مما لا شك فيه أن انعقاد قمة المناخ كوب 27 فى مصر جاء فى توقيت قد دُق فيه ناقوس الخطر بعدما خسر الاقتصاد العالمى 23 تريليون دولار نتيجة الأزمات العالمية المتتالية، كما لعب فيها تغير المناخ دورا رئيسيا لتصبح الموارد الاقتصادية للعالم أجمع مهددة وعلى رأسها قطاع الزراعة مما ينذر بالتبعية أزمة غذاء تلوح فى الأفق قد نعيشها لأول مرة لتتحول من جمل عابرة نسمعها كثيرا إلى واقع ملموس نعيشه جميعا.
استطاعت قمة المناخ أن تحقق أهدافها نسبيا بعدما قدمت الدول الكبرى والمسئولة عن 80٪ من انبعاثات الكربون تعهداتها بمساعدة الدول الأفريقية لمواجهة التغيرات المناخية، فقد أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن تقديم 150 مليون دولار للدول الأفريقية، بالإضافة إلى التعهد البريطاني بتقديم مبلغ 200 مليون جنيه إسترليني إلى نافذة العمل المناخي التابعة لبنك التنمية وكذا أشار المستشار الألماني إلى أن بلاده ستخصص 170 مليون دولار أمريكي لمساعدة الدول الأفريقية.
وعلى الجانب الآخر تبقى مكتسبات مصر من انعقاد القمة على أرضها والتى تمثلت فى العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التى تم توقيعها أثناء المؤتمر لنشعر لأول مرة أن الحكومة ممثلة فى وزارتى البترول والكهرباء قررتا العمل بذكاء وليس بجهد عندما اختارتا اقتحام مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة اللذين تتصارع عليهما دول العالم فى الوقت الحالى، فقد قدمتا نموذجا فى الإعداد والتخطيط يحتذى به ولكن ستكون الكلمة الأخيرة للتنفيذ على أرض الواقع والذى يبدو أنه ليس ببعيد، فقد اقنصت مصر اتفاقيات تقدر بنحو 38 مليار دولار منها مع السعودية لإنشاء محطة طاقة الرياح باستثمارات 10 مليارات دولار ومصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر فى اقتصادية قناة السويس باستثمارات 8 مليارات دولار مع عملاق صناعة الطاقة بالهند وأخرى مع الإمارات، بالإضافة إلى سيمنز الألمانية لإنشاء مصنع للهيدروجين الأخضر بالإضافة إلى وجود 8 شركات مصرية ستدخل المجال وتقدم مصر الأراضى والمرافق مقابل الشراكة فى المشروعات.
وفى الوقت نفسه بدأت 14 شركة عالمية عملها فى مصر باستثمارات تقدر بنحو 46 مليار دولار سيتم ضخها تباعا فى مصر، ليبدأ عصر الطاقة النظيفة فى مصر التى تسعى إلى السيطرة على 8٪ من سوق الطاقة النظيفة العالمى وعلى الرغم من ارتفاع تكلف إنتاج الهيدروجين الأخضر وأنواع الوقود النظيفة الأخرى، الا ان مصر ما زال لديها ميزة نسبية وهى توافر الغاز الطبيعى الذى يعتمد عليه فى إنتاج الهيدروجين الأخضر وبالتالى انخفاض تكلفة الإنتاج بشكل نسبى مقارنة مع الدول الأخرى.
كل ما تحتاجه مصر فى الوقت الراهن هو تحويل الاتفاقيات من مرحلة الحبر على الورق إلى مشروعات حقيقية قادرة على دعم الاقتصاد المصرى وتوفير السيولة الخارجية له والتى تعد أكبر العقبات فى الوقت الراهن، وأن تواصل الدولة توسعاتها فى تلك النوعية من المشروعات وتظل متمسكة باقتناص نصيب لها من تلك الصناعة الواعدة التى تتنافس عليها الدول.
وعلى الدولة أن تسرع فى إطلاق صندوق طاقة مصر السيادى الذي من المنتظر أن يضخ استثمارات 10 مليارات دولار يدير استثمارات تقدر بنحو 80 مليار دولار لشركات عالمية ومصرية حكومية وخاصة، كما ستُنقل له حصص مصر فى شركات الطاقة والكهرباء، ووفقا لتقديرات المختصين سيدر الصندوق عوائد اقتصادية تقدر بنحو 50 مليار دولار، تستطيع الدولة تدويرها فى مشروعات إنتاجية أخرى تستهدف التصدير وتحقيق خطة الحكومة الطموح بالوصول إلى 100 مليار دولار صادرات وخاصة بعدما اقتربت الدولة من الانتهاء من مشروعات البنية التحتية التى كانت تمثل تحديا أمام الحكومة.