طالب مسؤولون حكوميون فى دول مختلفة ومنظمات دولية بضروة إتاحة البديل أمام العمال الذين سيخسرون وظائفهم جراء التحول إلى الاقتصاد الأخضر، بالتزامن مع أهمية مشاركة القطاع الخاص باعتباره شريكا محوريا في التصدي لقضايا التغيرات المناخية .
جاء ذلك خلال ورشة عمل "سوق عمل مهيأ إلى التحول نحو الاقتصاد الأخضر" التي عُقدت ضمن فعاليات منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي Egypt-ICF2022، حيث شددوا على أهمية مواجهة التحديات التي تحول دون الانتقال العادل للتحول الأخضر وأهمية اتخاذ التدابير اللازمة لإعادة تأهيل من فقدوا وظائفهم ليكونوا قادرين على الانتقال إلى وظائف أخرى ، وتم خلال الجلسة استكشاف الفرص والسياسات اللازمة لتنمية المهارات الاقتصادية وتحديد دور الحكومات وشركاء التنمية والقطاع الخاص للترويج لسوق عمل وفقا لمعايير الاستدامة البيئية.
من المتنبأ ان تلقى التغيرات المناخية بظلالها على سوق العمل خاصة العاملين فى القطاعات الاكثر عرضة للظواهر المناخية العنيفة مثل قطاع الزراعة والبناء حيث تتوقع منظمة العمل الدولية فقدان نحو 80 مليون شخص لوظائفهم هذا بالاضافة الى خسائر اقتصادية بقيمة 2.4 تريليون دولار بحلول عام 2030. فى حين ان التحول إلى الاقتصاد الأخضر والتدابير المتعلقة بالطاقة النظيفة تحقق 18 مليون وظيفة بحلول عام 2030.
من جانبها قالت باربرا كريسي، وزيرة البيئة والغابات بجنوب أفريقيا، إن جنوب افريقيا من بين أكثر 20 دولة مساهمة في انبعاثات الكربون كما أوضح جود كيري من قبل.
وأضافت: “أعتقد أن هذه المساهمة تقدر بنحو 2%، جنوب أفريقيا لديها عدد من الصناعات المهددة في إطار برامج التحول الأخضر مثل صناعة الأسمنت وصناعة السيارات”.
وأشارت إلى أن جنوب أفريقيا خسرت نحو 80 ألف وظيفة جراء التحول من صناعة الفحم، ويتم صياغة أجندة للتحول في القطاعات السبعة للاقتصاد التي تساهم بالنصيب الأكبر في انبعاثات الكربون، لافتة إلى أنه في العام الماضي شكل رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا لجنة رئاسية تمثل الشركات والحكومة والمجتمع المدني وقد انتهت إلى أن التحول الأخضر لا يؤثر فقط على الحكومة ولكنه يتطلب تضافر جهود المجتمع ككل وفقا لكريسي.
وطرحت وزيرة البيئة والغابات الجنوب أفريقية سؤالا يتعلق بكيفية إعادة تدريب العمال الحاليين في القطاعات المتأثرة بالتحول الأخضر على المهارات الجديدة بحيث يمكنهم المشاركة في هذا التحول في المستقبل.
وتابعت: "نحن نُدرك أن هناك قطاعات ومجتمعات لن تستطيع الحصول على فرص توظيف ولذلك تمت مناقشة الدعم الاجتماعي لهؤلاء"، مشيرة إلى أنه يجب أن تكون هناك ترتيبات حكومية تضمن إعادة تدريب تلك المجتمعات المتأثرة بالتحول الأخضر على المهارات الجديدة وبرامج لدعمهم وتوفير التمويل اللازم".
ضرورة الاهتمام بمستوي الوعي والعمل على زيادته
من ناحيتها قالت ايستر ليسنج فوتابونج، مديرة برنامج الابتكار والتخطيط، بنيباد إن هناك أمر مهم يتمثل في مستوى الوعي ويتمثل في عدم معرفة العامة بمصطلح الوظائف الخضراء.
وطالبت بزيادة التواصل والتوعية وعدم التوقف عن العمل بعد انتهاء المنتدى، لإيصال مفهوم التحول الأخضر لرجل الشارع العادي والشباب.
