الخميس 19 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بخيل الحب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في خضم الليل، تنال القلوب من أصحابها، بذكريات كبيرة وكثيرة.
بين فرح وألم الذكريات، بين خوف وثقة، بين بعد وقرب، بين قرار وتراجع.
يعطي المحب للمحبوب ما لا يعطيه إلى غيره، يعطيه الأمان والاستقرار والأمل والطمأنينة، ولا ينتظر وقتها عطاءً إلا التقدير، لا هو تقدير بمال وإنما تقدير بالتميز.
المحب يعطي التميز والتميز فقط، يميز المحبوب دون غيره، يفتح باب خبايا قلبه وعقله، لا يواربه معه، ولا يغلق إحساسه، وقتها يشعر بالأمان والأمل فلا هو ضعف ولا هو تعلق، ولا في حقيقته سر مكنون داخله يريد البوح به، بل تميز.
كحمام طائر ميز عشه بالذكريات، وجمع أغصان الشجر ليبني بيتًا يؤويه، ما المشاعر إلا أغصان ضعيفة تلملمها الصراحة والصراحة فقط.
قد يبخل المحبوب لشيء في ذاته لا يعلمه إلا هو، ويكون تقييم المحب سببًا لصراحته وعيبه طيبته، تكون وقتها أغصان الشجر ضعيفة أصابها الخذلان والهم.
يشرح المحب لنفسه وللمحبوب ليؤكد أن صراحته باب الأمان، بل عقد الأمان فيما بينهما، إنها عنوان الاستمرار.
تصيبه الحيرة.. لمن أحكي؟ ولمن أقص؟!
مثل هذه المواقف قد تصادف أعيننا أو سمعنا أو قصة من أشعار قديمة، ما أثار دهشتي عندما كتب ابن الفارض من قرون مضت "أمنية ظفرت بها روحي زمنًا واليوم أحسبها أضغاث أحلام".
هل يتحول الحب إلى حلم لم يتحقق أم كان وهمًا؟! 
العلاقات لا تُبنى على أحلام فقط ولا على الوهم، بل على ثقة مشمولة بإيمان الاعتراف بتحمل مصاعب الحياة سويًا، بأن يكمل الطرفان حياتهما معًا، فلا أمان في الاستمرار إلا إذا آمن الاثنان بأن لكل منهما فضلًا على الآخر، وأن لكل منهما غفوات يتكللها عشم السماح، ولكل منهما مسؤولية كبيرة على الآخر، وأن بينهما مودة واستمرارًا في الحياة، وأفعالًا لحفظ مكانة كل منهما، وتشجيعًا لآمال الآخر، وحفظًا واحترامًا للحقوق والأسرار في الخلاف.
بداية ما كتبت لا يختلف عن نهايته بل أساسها، تُبنى البيوت هكذا، فالأسرة هي عماد المجتمع وبنيانه الأساسي.
ومستقبل أبناء هذه الأسرة من سعيهما في بناء بيت تشجع فيه تقنين الأفعال وأهمها في أن يتم وضع مستقبل لكل ابن، فلا مستقبل لهم بزيادتهم دون تخطيط، فوسطية الأمور خير من التشدد في الإنجاب دون تخطيط لحياتهم القادمة.
أؤمن بأن لكل أسرة مستقبلًا عندما يؤمن أطرافها بأحوالهم، ويؤمنون بالأحلام التي يتم تخطيطها، ويؤمنون بأن مستقبل الأبناء ليس بكثرتهم وإنما بالتربية السليمة السوية في منزل يملؤه تزاحم الحب.