وزيري:
لدينا 250 بعثة مصرية وأجنبية تعمل بالمواقع الأثرية.. وموسم الحفائر الحالي مبشر للغاية
إبهار لا ينتهي .. وعلوم تضخ آلاف المعارف والمعلومات للحياة مع كل اكتشاف جديد دون أن ينضب، وحضارة عريقة شكلت تاريخ أمة ومستقبلها.. هي آثار مصر التاريخية وحضارتها المبهرة، وكنوزها الثمينة، التي يتربع على رأس أسطولها الدكتور مصطفى وزيري رئيس المجلس الأعلى للأثار، قائدا عالما حكيما ووطنيا، يعمل طوال يومه في مهمة الحفاظ على الإرث الذهبي العلمي لمصر، وتنميته وتطويره، ومواصلة إبهار العالم أجمع بالاكتشافات الجديدة، والعلوم التي يخرج شعاعها من كل مقبرة ومتحف تصل إليه بعثات المجلس الذي يقوده وزيري.. وحول الجديد في كافة أعمال المجلس، والمنتظر خلال الفترة المقبلة، كان لنا معه هذا الحوار..
بداية.. ماهي آلية التعامل مع البعثات العاملة بالمواقع الأثرية للتنقيب أو الترميم؟
دائما ما اعترض على استخدام كلمة "تنقيب" في الخطاب الإعلامي والعام، فهي تقال على عمليات ومحاولات سرقة الآثار، ولكن نحن نقوم بأعمال حفائر أثرية، ولدينا في مصر نحو 250 بعثة أثرية من 25 دولة، وتقدم تلك البعثات مقترح وجدول أعمال لإدارة اللجنة الدائمة سواء للآثار المصرية أو الإسلامية والقبطية، وتضم تلك اللجنة كافة التخصصات المطلوبة، وبها أعضاء من خارج الوزارة من الجامعات والمعاهد والمعاهد البحثية، ويمكن للجنة أن توافق على بنود المشروع المقدم وترفض بعضها أو تعدل عليه، كما لها أن تحدد الأولويات، وعلى البعثة الأجنبية الموافقة على قرارات اللجنة، وقد تم إيقاف بعض البعثات لمدد وصلت إلى عام لعدم التزامها بتوقيتات مراحل المشروعات المكلفة بها سواء ترميم أو حفائر، أو عدم الالتزام بقرارات اللجنة الدائمة، ولا يسمح لأي بعثة الإعلان عن أي اكتشاف سوى من خلال المجلس الأعلى للآثار الذي يتأكد من صحة الخبر أولا ثم يعلن، وإذا خالفت البعثة ذلك وأعلنت من تلقاء نفسها دون تنسيق، يتم إيقافها أيضا لموسم أو أكثر من موسم.
وهل لا تزال الوزارة تكلف بعثات داخلية بالعمل؟
بالطبع سنظل نعمل على الحفائر والاكتشافات الجديدة، ومنذ عام 2017 كان لدينا 3 بعثات مصرية فقط، ثم أخذنا في مضاعفتها حتى وصلنا في 2019 إلى 80 بعثة، وبالطبع يتم تمويل البعثات المصرية من جانب ميزانية الحفائر بالمجلس الأعلى للآثار.
ما هي أبرز المشروعات الجاري العمل بها؟
انتهينا بالفعل من أعمال إنشاء متحف "عواصم مصر" بالعاصمة الإدارية الجديدة، وبات جاهزا للافتتاح، كما انتهى العمل بتطوير قصر محمد علي في شبرا الخيمة، وجاهزا للافتتاح، بينما يجري العمل حاليا بالمتحف الآتوني بالمنيا، والمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، ويجري العمل بهما على قدم وساق للانتهاء من مشروعات التطوير في موعدها.
وفيما يخص الحفائر الجديدة؟
في 1 سبتمبر بدأ موسم الحفائر الجديد، وتم العمل في مناطق: العساسيف غرب الأقصر، والغريفة بالمنيا، ودراع أبو النجا بالأقصر، وسقارة بالجيزة، ووجه البحري في المنوفية، وجميعها مناطق مبشرة للغاية سوف تكشف الكثير من الأسرار قريبا، وفي 30 مايو الماضي تم الكشف عن خبيئة تماثيل برونزية بسقارة، ومجموعة كبيرة من التوابيت بداخلها مومياوات في حالة أكثر من رائعة، ولكن تعد أهم الاكتشافات هي بردية ظهرت لأول مرة في سقارة، وتم تسميتها ببردية وزيري حيث يجري العرف بتسمية البرديات باسم مكتشفيها، وحتى الآن انتهينا من فك 9 أمتار من البردية، ولا يزال يتبقى بعض الأمتار جاري العمل بها.
لماذا يتم الاستعانة بالقطاع الخاص في المتاحف والمواقع الأثرية؟
تقديم الخدمات في المناطق الأثرية للزوار أمر هام للغاية، ورأينا ضرورة وجود خدمة سياحية مميزة لتقديم تجربة متكاملة وممتعة للسائح، وهنا كان القرار بالتعاون في ذلك مع المستثمرين، سواء بمنطقة الأهرامات أو متحف التحرير، وقصر محمد علي، وقصر البارون، ونهدف لتوفير مطاعم ودورات مياه ووسائل ترفيه ومحال سياحية وغيرها، بحيث يجد السائح ما يشغل وقته طوال اليوم في رحلة لا ينساها.