وشددت على ضرورة حصول الشباب على أجور ملائمة ليعيشوا حياة مناسبة، فضلا عن عمليات رفع المهارات وتحديدها ، والتي يحتاج الشباب إلى التدريب عليها للحصول على الوظائف الخضراء.
وقالت: “ينبغي تأهيل الاقتصادات في القارة الأفريقية وتوجيه المزيد من التركيز على دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والبطالة تُشكل عاملا هامًا وتحديًا للساسة والاقتصاديين على حد سواء، لذا يجب معالجة التحديات التي يخلقها التغير المناخي مع التركيز في ذات الوقت على كيفية تأثير التحول الأخضر على المجتمعات وكيفية مساهمته في خلق فرص عمل جديدة للشباب”.
وأشارت إلى أهمية الإيمان بضرورة تحديد وسائل عملية لخلق الوظائف في مجالات الغذاء والطاقة والمياه، على سبيل المثال لماذا لا نخلق فرص تدريبية للشباب للدخول إلى سوق صناعة اللوحات الشمسية.
وطالبت بتسليط الضوء على ضرورة زيادة التعاون بين الوزارات وخلق قاعدة بيانات وظيفية تتضمن المهارات الجديدة اللازمة للاندماج في التحول الأخضر.
وشددت علي ضرورة الاهتمام بالتعليم الفني ومشاركة المعلومات وتشجيع الشراكات مع القطاع الخاص في مجالات التحول الأخضر.
التكنولوجيا الحديثة وتمكين الشباب
وقالت باربرا رامبوسك، مديرة المساواة بين الجنسين والشمول الاقتصادي بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية إنه عند التحدث عن الاقتصاد الأخضر ينبغي التحدث عن الحد من استخدام الوقود الأحفوري بالاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى تمكين الشباب من العمل وخلق فرص عمل ملائمة لهم من خلال الاقتصاد الأخضر.
وأضافت: "لابد أيضا من التركيز بوتيرة أكبر على قطاعي الصناعة والسياحة وزيادة دور القطاع الخاص".
وقالت إن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يسعى لعقد شراكات مع القطاع الخاص وإطلاق الكثير من الاستثمارات.
واعترفت رامبوسك بوجود تحديات تواجه أصحاب الأعمال للتحول إلى الاقتصاد الأخضر وهي تحديات يجب مناقشتها والتعامل معها وخلق وظائف للشباب ودعم المهارات.
وألقت مثالا قائلة: "مصر لديها مبادرة جيدة تم اطلاقها تحت اسم المنصة الوطنية لبرنامج نوفي وهي إحدى المبادرات المعنية بتخفيف استهلاك الطاقة وزيادة وعي المواطنين وتوفير منح التدريب ودعم المهارات وزيادة الفرص".
وشددت على مشاركة القطاع الخاص فى برامج التحول الأخضر بإعتباره شريكا محوريا، إذ ينبغي تحديد احتياجات المجتمع وتدريب الشباب على متطلبات سوق العمل، "فنحن في حاجة إلى رأس المال البشري".
ويمثل القطاع الخاص قاطرة التقدم وفقا لرامبوسك، نحو مواجهة التحديات المناخية.
وطالبت صناع السياسات بالتعاون مع أصحاب الأعمال وبحث سبل التعليم والتدريب المهني اللازم لدعم القدرات وتحويل الوظائف إلى وظائف خضراء، وتشجيع الشباب على التكيف والتفكير في تلك الوظائف.
دول الجنوب الأفريقي لديها مشاكل خليط من التحديات
من جانبه قال السفير أحمد عبد اللطيف، مدير مركز القاهرة الدولي لتسوية المنازعات إنه سيبدأ حديثه من تجربة جنوب أفريقيا للتحول الأخضر مع تركيز الحديث على الأمور التي تعاني منها دول الجنوب الأفريقي، حيث تعاني تلك الدول من النزاعات السياسية.
وأضاف عبداللطيف ، أن الأمر مختلف بالنسبة إليها ، اذ يتوافر خليط من النزاعات والمشكلات المختلفة، بما في ذلك الفيضانات والنزوح السكاني وزيادة عدد اللاجئين.
