زاد لهيب المشهد السياسى فى فرنسا، جراء الغضب الشعبي وإضرابات عمال المنشآت النفطية الفرنسية في ظل دعوة النقابات إلى مواصلة التظاهر الى جوار استمرار الإضرابات للمطالبة برفع الأجور كمحاولة لمواجهة التضخم وارتفاع أسعار الطاقة.
المفارقة أن حركة النقل في فرنسا شبه مشلولة، فقد توقفت 5 مصاف نفطية عن العمل من أصل السبعة الكبار، فضلا عن مستودع للوقود جراء إضراب العمال.
كما لوحت بعض النقابات المضربة بالمنشآت النووية التابعة لشركة الكهرباء بتصعيد إضرابها وتوسيعه، ليشمل الإبطاء في وتيرة عمل المفاعلات المستغلة حاليا في إنتاج الكهرباء وهذا ما تسبب في غياب الكهرباء لعدة دقائق في بعض المناطق الباريسية وضواحيها على سبيل التهديد بالتصعيد.
- طوابير طويلة بمحطات الوقود -
ولد الغضب الشعبي سلسلة من المظاهرات المناهضة للحكومة، حيث دخلت في اللعبة السياسية السترات الصفراء التي قادت تمرد لأشهر في ولاية ماكرون الأولى، رغم انها تحصلت في نهاية المطاف على اكثر من مطالبها آنذاك.
جرت المظاهرات العمالية وسط مخاوف أمنية من التصعيد بعد أن استغل متطرفي اليسار وذوي السترات الصفراء الموقف وقاموا بعدة اشتباكات مع الشرطة ومروا بعض المحلات وأحرقوا عشرات السيارات
فقد تظاهر آلاف الفرنسيين منذ يوم الأحد بالعاصمة باريس احتجاجا على غلاء المعيشة، بالتزامن مع استمرار عمال مصافي التكرير في إضرابهم عن العمل للمطالبة بزيادة الأجور، وهو ما تسبب في تكدس طوابير طويلة من السيارات أمام محطات الوقود وأصبح هذا المشهد معتادا منذ نحو شهر في باريس والمدن الكبرى.
وقد دعا آخرون إلى مظاهرات، للتنديد بعجز الحكومة عن معالجة ملف تغير المناخ، ومعارضة حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون.
وكانت الشرطة قد أعلنت، في وقت سابق، أنها تتوقع أن يشارك في هذه الاحتجاجات ما يصل إلى 30 ألف شخص من جميع أنحاء فرنسا بالاحتجاجات.
شلل في مصافي التكرير
وقد شل الإضراب في مصافي التكرير توزيع الوقود في جميع أنحاء البلاد منذ حوالى أربعة أسابيع.
ووجهت الدعوة للمشاركة في المظاهرات إلى عدة قطاعات، المؤسسات الحكومية والطاقة والنقل العام وسائقي الشاحنات والصناعة الغذائية والتجارة.
على رصيف شبكة القطارات الإقليمية السريعة في محطة «جار دو ليون» الباريسية، وهذا ما أدى إلى زحام الركاب الذين اعتادوا هذه الاضطرابات التي غالباً ما تؤثر على خط سير عملهم.
كما اضطربت حركة شركة السكك الحديدية الفرنسية، حيث تجري تسيير قطار واحد من كل قطارَين وسطياً. ومن جانب شركات النقل العام في العاصمة باريس ، تراجعت حركة الحافلات أيضاً ولكن حركة مترو الأنفاق كانت شبه طبيعية.
- ماكرون يوعد ويطالب بالتهدئة -
استدعى الرئيس اإيمانويل ماكرون،للمرة الثانية ، رئيسة الوزراء إليزابيث بورن والوزراء المعنيين لتقييم الوضع وطرح حلولا عاجلة لامتصاص الغضب الشعبي.
وقال ماكرون «سنواصل بذل قصارى جهدنا»، مضيفاً أنه يريد حلّ هذه الأزمة «في أسرع وقت ممكن».
كما تريد الحكومة إظهار أنها تنصت إلى الشعب الفرنسي المتأثر بالتضخم. واعتبر وزير الداخلية جيرالد دارمانين، أن هناك «مشكلة أجور» في فرنسا، داعياً «قسم من أرباب العمل إلى زيادة الرواتب عندما يكون ذلك ممكناً».
مطالب المتظاهرين
تتلخص مطالب بعض المتظاهرين في 5 نقاط هي التقاعد في سن الستين بدل الخمسة وستين التي يرغبها ماكرون، وزيادة الأجور، مساعدة مالية للاستقلال المادي تبلغ 1100 يورو للشباب، وتجميد الأسعار، وفرض ضرائب على الأرباح الفائقة والتحول البيئي
أما عمال النفط في شركة توتال للطاقة فيردون الحصول على زيادة قدرها 10% من الراتب بسبب الأرباح الكبيرة والكورة المالية التي حققتها شركة توتال في ستة أشهر الماضية تجاوزت 10 مليار يورو.
صادرت الحكومة الفرنسية مستودعين للمحروقات مع تواصل الإضراب في مصاف تابعة لمجموعة "توتال إينيرجيز" الفرنسية، مع بدء أسبوع بالغ الخطورة تميز باتساع الحركة الاحتجاجية
- مخاوف من تنامي الغضب الشعبي -
بعد حركة الإضراب المستمرة منذ أربعة أسابيع، بدأت تطرأ تصدعات على تحرك المضربين الفرنسيين لدى توتال إينرجيز مع وقف التحرك في إحدى المصافي واستمراره في مواقع أخرى، ما يعني استمرار مشكلة التزود بالوقود.
فقد عُلق الإضراب في مصفاة دونج في غرب البلاد وفق "الاتحاد العام للعمل" لكنه مستمر في أربعة مواقع أخرى ولا سيما في مارديك في الشمال.
انضمت الممثلة السينمائية كورين ماسييرو لدعم المضربين وعلقت قائلة" انا معهم واؤيدهم.. فهم لا يستسلمون. إذا تمكنوا من فعل شيء ما، فسيبعث ذلك بإشارة كبيرة إلى جميع أنحاء فرنسا". وقدمت مع زملائها الكوميديين مسرحية هزلية تنتقد الرأسمالية والشركات متعددة الجنسيات.
وقال بنجامين تانج من الاتحاد العام للعمل "نأمل أن تهتم الإدارة بمطالب المضربين لإنهاء المواجهة".
كان الاتحاد وراء حركة الإضراب التي بدأت في 27 سبتمبر للمطالبة بزيادة الأجور على خلفية التضخم المرتفع والأرباح الفائقة التي حققتها توتال إينرجيز، مع ارتفاع الأسعار المرتبط بشكل خاص بالحرب في أوكرانيا.
وسُجل تحرك لدى شركة إسو-إكسوموبيل قبل توقفه الأسبوع الماضي بعد إبرام اتفاق حول الأجور.
أعلن الاتحاد العام للعمل أنه اقترح "بروتوكولًا لإنهاء المواجهة" على إدارة توتال إينيرجيز التي رفضت الاقتراح. لكن توتال إينيرجيز لم تؤكد ذلك.
دعا الاقتراح إلى "مفاوضات حول التوظيف والاستثمارات"، وإلى "مفاوضات محلية حول القضايا المحددة التي أثارها المضربون"، وكذلك "ضمانات بشأن عدم اللجوء إلى القمع تجاه المضربين"، كما أوضح إيريك سيليني، المنسق الوطني للاتحاد لدى الشركة.