الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

من أجل عينيكي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نعم أنتِ من أقصد وليس أحد سواكي ، إيزيس المصرية سيدة نساء العالم منذ الأزل.
لا أظن أن رجلا مصريا ينكر أن الحكمة بنت إيزيس ، أمه ، أخته، حبيبته، أم أولاده، مديرته في العمل، بل وحتى بنت الجيران وبنات خالاته وعماته .
لا أظن أن الثلاثين من يونيو كانت ستأتي لولا المرأة المصرية ويقيني أنها ما كانت لتنجح بدونها تماما كما أن النصر على الإرهاب مؤكدا بفضلها.
لست بحاجة لعد مواقف المرأة المصرية في مواجهة الظلم والاستبداد والخيانة والعمالة والجهل وتيارات الظلام الإسلامية، رغم استهدافها طيلة الوقت من قبل الجميع حكومة ومجتمع ونخب سياسية وثقافية وأفكار وعقائد رجعية ومتخلفة .
لم يكن أحد يتصور أن إيزيس المصرية التي طمس جوهرها حجاب الإسلاميين لا تزال تهدي الحكمة والنور للدنيا وأن ذلك الغطاء لم ينل من عقلها ووجدانها لتكون هي القوة الصلبة الحقيقية التي تقف ضد مشروع الجهل والتخلف لما يسمى بالإسلام السياسي .
وفي رأيي أن على الدولة واجب تجاه المرأة التي لولاها لا زالت وانهارت، ويكفينا مثلا أنها هي من تحمل مسئولية الدعاية والتصويت بنعم لدستور 2014، فكما احتفت الدولة بالفن بإحياء عيده وتكريم رموزه كونه أحد أسلحتنا لقطع دابر الجهل والظلام ، فلتحتفي أيضا بالمرأة المصرية، ولا أظنني مبالغا إذا دعوت فنانينا التشكيليين إلى نحت تمثال أو تصميم جدارية ترمز إلى الدور الحاسم لإيزيس المصرية في التخلص من أحط أشكال الاحتلال والذي تجسد في الحكم الإخواني والتصدي للتخلف والإرهاب على غرار ما فعل النحات المصري الكبير محمود مختار الذي صمم تمثال نهضة مصر أوائل القرن الماضي 1918 ؛ وليس أقل من أن يوضع هذا العمل الفني في قلب ميدان التحرير الذي شهد غزوات الإسلاميين لتنظيم هجمات تحرش جنسي جماعية ضد الثائرات أثناء عهد الجاسوس الخائن محمد مرسي .
تمنيت لو أن الدولة المصرية تبنت مبادرة من هذا النوع في عيد الأم الذي يهل مع أول أيام الربيع بعد ثلاثة أيام .
لكن ليس ذلك هو كل شيء ، فرغم معاناة المرأة من مختلف أشكال الاضطهاد والتمييز إلا أن أصواتا تعلو بأن المرأة أخذت كامل حقوقها بل وجارت على الرجل .
سوء النية واضح فأصحاب هذه الأصوات يركنون للحديث الدائم في المنتديات العامة عن مساواة المرأة بالرجل ووجود قوانين وتشريعات كثيرة تضمن حقوقها لكنهم يتجاهلون عمدا حقائق الأرقام التي تعكس وضع المرأة الحقيقي .
المشكلة لا تزال في الثقافة السائدة والنظرة الغالبة في المجتمع للمرأة كإنسان، وتعبر عن هذه المشكلة بعض إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والتي تشير إلى أن نسبة النساء من أعضاء هيئة تدريس الجامعات المصرية لا تتجاوز الـ44%  ، وتنخفض في السلك الدبلوماسي إلى 22% وتتدنى في السلك القضائي إلى 0.4% ، ولا تزيد في القطاع الحكومي عن 27 % .
وظني أنها ستقل عن 20% في قطاع الصحافة والإعلام إذا تم رصده لاسيما وأن بعض الصحف الخاصة لا تحبذ تشغيل الفتيات بزعم انقطاعهن عن العمل خاصة خلال فترات الحمل والولادة.