وتتمثل أزمة جنوب أفريقيا كذلك في مرونة التأقلم مع التغيرات المناخية، لذلك ينبغي إنشاء مؤسسات معنية بمواجهة مثل تلك التحديات المناخية، وتمثل الزراعة في الجنوب الأفريقي القطاع الأكبر، ونسبة كبيرة من شعوب هذه الدول لا يحصلون على أي وسائل للطاقة، وهذه بعض المشكلات البسيطة التي تواجه تلك الدول.
تمثل الزراعة أهمية خاصة في قارة افريقيا حيث تساعد على التحول الأخضر وفقا لعبداللطيف، وقال إنه من الأمور التي تم إغفالها في المناقشات إلى حد ما أزمة فيروس كورونا التي غيرت العالم جذريا وأدت إلى الكثير من التغييرات والتحديات غير المتوقعة.
بناء الشراكات بين القطاعين العام والخاص
قالت أيمي بوب، نائب المدير العام للإدارة والإصلاح، في المنظمة الدولية للهجرة ،إن الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني هام للغاية جدا لتحقيق المستهدف. وأشارت إلى أن أحد الأمور التي يجب مناقشتها هو عدد العمال في القطاعات غير الرسمية.
وأضافت: " انظروا إلى مصر على سبيل المثال، حيث نجد أن 95% من العمال يعملون بوظائف غير رسمية لذا فإنهم لا يعدوا ضمن القطاع الخاص".
وأوضحت أن الهجرة قد تكون أداة للتنمية، فالهجرة تساعد في نقل المهارات وبناء القدرات للمجتمعات الافريقية وهي أداة جيدة وهامة للتنمية والتطوير.
وطالبت بوب ببحث كيفية بناء الشراكات والحصول على الأيدي العاملة فى المناطق المختلفة بأفريقيا.
وأشارت إلى أن هناك مجتمعات تفتقر إلى الأيدي العاملة الماهرة، وتتطلب توفير فرص التدريب للشباب لتزويدهم بالمهارات المطلوبة في تلك المجتمعات لمساعدتهم على إيجاد فرص العمل. وطالبت بضرورة وضع استراتيجية شاملة توفر حلول لكل طوائف المجتمع المتأثرة بالتحول الأخضر.
برامج لتحويل المهارات للتغلب على التحديات
من ناحيته قال فيفك باثاد،المدير والرئيس االعالمي لأعمال المناخ،في مؤسسة التمويل الدولية: لابد أن نفكر في التغييرات التي تحدث في العالم وخاصة في قطاع الطاقة، لقد فقدنا بالفعل عدد كبير من الوظائف نتيجة التغير المناخي.
وتابع: الثورة الرقمية خلقت وظائف كثيرة، لكن التحول الأخضر الذي نسعى للوصول عبره إلى صفر انبعاثات بحلول 2050 قد تسبب حتى الآن في فقد العديد من الوظائف، والاقتصاد الأخضر سيخلق فرص عمل جديدة خضراء ولكنه سيتسبب في خسارة وظائف أخرى لذا يجب الاهتمام بهؤلاء المعرضين لفقد وظائفهم وتوفير أدوات ومبادرات اجتماعية لهم.
وطالب بالتفكير في تحويل مهاراتهم كتدريب المهندسين على تصميم المباني الخضراء على سبيل المثال.كما يمكن تدريب الشباب على فرص العمل الخضراء الجديدة وتشجيعهم على الانتقال للعمل في تلك القطاعات.
وانطلقت فعاليات فعاليات النسخة الثانية من منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي Egypt-ICF2022 واجتماع وزراء المالية والاقتصاد والبيئة الأفارقة، بالعاصمة الإدارية الجديدة، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي حيث تنظمه وزارة التعاون الدولي، بالشراكة مع وزارات الخارجية والمالية والبيئة، وبالتعاون مع اللجنة الاقتصادية لأفريقيا بالأمم المتحدة.
وتتماشى أهداف منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي، مع الهدف الرئيسي لقمة المناخ COP27 في مصر والذي يعمل على دفع جهود المجتمع الدولي للانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ، والترابط الوثيق بين التنمية والعمل المناخي، وفي هذا الصدد فإن Egypt-ICF2022 يضع ثلاثة أهداف رئيسية أولها؛ حشد الموارد وتيسير الوصول إلى التمويل، وثانيًا: تمويل أجندة التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية، وبحث الجهود والتدابير الوطنية.