الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

جمال فرويز: الفنانون أكثر عُرضة من غيرهم للإصابة بالهلاوس والاكتئاب

فى حواره لـ«البوابة»: البعض لجأ للمخدرات لتساعدهم فى أداء كافة الأدوار

جمال فرويز
جمال فرويز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الخروج من العلاقات السامة يحتاج إلى شخصية ناضجة.. الآلام العضوية أول أعراض الاضطراب النفسى.. والإنسان يقرر أى دور يلعب فى حياته

حياة مرفهة، شهرة، محبين ومعجبين في جميع أنحاء العالم، جني أموالًا طائلة، هكذا ما يعتقده الكثيرون عن حياة المشاهير والفنانين، دون النظر إلى الجانب الآخر لهم من مشكلات وأزمات صحية وعائلية وعملية، وما يمرون به من أعباء وتقلبات حياتية واضطرابات نفسية أيضًا، حالهم كحال كافة البشر من جميع الفئات والمستويات، بل إنهم قد يكونوا الأكثر عُرضة من غيرهم  للأزمات، وقد تسوء حالتهم أكثر من غيرهم نتيجة تتبع الكثيرون لهم ومحاولة معرفة أخبارهم حتى التي يريدون إخفاءها عن الجميع، ما يجعلهم عُرضة للشفقة من قبل البعض، وعُرضة للسخرية والنقد من قبل آخرين، الأمر الذي يُسئ من حالتهم النفسية.

وهناك العديد من المشاهير الذين كشفوا عن لجوئهم للأطباء النفسيين للخروج من الأزمات التي يمرون بها، أو ضغوطات الحياة النفسية التي أدت إلى اضطرابات في سلوكهم، كالفنانة أصالة التي اعترفت في إحدى اللقاءات التليفزيونية بلجوئها للطبيب النفسي، خلال فترة انفصالها عن زوجها السابق المخرج طارق العريان.

كما أكدت الفنانة الكببرة يسرا، أنها دائمًا ما تفضل الذهاب للطبيب النفسي من أجل الفضفضة، وليس لمعانتها من اضطرابات، وتذكرت أنها عندما سافرت إلى الولايات المتحدة عام 1985 كانت نحيفة جدًا ولكنها التقت بأحد الأطباء هناك وهو الذى أرشدها لطبيبة مشهورة أخضعتها لتنويم مغناطيسى دام 4 ساعات متواصلة وكانت وقتها تحكى للطبيبة وتبكى بشدة حتى فرغت من الحديث، مضيفةً أنها حينما دخلت الغرفة مع الطبيب النفسى أفرغت شحنة كانت بداخلها وظلت تحكى مشكلاتها لساعات طويلة، وعندما انتهت من الحديث، قال لها طبيبها المعالج إنها من أكثر الحالات التى شاهدها في حياته تعقيدًا.

وكشفت الفنانة هند صبرى أنها ذهبت للطبيب النفسي مرتين الأولى في عام 2005 أو 2006، فعلى الرغم من أنها كانت في هذا الوقت تحقق نجاحًا كبيرًا، وتظهر في كل المناسبات سعيدة، إلا أنها بداخلها كانت تشعر بحزن عميق دون أن تدري سبب هذا الحزن، فذهبت للطبيب وتحدثت معه وخضعت لجلسات وساعدها هذا كثيرًا، وجعلها تعرف أن حزنها نتيجة تراكمات في شخصيتها، فمثلًا انفصال والدها عن والدتها وهي في سن الـ17 ترك أثرًا فيها لم تشعر به إلا بعد سنوات.