هذه هي نظرة النخب العلمية والثقافية لقدرة المرأة على الإنجاز والفعل ، وبينما المجتمع يقاوم وجودها في تلك المجالات فإنه يدفع بها للعمل وبكثافة في المجالات غير المنظورة كالزراعة والرعي وبعض الحرف الأخرى ،،، 
فالمرأة في الريف والبادية المصرية هي عماد الزرع والحرث ومع ذلك تحرم من كل حقوقها بدءا من حق التعبير عن مظالمها ، ومروا بحقها في تقاضي أجر على عملها وصولا لحقها في الميراث واختيار الزوج .
وفي البوادي المصرية حدث عن المرأة ولا حرج ، فهي محرومة حتى من حق التقاضي إلا أن طريق وليها الذكر فليس للبدوية حق اللجوء للقاضي العرفي أو المحاكم العادية إلا عن طريق ولي أمرها،  أبوها أو أخوها أو زوجها، وهي دائما المسئولة عن رعي الماشية ، وحرث الأرض وزراعتها وحصد المحصول ، ولا يأتي دور الرجل غالبا إلا في مرحلة بيع المحصول وتوزيعه.
والمرأة البدوية وأطفالها في صحاري سيناء ومطروح هي الأكثر عرضة للألغام ومخلفات الحروب السابقة ، وفوق ذلك كله تمنعها بيئتها من مواصلة التعليم في معظم الأحيان ولو حدث استثناء وأكملت فتاة بدوية تعليمها الجامعي فهي مهددة بالعنوسة لأنها مجبرة دائما على الزواج من ابن عمها حتى لو كان أميا ؛ الأهم من ذلك كله أن المرأة البدوية غائبة دائما عن عقل الدولة.
نذكر جميعا تسجيل الفيديو الذي وقفت فيه إحدى حفيدات إيزيس أثناء وجود بؤرة الإرهاب في رابعة متحدثة عن سبب وجودها هناك ، قالت بالحرف الواحد وهي بنت التسعة عشر تقريبا " هنا نأكل لحمة كل يوم غير خمسة جنيه ، وحتى الطاقية دي هما ادوهالنا ببلاش " 
بقدر ما كانت سعادة الفتاة بوجبة اللحم والجنيهات الخمس والطاقية، كانت تبكي إيزيس حال حفيداتها اللائي تركن على قارعة دروب الجهل والتخلف والإرهاب .
هذه الفتاة وملايين غيرها تتحمل ذنبها ومسئوليتها كاملة الدولة المصرية وعلى الحكومة أن تسرع مهرولة نحوهن ليس فقط ببرامج التنمية الحكومية وإنما أيضا بمكافحة جمعيات صناعة التسول التي حولت ملايين النساء الفقيرات من طاقة عمل وإنتاج إلى متسولات بما تمنحهن من أموال شهرية بحجة دعم الأرامل والمطلقات واليتامى والهدف بالطبع لم يكن تحسين أحوالهن وإنما استغلالهن ككتل تصويتية في صناديق الانتخابات بالزيت والسكر وأموال الزكاة والصدقة، ثم استخدامهن ككتل ودروع بشرية في التجمعات والبؤر الإرهابية على غرار ماحدث في رابعة والنهضة .
ليس أقل من أن تضع وزارة التضامن شروطا ومعايير لعمل الجمعيات والمؤسسات كلها بحيث تنفق أموالها في مشاريع تنموية تستهدف خلق فرص عمل لتلك السيدات ولو كعاملات نضافة في البيوت والشركات أو بائعات في أكشاك وعاملات في ورش تقوم على إعدادها تلك الجمعيات .
إن مكافحة الإرهاب لن تكون بمحاصرة الجمعيات التابعة للتنظيمات الإسلامية فقط خاصة وأن أعدادها كبيرة منها لن يكون اكتشافها بالأمر السهل ، لكن مكافحة الفقر والجهل بتشغيل الناس والنساء على وجه الخصوص هو السبيل الأمثل لمحاصرة ووأد الأفكار التي تبثها جمعيات الإرهاب الإسلامية.