هل توقفت مفاوضات استعادة حجر رشيد المصري من بريطانيا؟
مفاوضات استعادة حجر رشيد ورأس الملكة نفرتيتي، والزودياك المصري، في كافة مواقعها الخارجية، مستمرة ولم ولن تتوقف، ولكن هذه القطع خرجت من مصر منذ سنوات بعيدة للغاية، وحاليا تقوم إدارة الآثار المستردة بجهود كبيرة لاستعادة كافة القطع التي خرجت من مصر بطريقة غير شرعية، وقد تم استعادة أكثر من 29 ألف قطعة خرجت من مصر بهذه الطرق، وبعد نجاح مفاوضات مضنية ساعدت فيها وزارة الخارجية المصرية بكل قوة.
هل هناك زيادة في أسعار تذاكر الدخول للمواقع الأثرية والمتاحف؟
نعيش في وضع عالمي صعب، وتتزايد كلفة العمل في قطاع الآثار يوما بعد الآخر، مثله مثل باقي القطاعات، وحتى نستطيع الاستمرار في التطوير وتقديم الخدمات والقيام بنفس المهام وبكفاءة، فإنه سيتم تطبيق زيادة أسعار تذاكر دخول 12 موقعا أثريا للأجانب في 1 مايو 2023، وهي زيادة طفيفة لا تتعدى الدولار الواحد، وللعلم فإن حجم الإنفاق على التطوير والترميم وبناء المتاحف والحفائر وغيرها من أنشطة المجلس، لا يوازي أبدا دخل المجلس، ولكن الدولة تساند وتدعم بقوة الأعمال الأثرية المختلفة، حيث وضعت الدولة المصرية مهمة الحفاظ على الآثار وتطوير المواقع الأثرية واستمرار الاكتشافات، نصب أعينها، وتتعاون في ذلك كافة الوزارات.
حدثنا عن الجديد في ملف الآثار الدينية بمصر هذا العام؟
تم افتتاح موقع شجرة مريم والذي يعد إحدى نقاط مسار العائلة المقدسة بمصر، كما تم افتتاح أعمال تطوير زاوية حسن الرومي أحد الآثار الإسلامية الهامة، وجار حاليا العمل في تطوير معبد بن عزرا المصري اليهودي.
هل أصدر رئيس الوزراء أي تكليفات خلال زيارته الأخيرة للمتحف الكبير؟
الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، يولي اهتماما وأولوية للمتحف المصري الكبير، وفي زيارته الأخيرة أعطى توجيهات واضحة وصريحة لكل العاملين بسرعة الانتهاء من وضع القطع الأثرية في فتارين العرض، وتثبيتها على قواعد والانتهاء من كافة أعمال المتحف في أقرب وقت وكأن افتتاحه غدا، ويجري العمل حاليا بالمشروع على مدار الساعة، وبالفعل تم الانتهاء من كافة أعمال الإنشاءات ويتبقى فقط أمور بسيطة في وضع القطع الأثرية، كما تم نقل نحو 55 ألف قطعة أثرية إلى المتحف، منها كنوز مقبرة توت عنخ آمون، ويُنتظر فقط معرفة التوقيت المناسب للافتتاح وقد خصصنا قاعتين للقطع الخاصة بالملك توت عنخ آمون، نظرا لأهمية وضخامة الكنوز الأثرية المكتشفة في مقبرته.
هل تأثر متحف التحرير بنقل القطع الأثرية للمتحف الكبير؟
منذ عام 2016 يتم وضع قطع أثرية جديدة بالمتحف المصري بالتحرير، الذ سيظل منارة حضارية وثقافية هامة بمصر، وله شهرة عالمية واسعة، وسيكون معروضا به ما يقرب من 100 ألف قطعة أثرية، ولا غنى عن زيارته حتى بعد افتتاح المتحف المصري الكبير، ولا يمكن لنا أن نغفل متحف التحرير الذي يعد منارة لكل الدارسين للآثار في كل مكان في العالم، ولا غنى عن زيارته، وسيظل هو المتحف الأم لكافة المتاحف الأثرية في مصر.
صف لنا موقف الدولة المصرية من قطاع الآثار؟
الإنجازات التي تحققت في عهد القيادة السياسية الحالية غير مسبوقة، وعلينا أن ننظر بموضوعية وحيادية مجردة لهذا الأمر، فبدون تكليفات ودعم الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والمساندة والجهد المبذول من دولة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، لما شاهدنا عروضا أثرية يحكي عنها العالم مثل نقل المومياوات وطريق الكباش، ولما رأينا صروح المتاحف المصرية مثل متحف شرم الشيخ، والغردقة والمطار، علاوة على متحف الحضارة المصرية بالفسطاط، وكذا تاج متاحف العالم الصرح الجديد المتحف المصري الكبير، ومشروعات التطوير الكبرى التي لم تتوقف، وذلك يؤكد إدراك الدولة المصرية لأهمية الحفاظ على كنوز مصر، والاستفادة منها في دعم وتنشيط الحركة السياحية، وزيادة الوعي الأثري والحضاري لدى المواطنين.