تحتفل الكنيسة الكاثوليكية اليوم بالقديس أندريه دونغ لاك الكاهن، ورفقائه، شهداء فيتنام.
بدأ تبشير أهالي ڤيتنام بإنجيل يسوع المسيح في القرن السادس عشر، عن طريق الرحلات التبشيرية للرهبانيات الإرسالية، وقد لاقى نداء المسيح قبولًا واسعًا برغم حجم المخاطر والاضطهاد لأفراد الإرساليات ولمن قبلوا المسيح على شهادتهم من الأهالي.
ولد تشان أن زون، عام 1795م، بمدينة باك بشمال فيتنام، من عائلة وثنية فقيرة. وبحثًا عن فرصة عمل، انتقل الأبوان إلى قلعة هانوي القديمة حوالي عام 1807م، وهناك التقى ابنهما "تشان" ذو الاثني عشر عاما، مُبشِّرًا مسيحيًا ومُكونًا دينيًا للأطفال، تلقّى عن يده دروسًا عن الإيمان المسيحي لمدة ثلاثة أعوام، ثم قبل المعمودية على اسم المسيح بعمر الخامسة عشرة واتخذ اسم "أندريه".
ليشتهر بسم "أندريه زون. بعدها تعلم اللغة الصينية واللاتينية إلى جانب استكمال تعليمه الديني، ليصير هو أيضًا مُكونًا دينيًا".
بسبب عمقه الروحي وعطشه الذي لا يُروى للدراسة الدينية، تم ترشيحه لإجراء مزيد من الدراسات اللاهوتية، حتى يصبح كاهنًا، وبالفعل أتم دراساته وسُيم كاهنًا في مارس 1823، وهو بعمر الثامنة والعشرين.
منذ بداية كهنوته اتسم الأب أندريه بالحماس الشديد نحو تكوين المسيحيين الجدد وتبشير آخرين بالإيمان، اشتهر بأن عظاته تثير الانتباه ولا يمكن أن يملّ منها المستمع، كما أن شهادة حياته ومعيشته البسيطة أثبتت أنه لا يجني أي خير مادي من كهنوته، فهو أغلب الأحيان صائم، ولذّته الوحيدة هي التواجد بالكنيسة للصلاة. لذلك كان سببًا في اقتناع كثيرين من أبناء بلده بالإيمان المسيحي، لكونه إنجيل مُعاش وصورة صادقة حيّة للمسيح.
كانت معاناة مسيحيي ڤيتنام من الاضطهاد قد بدأت منذ عام 1832م، إذ أنه بأوامر من "مين- مانج" إمبراطور ڤيتنام آنذاك، تم طرد جميع أفراد الإرساليات المسيحية الأجانب خارج البلاد، وقتل من لم يستجب منهم للأوامر، فاضطر الباقون أن يختبئوا لدى المؤمنين حتى لا يتركوهم وحدهم في محنتهم، كما أمر جميع المسيحيين الڤيتناميين بالتخلي علنًا عن إيمانهم، وذلك من خلال دَهْس مجسمات للصليب بأقدامهم.
كذلك قامت القوات الحكومية بتدمير الكنائس، وحظر التعليم المسيحي، وتَقَرَّر إلحاق العار بكل من لم يتخلّى عن إيمانه، وذلك من خلال كتابة وسم على وجهه بالنار بكلمة " تا داو" بمعنى دين زائف.
وكدليل على الحب الذي تكنّه له رعيته وكل من علمهم الإيمان، أنه عندما تم اعتقال الأب أندريه زون للمرة الأولى عام 1835م، بسبب نشاطه التبشيري، قام أبناء إيبارشيته بجمع الأموال اللازمة لشراء حريته، وهو أمر كان معمولا به لمن يتم القبض عليه بـ "تهمة التبشير" للمرة الأولى.
بسبب التضييق عليه بعد إطلاق سراحه بتشديد المراقبة، فقد استبدل اسمه "أندريه زون" باسم آخر وهو "لاك" وعرَّف أبناء كنيسته به حتى إذا ما نطق أحدهم اسم "لاك" لا يعرف المراقبون أنهم يقصدون الأب أندريه زون.
كذلك فقد غيّر هيئته وانتقل بالاسم الجديد إلى مكان آخر للتبشير وكذلك لتجديد حياته الروحية، فقد شعر بحاجته لسرّ المصالحة والاعتراف، وذهب للقاء الأب "ݒيتر ثي" لهذا الغرض. إلا أنه تم اختطافهما معًا في 10 نوڤمبر 1839م، من قِبل جماعة إجرامية تعلم أن تسليمهما للسُلطة يحقق لهم منفعة مادية كُبرى.
للمرة الثانية تم جمع أهالي إيبارشيتهما مبلغ لشراء حريتهما من جماعة قاطعي الطريق، فأطلقوا سراحهما، لكن حريتهما لم تدم طويلًا، وبعد أيام قليلة اعتقلتهما السُلطة وتم ترحيلهما إلى العاصمة الڤيتنامية هانوي، وهناك ذاقوا ألوانًا من العذاب ليتخليا عن إيمانهما علنًا لكنهما رفضا. كان الحل الأخير لدى السُلطة هو إعدام الأب أندريه زون –لاك والأب ݒيتر ثي، بقطع رأسيهما، قبيل عيد الميلاد المجيد بأيام وتحديدًا في 21 ديسمبر 1839م.
تم إعلان الأب أندريه زون – لاك طوباويًا عن يد البابا "لاون الثالث عشر" عام 1900م، كما تم إعلانه قديسًا عن يد البابا القديس "يوحنا بولس الثاني" عام 1988م.