واعترفت الفنانة منى زكى بكل جرأة فى إحدى لقاءاتها بأنها كانت لجأت لطبيب نفسى مرتين، الأولى بعد وفاة والدها، لأنها أُصيبت باكتئاب وحزن لارتباطها الشديد به، وشعرت بالحاجة إلى علاج نفسي، والمرة الثانية بعد أن قدمت شخصية الفنانة الراحلة «سعاد حسنى» فى مسلسل «السندريلا»، وشعرت بالتوتر والقلق، فالتحضيرات الكثيرة للمسلسل جعلها تفشل في الخروج من الشخصية، حتى بعد انتهاء التصوير، حيث ظلت حياة «سعاد حسنى» وطريقة حديثها وحركاتها مسيطرة عليها.

وغيرهم من المشاهير والفنانين الذين أدركوا أهمية الاستشارات النفسية لصحة وسلامة الإنسان، ولمعاونته في استكمال حياته بشكل أفضل، ومواجهة الأزمات بشكل سليم دون اللجوء إلى الطرق السلبية كإدمان المخدرات والخمور أو الانتحار في بعض الأحيان، ما دفع «البوابة» للقاء الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي لتقديم العديد من الإرشادات النفسية الهامة، وتعريف الأشخاص والعلاقات والسامة، والخروج من الآثار السلبية لتلك التجارب، وغيرها من الإرشادات التي تكشفها السطور التالية..

* فالبداية، هل ما زالت فكرة زيارة الطبيب النفسي مُخجلة في مجتمعاتنا العربية؟

- لم يكن الأمر مُخجلا بل بالعكس فدائمًا ما يتردد على عيادتي الكثير من الفئات والأطياف والثقافات، فمنهم من الأرياف والصعيد أيضًا، فالموضع ليس له علاقة بالخجل كما بتصور البعض، ولكن الأمر كله يكمن في خوف البعض وتهربه من زيارة الطبيب النفسي أو تلقه العلاج، أو اعتقاد البعض أنها وصمة عار ما يجعله بلجأ لطرق أخرى لإيجاد حلول، كاللجوء للشيوخ والدجالين وغيرها من الأمور التي لا تفيد بشئ، سوى هروب المريض من تلقي العلاج.

* ما صفات الشخصية السامة أو الـ«توكسيك» كما يطلق عليها؟

- هي الشخصية المضادة للمجتمع، التي لديها الكثير من السليية، ومفتقرة للمشاعر والأحاسيس أثناء التعامل مع الآخرين، فإنها دائمًا ما تقوم بالأفعال السلبية دون التفكير بردود أفعال الشخص الذي تؤذيه معنويًا أو ماديًا أو جسديًا، فقط تفكر فيما يحلو لها فحسب، وتكرر نفس الأخطاء، وهم أيضًا الأشخاص الذين يبتسمون في وجهك ومن ثم يطعنونك في ظهرك بأبشع الصفات والأفعال، وغيرها من السلوكيات، ​ولا يقتصر وجود تلك الشخصية بفئات معينة، بل إنها منتشرة وبكثرة في كافة الفئات المختلفة، سواء أطباء أو صيادلة أو صحفيين، أو غير متعلمين، أو سفراء، فكل الطوائف الإنسانية لديها تلك الأشخاص، فالأمر ليس له علاقة بالمستوى التعليمي أو المادي أو الاجتماعي، فقد رأيت نماذج طبية ناجحة يقومون بأفعال سيئة مع  زملاء لهم لمجرد أنهم ترشحوا لمنصب كبير، أو يضعوا لهم المخدرات لتدمير مستقبل الطرف الآخر، دون النظر على واقع ذلك عليه وعلى أسرته وأصدقائه.

​* كيف اكتشف أنني بعلاقة سامة؟

- كل الأمور تكون واضحة من البداية، فقط نحن نحاول تجاهلها والتغاضي عنها ووجود مبررات خاطئة لها، فالإنسان ميزه الله بالعقل والقدرة على التفرقة بين الحق والباطل، فعلامات العلاقة السامة تكون واضحة من تعامل الشخص في حياته العادية، من طريقة معاملته مع شريك حياته، من طريقة معاملته في المطاعم، من طريقة معاملته مع أسرته، مع أصدقائه أو زملائه في العمل، أو أثناء حديثه في التليفون، يمكن أن يكون من الأشخاص دائمي الشكوى، أو بخيل، كل الأشياء تكون واضحة لكي من البداية ولكن أنت من تنكريها.

