بعد مرور عام على الانتخابات البرلمانية ودخول العراق في حالة من "الانسداد السياسي" جراء الخلافات بين مكونات البرلمان العراقي، تم التوافق في 13 أكتوبر 2022، على اختيار «عبداللطيف رشيد» رئيسا للعراق بعد حصوله على أغلبية الثلثين في الجولة الثانية التي عقدت بمجلس النواب العراقي، ليكون بذلك الرئيس الكردي الخامس لبلاد الرافدين منذ عام 2003 خلفًا لـ «برهم صالح».
من هو «رشيد»؟
«عبد اللطيف جمال رشيد» من مواليد مدينة السليمانية شرق إقليم كردستان العراق عام 1944، حاصل على بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة ليفربول في المملكة المتحدة، وتابع تعليمه هناك حتى حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الهندسة من جامعة مانشستر، ولذا فهو يتحدث ثلاث لغات ( الكردية والعربية والإنجليزية).
ترأس وزارة الموارد المائية بالعراق في أول حكومة تم تشكيلها في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق في الفترة من (2003 - 2010)، ورشحته الحكومة العراقية في عهد الرئيس الراحل «جلال طالباني» لشغل منصب أمين عام منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة، وتم تعيينه مستشارًا أول في الاتحاد الوطني الكردستاني في ديسمبر 2010 ، وبعد انتهاء مهامه تم تعيينه مستشارًا للرئيس العراقي «برهم صالح» في 2018، حتى تم انتخابه رئيسًا للبلاد، وشارك بحكم عمله كوزير للموارد المائية في عدد من القضايا، منها الخلافات مع تركيا حول تقاسم مياه نهري دجلة والفرات والصراع لإنقاذ الأهوار الجافة في جنوب العراق.
الفوز بالأغلبية
حصل "رشيد" مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، في الجولة الأولى على 156 صوتًا من تصويت النواب على انتخاب رئيس الجمهورية الذي ينبغي أن يكون من "الأكراد"، وفقًا لنظام تقاسم السلطة المتبع في البلاد منذ الغزو الأمريكي، بينما حصل في الجولة الثانية على 162 صوتًا ليفوز بالأغلبية على منافسه الكردي الرئيس السابق «برهم صالح» الذي حصل على 99 صوتًا في الجولتين، وما أهل "رشيد" للفوز بهذه الأغلبية هو دعم الحزب الديمقراطي الكردستاني له بعد سحب مرشحه «ريبار أحمد» مسؤول المخابرات الكردي ووزير الداخلية الحالي في إقليم كردستان العراق.
دوره في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني
بدأ "رشيد" حياته السياسية في العشرينيات من عمره بعد انضمامه إلى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ويُعد من أهم مؤسس الحزب والمشاركين في تشكيله، ليتم اختياره لاحقًا مندوبًا للحزب في بريطانيا وممثلًا له في عدد من الدول الأوروبية، وهو ما أهله لتولي دور قيادي في جمعية الطلبة الكرد في أوروبا في (1998-2003)، وتربطه علاقة جيدة بقوي المعارضة العراقية في الخارج، جراء مشاركته في الستينيات من القرن الماضي في الاجتماعات والمؤتمرات التي كانت تعقدها المعارضة، والتي نجحت فيما بعد في الإطاحة بنظام البعث في العراق عام 2003.
مرشح اللحظة الأخيرة
أطلق عليه عدد من المراقبين "مرشح اللحظة الأخيرة" الذي تم اختياره بعد أكثر من تسعة أشهر على فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية في يناير 2022، ورغم أن منصب الرئيس العراقي في الغالب يكون "شرفيا" ورئيس الوزراء يتولى المسؤولية الأكبر في إدارة شؤون البلاد، فإن الكثير يعول على تغير ذلك خاصة أن "رشيد" يتمتع بخبرة قيمة في التعامل مع السياسة المتصدعة في بغداد، وقد لعب خلال السنوات الماضية دورًا بارزًا في مهمة إصلاح العلاقات بين الحكومة المركزية والأقلية الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي في العراق، وهذا سيمكنه من بث حياة جديدة لإصلاح العلاقات المتأزمة بين الطرفين في الوقت الراهن.