الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

التضخم وسعر الفائدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

التضخم، هذا المرض الذى تعانى منه اقتصادات معظم الدول ( ونحن منهم ) والذى بدأ  بعد انتشار جائحة كورونا واستشرى وزادت حدته مع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية. مرض نعانى منه جميعا، ولا أظنه يحتاج إلى تفسير او تعريف لأنه حديث الساعة فى كل بلاد العالم تقريبا.

البنوك المركزية تحاول وتبذل قصارى جهدها للتحكم فى كبح جماح التضخم والتحكم فيه وذلك باستخدام أدواتها المعتادة. أهم تلك الأدوات بالطبع هو سعر الفائدة على العملة المحلية لكل دولة. الفيدرالى الأمريكى قام برفع سعر الفائدة على الدولار عدة مرات وتبعه العديد من البنوك المركزية فى كندا وأوروبا والشرق الأوسط وغيرهم. 

 

الغرض من رفع سعر الفائدة هو سحب قدر من السيولة المتداولة فى الأسواق بتوجيهها إلى الادخار، وبالتالى تخفيض القوى الشرائية لإعادة التوازن بين العرض والطلب والذى أدى اختلاله إلى زيادة الأسعار وارتفاع معدل التضخم.

فى مصر، جاء قرار البنك المركزى فى الاجتماعين السابقين للجنة السياسة النقدية مخالفا لكثير من التوقعات. القرار كان التثبيت مع زيادة الاحتياطى الإلزامى على ودائع البنوك لدى البنك المركزى من ١٤ الى ١٨٪؜. القرار بالطبع مدروس وله اسبابه. على المستوى الشخصى لم استطع التوقع ولكنى تمنيت ان يكون التثبيت هو القرار. السبب  فى ذلك - من وجهة نظرى -ان التضخم فى بلدنا له طبيعة مختلفة فهو ليس نتاج خلل بين العرض والطلب وانما جاء  نتيجة ارتفاع الاسعار فى الأسواق الخارجية من جهة، ومن جهة أخرى  ارتفاع سعر الصرف وانخفاض قيمة الجنيه المصرى.


السؤال الآن: ماذا نتوقع أن يكون القرار فى الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية فى ضوء المستجدات والتى تشمل ارتفاع معدل التضخم، ارتفاع سعر الصرف، اصدار شهادات ادخار دولارية بفائدة ٥،٥ ٪؜، هذا إضافة إلى وصول المفاوضات مع صندوق النقد الدولى لحصول مصر على القرض المطلوب الى درجات ايجابية متقدمة مما يعنى الاتفاق على شروط القرض التى ربما تشمل التعرض لسعر الفائدة. هل نتوقع زيادة ام استمرار فى التثبيت ؟

مرة اخرى انا لا استطيع التوقع، ولكنى ساحاول من وجهة نظرى  ان استعرض بنظرة تحليلية متواضعة الاثار الايجابية والسلبية لقرار رفع سعر الفائدة، اخذا فى الاعتبار اننا نتحدث هنا عن سعر فائدة الايداع والاقراض، والذى يطلق عليه ( الكوريدور ).

الاثار الايجابية:
———————
١- مواكبة الزيادة فى معدل التضخم والذى بلغ حوالى ١٨٪؜ (سعر تضخم اساسى فى سبتمبر ٢٠٢٢على اساس سنوى ) وبالتالى تعويض المدخرين عن انخفاض قيمة مدخراتهم  نتيجة تلك الزيادة.
٢- سحب قدر اكبر من السيولة وتحقيق مزيد من تحجيم الطلب.
٣- محاولة اعادة اجزاء من الاستثمارات غير المباشرة ( الاموال الساخنة ) للمساهمة فى حل مشكلة الفجوة الدولارية.
٤- محاربة ظاهرة الدولرة اى اتجاه الافراد الى تحويل مدخراتهم الى الدولار  وخاصة بعد زيادة اسعار الفائدة على الشهادات الدولارية كما سبق ذكره.
٥- كنتيجة لكل ما تقدم محاولة تخفيض الضغط على قيمة الجنيه المصرى وتحجيم الانخفاض فى قيمته مقابل العملات الاخرى.

اما الاثار السلبية فتتمثل فيما يلى:
————————————————
١-  زيادة تكلفة الائتمان على جميع القطاعات المقترضة من البنوك والتى لا تتمتع بمبادرات اسعار فائدة منخفضة التى اقرها البنك المركزى لعدد من الانشطة، وبالتالى زيادة اسعار السلع والخدمات التى تنتجها تلك القطاعات وهو ما يؤدى الى مزيد من التضخم.
٢-التأثير السلبى على نشاط الاستثمار المباشر والذى يعتبر اهم الاهداف الاستراتيجية للدولة فى الفترة القادمة وذلك لارتفاع تكلفة الاقتراض على المستثمر الذى يقوم عادة بتمويل جزء من التكلفة الاستثمارية لمشروعه عن طريق الاقتراض من البنوك  . فى نفس الوقت فأن سعر العائد المرتفع على ودائع البنوك المعفى من الضرائب يؤدى الى تراجع نشاط الاستثمار المباشر للافراد الذين يغريهم هذا العائد السهل المرتفع فيحجموا عن اقامة المشروعات، وعلى الاستثمار غير المباشر فى بورصة الاوراق المالية حيت تتراجع استثمارات الافراد فى هذا السوق لتتوجه الى العوائد المرتفعة فى البنوك.
٣- ان هناك العديد من الانشطة التى تعانى بالفعل نتيجة الظروف الحالية وصعوبة استيراد الخامات ومستلزمات الانتاج وارتفاع تكلفتها مما ادى الى توقف بعضها وتقليل الطاقات الانتاجية للبعض الاخر  . بالتالى  فأن وضع مزيد من الاعباء برفع تكلفة الاقتراض قد يؤدى الى مزيد من التباطؤ فى الأنتاج  وما يترتب عليه من أثار سلبية على حركة الاقتصاد بصفة عامة.
٤- زيادة الاعباء على الموازنة العامة للدولة نتيجة ارتفاع تكلفة الدين المحلى. بالأضافة الى ذلك فأن رفع سعر الكوريدور يؤدى الى  ارتفاع تكلفة المبادرات المتاحة من البنوك لعدد من القطاعات باسعار فائدة منخفضة حيث تتحمل ميزانية الدولة الفرق بين سعر الفائدة المنخفض وسعر الكوريدور  وليس البنوك بالطبع.
٥- ان رفع سعر الفائدة لن يكون له - من وجهة نظرى - اثار ايجابية ملحوظة  فى تحجيم معدل التضخم نظرا لاختلاف اسباب التضخم لدينا وهو ما سبق الاشارة اليه.

هذه من وجهة نظرى بعض الايجابيات والسلبيات لقرار صعب فى ظروف اصعب.  
ماذا سيفعل صانع القرار فى الفترة القادمة ؟ هل سيرفع سعر الكوريدور ؟ هل سيستمر فى التثبيت ويرفع سعر فائدة شهادات الادخار كما فعل من قبل او يقوم باجراء بديل مثلما فعل بنسبة الاحتياطى الاجبارى ؟ احتمالات كلها واردة ومطروحة  ، وقد شاهدنا فى الفترة السابقة دولا لم تحذو حذو الاخرين وترفع او تثبت سعر الفائدة، بل قامت بتخفيضه لأن الأسباب والظروف مختلفة وليس هناك علاج واحد لكل المشاكل.