* ماذا أفعل إن كان حبي لهذا الشخص جعلني لا أرى تلك العيوب؟

- لا يمكن أن يكون ذلك حُبًا بل إنه إعجابًا، لأن الحب يكون نابعا عن العشرة الطيبة والمودة المتبادلة بين الطرفين التي ينتج عنها شعور الحب، أما الانجذاب لشخص سام يحمل كل تلك الصفات المؤذية، ما هو إلا إعجاب بالشكل أو المنصب أو كل تلك الأمور الظاهرية، وهي الأمور التي تتسبب في وجود حالات طلاق كثيرة في السنة الأولى من الزواج، وذلك لأن العلاقة الحممية ما هي إلا وقت قصير من يوم الحياة الزوجية المعتادة التي تنكشف فيها كل الصفات والطباع على حقيقتها، والتي يكتشف فيها الإنسان أنه كان يعيش حالة من الانجذاب المخادع وليس الحب.

* كيف أستطيع التعامل مع الآثار السلبية التي خلفتها تلك العلاقة؟

- الناس نوعان أشخاص ناضجة والأخرى غير ناضجة، فالشخصية الناضجة فقط هي من تستطيع الخروج سريعًا والمضي قُدمًا من تلك الآثار لادراكها لخطورة تلك العلاقة عليها وعلى صحتها النفسية، فتكون أكثر وعيًا وتركز على دراستها أو عملها أو أولادها أو مستقبلها وشئنها الذي تطمح في تحقيقه، والبدء من جديد دون الالتفات والتفكير في الأمور السلبية، تلك الشخصية هي من تستطيع الانتصار بسهولة على كل السلبيات التي واجهتها، أما الشخصية غير الناضجة هي التي تستسلم لأحزانها وتريد دائمًا أن تعيش بدور الضحية، دون التفكير في إيجاد حلول للخروج من تلك الأزمة، وهي التي تحتاج إلى العديد من الجلسات النفسية لمحاولة استعادة نفسها مجددًا واكتشاف الشخصية من جديد وتوجيه تلك الطاقة السلبية لأفعال ناجحة ومفيدة، فجميعنا قد تعرض لأزمات حياتية عديدة وسوف نتعرض أيضًا مجددًا، ولكن النضج يكمن في القدرة على تخطيه، فكل شيء يولد صغيرًا ثم يكبر، إلا الحزن يولد كبيرًا ثم يصغر.

* ما صفات الضحية التي يبحث عنها الشخص النرجسي؟

- أنا أرفض كلمة ضحية أو فريسة، فلا يوجد شخص ذكي فيصنف كشخص نرجسي، والآخر غبي فيحمل دور الضحية، ولكن الحقيقة أن الإنسان وحده من يقرر أي دور يلعب، فلدي حالة تعاني من حبها الدائم للعيش في دور الضحية فدائمًا ما تبحث عن علاقات مع أشخاص متزوجين، وتعلم جيدًا أنهم لا يحبونها وأنهم لن يتزوجوها، ولكنها تفضل خوض تلك التجارب للشعور بدور المقهورة التي تعاني من نفور الرجال عنها وخداعها وأنها ضحيتهم، في حين أن عندما يتقدم لخطبتها أشخاص مناسبين لها تقوم برفضهم والبعد عنهم، الأمر الذي يبن أن الإنسان مُخير في الدور الذي يريد لعبه في حياته، فما الدافع الذي يجعلني أعلق نفسي بشخص مؤذ يحاول دائمًا التقليل من قدر ومجهود من حوله، فما الشعور الذي يجذبني لتلك الشخصية.

