نجم كبير حفر اسمه فى تاريخ وذاكرة السينما والدراما المصرية، من ينسى جملته الشهيرة "ﻋﻴﺸﺖ ﺣﻴﺎتي ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺎﺟﺮ ﻛﻴﻮﻑ، ﺍﺑﺘﺪﻳﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﺎي ﻭﺍﻟﺒﻦ ﻭﺍﻟﺪﺧﺎﻥ.. ﺍﻟﻜﻴﻒ ﺷﻬﻮﺓ، ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺓ هى اللى ﺑﺘﺸﺪ ﺍﻟﻘﺮﺵ ﻣﻦ ﺟﻴﻮﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ".. جملة نطق بها الفنان العالمى الراحل جميل راتب خلال دوره الشهير "سليم البهظ"، في فيلم الكيف.
جميل راتب..
أما عبارة "ولا يا حمو التمساحة يا لا".. فهي هتاف شهير صادر من أعماق فضة المعداوي بعد أن انتصرت على الدكتور مفيد ابو الغار "جميل راتب" ورفع لها الراية البيضاء التي صنعها من قميصه الابيض معلنا استسلامه لإنقاذ “هشام وأمل” من القضية التي لفقتها لهما.
"الراية البيضا" ليس مجرد عمل درامي بل رسالة لرثاء كل قيم الجمال التي تحاول النجاة من الانسحاق تحت بلدوزرات القبح، هذه الرسالة التي حبست أنفاس الجميع وجعلتهم يتابعون محاولات مفيد ابو الغار الذي لعبه ببراعة جميل راتب في الاحتفاظ بفيلته الأثرية الجميلة التي تحتوي أقدم مكتبات الإسكندرية في العصر الإسلامي والحديث في معركة طريفة قوية نجح أسامة انور عكاشة ومخرجها محمد فاضل فى ادارتها باحترافية.
قدم جميل راتب الذى تحل اليوم ذكرى رحيله، حيث رحل عن عالمنا فى 19 سبتمبر 2018، العديد من الشخصيات الهامة منها لطفى الدمنهوري فى سنبل بعد المليون، ورمزى فى "غدا تتفتح الزهور”، والخواجة موريس فى مسلسل النديم، والدكتور تيمور فى مسلسل وقال البحر، ورشوان فى أحلام الفتى الطائر، وأبو الفضل فى يوميات ونيس، وريتشارد فى فارس بلا جواد، وجيوفانى ديلورينزى فى زيزينيا وصلاح أبو رحاب فى ضمير أبله حكمت والعمدة حيدر فى السبنسة، وبسيونى فى الزوجة أول من يعلم، والوزير رشدى فى طيور الظلام، والدكتور علي خليفة فى فيلم البريء.
كما قدم الشرنوبى رجل الاعمال الفاسد فى حب فى الزنزانة، ودرويش فى وحوش المينا، وجسد دور إدمون فى فيلم الصعود إلى الهاوية، وأفندينا فى شفيقة ومتولي، ورشدى عبد الباقى فى فيلم على من نطلق الرصاص، وجسد دور ماجد فى فيلم لورانس العرب.
67 فيلما سينمائيا ميراث فني تركه الفنان العالمي جميل راتب خلال مشواره الذي بدأه منذ 70 عامًاً.
ولد جميل راتب فى 18 اغسطس 1926 لأب مصري مسلم وأم مصرية صعيدية ابنة أخ هدى شعراوي وليس كما يشاع أنه من أم فرنسية، كلٌ منهما من أسرة غنية محافظة. أنهى التوجيهية في مصر وكان عمره 19 عاماً، دخل مدرسة الحقوق الفرنسية وبعد السنة الأولى سافر إلى باريس لإكمال دراسته، وفي عام 1974 عاد إلى القاهرة لأسباب عائلية.
في بداية الأربعينات حصل على جائزة الممثل الأول وأحسن ممثل على مستوى المدارس المصرية والأجنبية في مصر، على عكس ماهو معروف أن البداية الفنية لجميل راتب كانت في فرنسا من خلال خشبة المسرح، يؤكد تاريخ السينما المصرية أن البداية الفنية الحقيقية كانت في مصر عندما شارك عام 1946 في بطولة الفيلم المصري «أنا الشرق» الذي قامت ببطولته الممثلة الفرنسية كلود جودار مع نخبة من نجوم السينما المصرية في ذلك الوقت منهم: جورج أبيض، حسين رياض، توفيق الدقن، سعد أردش، بعد هذا الفيلم سافر إلى فرنسا ليبدأ من هناك رحلته الحقيقية مع الفن، ملامحه الحادة أهلته لأداء أدوار الشر.
عقب عرض فيلم أنا الشرق شاهده أندريه جيد في «أوديب ملكاً» فنصحه بدراسة فن المسرح في باريس فقبل النصيحة.
شارك في بطولة العديد من الأفلام المصرية، وأصبح الفرنسيون يطلبونه في أدوار البطولة فعمل 7 أفلام في السنوات العشر الأخيرة كما عمل أيضا في بطولة ثلاثة أفلام تونسية إنتاج فرنسي مصري مشترك.
بعد عودة جميل راتب إلى القاهرة رشح لدور الضابط في «الكرنك» الذي لعبه كمال الشناوي، ثم رشحه صلاح أبو سيف دوراً مهماً في فيلم «الكداب» بعدها انهالت عليه الأدوار من كل مخرجي السينما تقريباً. وبعدما نجح سينمائيا في مصر طلبته السينما الفرنسية.
كذلك خاض تجربة الإخراج المسرحى وقدم مسرحيات مثل «الأستاذ» من تأليف سعد الدين وهبة، ومسرحية «زيارة السيدة العجوز» والتي اشترك في إنتاجها مع محمد صبحي ومسرحية «شهرزاد» من تأليف توفيق الحكيم.
تم تكريم جميل راتب عدة مرات ومنها تكريمه من مهرجان القاهرة السينمائي عام 2005 وفي مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في الدورة السابعة 2017 ومن نقابة المهن التمثيلية عن مجمل أعماله 2015 ومن منظمة الأمم المتحدة للفنون عام 2018 خلال احتفالها السنوي بعيد الأب و من مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى في دورته 33 عام 2016.
توفي جميل راتب فى 19 سبتمبر 2018 بعدما فقد صوته بسبب مرض الشيخوخة تاركا ارثا ضخما من الاعمال والقيم والرسائل والاختيارات لجمهوره لعل ابرزها وانت تشاهد معظم اعماله تجد نفسك تحتار فى قضاياه مع او ضد، إما ان تكون خلف بلدوزر فضة المعداوي الذي يرغب في هرس كل قيمنا الجميلة، والبهظ المدمر لعقول الشباب والمجتمع فى الكيف، أو ان تكون قابضا على جمر التحدي متمسكا بالاصول والقيم وتقف مع ابو الغار حول الفيلا وضد القبح وضد البهظ وامثاله.