 بقيمة تقديرية تبلغ 123 مليون دولار.
علاوة على ذلك فإن خمس دول فقط ( كينيا وزيمبابوي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وأوغندا) تستحوذ على 65% من الاعتمادات الصادرة خلال السنوات الخمس الماضية، كما سجلت العديد من البلدان ذات الإمكانات الكبيرة مثل مدغشقر وأنجولا ونيجيريا والسودان وتنزانيا مستويات منخفضة من النشاط.
بشكل عام لا يزال إمداد أرصدة الكربون من البلدان الإفريقية في أسواق التعويض محدودا وأقل بكثير من إمكانات القارة المقدرة بنحو 2400 ميجا طن، من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (1 ميجا طن = 1 مليون طن) سنويا بحلول عام 2030.
ويؤكد التقرير في هذا السياق أن زيادة المعروض الإفريقي من أرصدة الكربون من شأنه أن يسمح باستثمار مستدام تشتد الحاجة إليه،في مختلف القطاعات، بدءا من الطاقات المتجددة إلى حلول الطهي النظيفة، بما في ذلك الزراعة والغابات.
ومع ذلك لا يزال يتعين التغلب على عقبات رئيسية لإطلاق العنان لإمكانات القارة في هذا المجال ومن بين تلك العقبات: النقص في مطوري المشاريع القادرين على العمل على نطاق واسع، واللوائح المعقدة وعدم كفاية منهجيات تحديد قيمة ائتمانات الاعتماد وقضايا النزاهة.
وفي هذا الإطار حددت مبادرة أسواق الكربون الأفريقية العديد من الإجراءات ذات الأولوية للتغلب على هذه العقبات، بما في ذلك دعم الحكومات الإفريقية في تطوير الخطط الوطنية المتعلقة بـأسواق الكربون الطوعية، وبناء القدرات لمطوري المشاريع، وتطوير تسويق ائتمانات الكربون الإفريقية ونشر آليات التمويل للحد من مخاطر الاستثمارات وتكلفة رأس المال بالنسبة للمطورين وإنشاء تنظيم شفاف لهذا القطاع، استنادًا إلى التزامات كل حكومة بموجب اتفاقية باريس للمناخ.
وتعتزم مبادرة أسواق الكربون الإفريقية أيضا بناء علاقات قوية مع المشترين الرئيسيين ومؤسسات تمويل الكربون، لتنفيذ التزام السوق المتوقع بمئات الملايين من الدولارات، وبفضل برامج العمل المتعددة هذه ستتمكن البلدان الإفريقية من بيع 300 ميجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2030، خاصة وأن فريق العمل المعني بتوسيع أسواق الكربون الطوعية يقدر أن حجم هذه الأسواق سيزيد 15 مرة بين عامي 2020 و2030.
وسيتم بعد ذلك مضاعفة هذه المبيعات بمقدار أربعة عشر مقارنة بمستويات 2021 (22 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون) ويجب أن يسمح هذا المستوى من تسييل أرصدة الكربون للقارة بتعبئة ستة مليارات دولار سنويا وخلق 30 مليون وظيفة بشكل مباشر أو غير مباشر بحلول عام 2030،بناءا على افتراض سعر 20 دولارا لكل طن من تعويض ثاني أكسيد الكربون، المعتمد بواسطة ستاندرد أند بورز والبنك الدولي.
وبحسب مبادرة أسواق الكربون الإفريقية، سيصل إنتاج إفريقيا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون نحو 1500 ميجا طن سنويا بحلول العام 2050، ما يمكنها من تعبئة نحو 120 مليار دولار سنويا على افتراض سعر 80 دولارا للطن،حينئذ ستكون أسواق الكربون قطاعا رئيسيا في القارة، ويمكن أن تدعم خلق أكثر من 100 مليون فرصة عمل.