* هل ترى أن الفنانين في حاجة دائمة لزيارة الطبيب النفسي؟

- بالطبع.. بل إنهم الأكثر احتياجًا على الإطلاق.

* ما السبب في ذلك؟

- لأن بطبيعة عملهم لتأدية أدور والعيش فيها بشخصية غير طبيعتهم الحقيقية وتجسيد أدوار قد تكون مركبة، ما يجعل هذا التقمُص سببًا في الضغط على الأعصاب بشكل كبير، وهناك اختلاف كبير بين الفنانين الحاليين والفنانين القدماء، نظرًا لأن الأعمال الفنية القديمة خاصة المسرحية منها، تحمل كلاسيكية كبيرة، تجعل الفنان في حالة انفعال كبير لأداء الدور بالشكل المناسب له، خاصة وأنه يؤدي تلك الشخصية لمدة طويلة، ما يجعله في حالة تخبط بين الدور الذي يؤديه وشخصيته الحقيقية، فالفنان أو المبدع بشكل عام لديه نسبة كبيرة من الدوبامين، وخلال تعرضه لضغط يزداد معدل الدوبامين أكثر وأكثر، ما يجعله عرضه للاضطرابات النفسية.

وهناك العديد من المبدعين والمبتكرين الذين عانوا من الهلاوس والاضطرابات والاكتئاب والضلالات، وهو الأمر الذي ليس لديهم تحكم فيه، وهناك مبدعون آخرون لجأوا للمخدرات كوسيلة لمساعدتهم على القيام بكافة الأدوار التي تعرض عليهم، وتجعلهم أكثر صمودًا ومكافحة للنوم والتعب، حتى يستطيعوا تحقيق أكبر قدر من المكاسب المادية خلال فترة نجوميتهم، لعدم ثقتهم لاستمرار تلك النجومية إزاء تأثرها فيما بعد.

* هل تعلقنا وحبنا لشخص مؤذي هو عدم ثقة بأنفسنا؟

- بالطبع هو عدم ثقة في أنفسنا، لأننا نعلم بأن تلك الشخصية تعرضنا للأذى الكبير وعلى الرغم من ذلك نتمسك بها، وهو الأمر الذي يصنف صاحبه بـ«المازوخي»، وهو الشخص الذي يتلذذ بتعذيب ذاته، وبتكون تلك الشخصية قد عانت في طفولتها من الضرب والإهانة، إلى أن أصبح مصدر لذة بالنسبة لهم، فأصبحوا لا يشعرون بالأذى عند التعرض له.

* كيف نحب أنفسنا؟

- هناك العديد من الأشياء التي تجعلنا نحب أنفسنا ونقدرها ونحترمها، أولها أن نعلم جيدًا أن سعادتنا هي ملك لنا نستطيع فعلها بأنفسنا، وليست بيد أحد غيرنا لا صديق ولا زوج ولا حبيب ولا أبناء، فعلينا أن نبحث عن الأشياء التي تجلب لنا السعادة، فهناك أشحاص تكمن سعادتهم في أكلة، أو سفر أو خروج أو لبس أو غيره، فكلًا على حسب اختياره.

* كيف أعرف أن ابني الذي لا يستطيع التعبير عن غضبه مصاب بالاضطراب النفسي؟

- بالعكس تمامًا فهم أكثر من تظهر عليهم الأعراض أكثر من الإنسان البالغ، وتظهر تلك العلامات بالصداع وآلام البطن والإذن وقلة الأكل واضطرابات النوم.

* ولكن تلك الأعراض تدفعني للتفكير بأن المرض عضوي وليس نفسيا؟

- أنا كطبيب نفسي لا أقبل أن استقبل حالة تعاني من شئ ما إلا عقب التأكد من أن المشكلة التي تعاني منها ليست عضوية، وعقب التأكد من اكتشف المشكلة النفسية التي يعاني منها.