سمع طه حسين وأُعجب بفطرة شعراء العامّية في بلاد الشام حيث يُطلقون زجلهم ومساجلاتهم الشعرية دون تحضير ودون معرفة سابقة بالموضوع فرغب في حضور بعضها والاستماع لشيء منها.
وأثناء إحدى زياراته إلى لبنان كانت الفرصة ملائمة لحضور إحدى حفلات فرقة "شحرور الوادي" في بيروت وعندما دخل "عميد الأدب العربي" القاعة انتبه أحد الحاضرين إلى دخوله مع مرافقيه وجلوسه في زاوية من القاعة فنادى مرحبًا به قائلا ً "أهلا وسهلا بطه حسين"
فسمع ذلك" شحرور الوادي" فبدأ مُرحّبًا وقال:
أهلا وسهلا بطه حسين
ربي أعطاني عينين
العين الواحدة بتكفيني
خد لك عين وخلّي عين
ضجّت القاعة بالاستحسان والتصفيق وانطلق الجمع من الحاضرين يرددون في نغمة واحدة "خد لك عين وخلّي عين".
لم يتوقع طه حسين "الأديب البصير" ذلك وتأثر بالحفاوة كثيرًا وفي تلك الأثناء تنحنح الشاعر الثاني في الفرقة "علي الحاج" فانطلق منشدًا:
أهلا وسهلا بطه حسين
بيلزم لك عينين اتنين
تكرم شحرور الوادي
منك عين ومني عين
ثم جاء دور شاعر الفرقة الثالث "أنيس روحانا" فقال:
لا تقبل يا طه حسين
من كل واحد تأخذ عين
بقدم لك جوز عيوني
هدية لا قرضة ولا دين
وقال الشاعر الرابع في الفرقة "طانيوس عبده" مستدركًا ومصحّحًا لزملائه وناصحًا إيّاهم:
ما بيلزملو طه حسين
عين ولا أكثر من عين
الله اختصه بعين العقل
بيقشع فيها ع الميلين
فبكى "طه حسين" كما لم يبكِ من قبل متأثّرًا بهذا الاحتفاء الشعبي العفوي الذي وجده في بيروت.