سئل عبد الوهاب فى أحد اللقاءات التليفزيونية: هل سبب نجاح أم كلثوم ( رحمة الله عليهما الاثنين) هو موهبتها الفنية فقط، أم أن هناك أسبابا أخرى ؟ فأجاب موهبتها الفنية وسلوكها الاجتماعى والذى تمثل فى احترامها لنفسها ولجمهورها وحرصها فى تصرفاتها وأحاديثها إدراكا منها بأهمية مسيرتها الفنية وقيمتها ومكانتها وساعدها على ذلك رصيدها الثقافى الذى اكتسبته من خلال القراءة المستمرة ومجالستها للشعراء والمفكرين.
هذا السلوك الاجتماعى الذى ذكره الراحل عبد الوهاب هو من - وجهة نظرى - عبارة عن مزيج من الذكاء الاجتماعى المتميز والحس المرهف اللذان تمتعت بهما ام كلثوم فشكلا تلك الشخصية التى استطاعت بأسلوبها وتصرفاتها المتزنة ان تفوز ببراعة بحب واحترام جمهورها فكان وما زال رصيدها هو الحب والاحترام وبالطبع التقدير لموهبتها الفنية الفذة التى لن تتكرر.
نعم القدرات الفنية وحدها لا تصنع النجاح بمفهومه الشامل، والمقصود بالمفهوم الشامل هو الوصول الى الهدف سواء كان منصب او مكانة فنية أو بطولة رياضية او ايا كان، وفى نفس الوقت الفوز بحب واحترام وتقدير المجتمع ذلك الذى يكلل النجاح المحقق ويعطيه الطعم والمذاق، وهو فى الواقع الذى يستمر حتى بعد زوال المنصب أو انتهاء المسيرة.
كثيرون ليس لديهم هذا القدر من الذكاء وبالتالى هم لا يدركون هذه الحقيقة ويصيبهم الغرور من الشهرة أو نشوة المنصب فينعكس ذلك على سلوكهم الاجتماعى أو الوظيفى وأسلوب تعاملهم وتصرفاتهم فتكون النتيجة توارى نجوميتهم ونفاذ رصيدهم لدى الناس او الفشل وعدم الاستمرار فى المنصب وتستطيع أن ترى بوضوح فرحة الناس حين يرحلون.
على الجانب الاخر حينما تتامل فى النجاح ورصيد الحب والتقدير الذى يتمتع بهم البطل المصرى محمد صلاح مثلا لدى جماهيره فى كل بلاد العالم ستجد ان اسلوبه ودماثة خلقه وتواضعه وحرصه الشديد فى تصرفاته وأحاديثه ودعمه المستمر لبلده واهله وفريقه بالاضافة بالطبع الى تفوقه وتميزه الرياضى، هذا المزيج من السلوك الاجتماعى كما أطلق عليه عبد الوهاب والتفوق الرياضى هما اللذان صنعا وشكلا حالة محمد صلاح.
أحد أهم النصائح التى سمعتها فى بداية حياتى العملية كانت ( كيف ترى نفسك - هذا أمر هام جدا ويشكل ثقتك فى نفسك، وبنفس القدر من الاهمية كيف يراك الآخرون - وهذا يتوقف على تصرفاتك وطريقة تعاملك مع الآخر وهو ما وصفه عبد الوهاب بالسلوك الاجتماعى.