فى أحد الشوارع الضيقة فى منطقة العتبة بوسط القاهرة، يجلس محمد طنطاوى فى محاله الصغير يواصل عمله فى مهنة والده وأجداده من قبله، حيث عمل فى سن المقصات يدويا منذ أن كان فى العاشرة من العمر، وإلى الآن منشغلا بمهنته رغم المعاناة التى تعانيها المهنة وشبح الانقراض التى تواجهه.
فى ستينيات القرن الماضى جاء والده من طنطا قاصدا قاهرة المعز، ليعمل بهذه المهنة تعلمها عن والده، ويرسخ القواعد الأساسية لنجله محمد الذى ما زال يعمل بها حتى الأن، ولكن حالها كحال العديد من المهنة اليدوية تعانى من شبح الانقراض الذى يهددهم جميعا، بسبب التطور التكنولوجى الذى يشهده العالم فى مختلف المجالات.
يقول الرجل الخمسيني، إنه يعمل منذ أكثر من ٤٠ عامًا على سن العديد من الأشياء، مثل الأدوات الجراحية، وأيضا الجزارين والحلاقين وغيرها من المهن التى تتطلب أشياء كالمقصات أو السكاكين، إلا أنه فى الغالب يكون هناك مواسم ازدحام فى العمل مثل الأعياد، ولكن بقية العام يعانى الرجل نوعا من الركود فى العمل، بسبب الأشياء الجديدة التى طرأت على السوق المصرية من الصين وغيرها.
سنوات طويلة تتطلب من الرجل الخمسينى أن يتعلم المهنة، فربما تراها من الخارج أمرا سهلا، ولكن فى مضمونها تمكن العديد من الصعوبات والتى يلخصها الرجل فى التعامل مع حجر السن نفسه، وأيضا درجات سن المقصات والسكاكين، حيث يكون لكل مهنة درجة معينة لا يستطيع أحدا أن يتخطاها لأنها ستنقلب بالعكس، كما يوجد الكثير من المخاطر، ولعل أبرزها ما يعانيه الرجل منذ سنوات، من موت شقيقه حيث انفلت الحجر أثناء العمل فكتب السطور الأخيرة فى حياة شقيقه، وذلك إلى جانب الجروح الكثيرة فى يده بسبب العمل.
وأضاف محمد الطنطاوي، أن الأمور فى المهنة تعانى من الركود يوما بعد الآخر، حيث كانوا قديما يعتمدون على موس الحلاق وهو الذى يحل محله الشفرات حاليا، وهذا أثر بالسلب على طبيعة العمل، وأيضا أنواع السكاكين والمقصات التى يتم سنها بالليزر ولكنها تصل إلى مرحلة ولا بد أن تتعامل معنا فى هذه المهنة.
على الرغم من السنوات الطويلة التى عمل بها محمد فى هذه المهنة، إلا أنه لم يجد شخصا جديدا يقدم على تعليم هذه المهنة الصعبة، ما يفسره الرجل الخمسينى بأن هذه المهنة تبقى لها وقتا افتراضيا قليل سينتهي، ولربما سينتهى بموته وموت من يعملون معه.
البوابة لايت
محمد طنطاوى.. حكاية أقدم "سنان مقصات" في العتبة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق