انطلق صباح اليوم، أولى المحاور الفكرية المصاحبة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته ال 29 والتي تحمل اسم المخرج العالمي بيتر بروك.
وبدأت المحاور الفكرية بمناقشة كتاب “تأملات في فينومينولوجيا المسرح الناقد عبد الناصر حنفي” والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويناقش الكتاب كلا من الدكتور محمد سمير الخطيب والدكتور مصطفى سليم ويدير الجلسة الناقد أحمد خميس، وتأتي المناقشة بحضور الأكاديميين والباحثين من مختلف الدول العربية والأجنبية والمشاركين بالمهرجان ومنهم الدكتور أبو الحسن سلام والدكتور جمال ياقوت رئيس المهرجان والفنان غنام غنام والدكتور كريم عبود.
ويتناول كتاب تأملات في فينومينولوجيا المسرح حول ثلاثة محاور الأول يسعى إلى إعادة تقديم مبحث فينومينولوجيا المسرح انطلاقا من محاولة وصف وتحليل ما يخص "الفعل المسرحي" بوصفه مزيجا مركبا ومتطورا من ألعاب الظهور والعاب الحضور معا، الأمر الذي تطلب إعادة التفكير في أسس الفينومينولوجيا التي تتحلق أكثر مما ينبغي حول مفهوم الحضور، مرورا بالتوقف أمام التكوين الجينيالوجي للفعل المسرحي، وصولا إلى التأمل في ماهيته ومصيره في ظل بعض التطورات التكنولوجية الجارية.
أما المحور الثاني، فقد اقتصر على استثمار شيئا من هذه الأفكار في مقاربة بعض الظواهر المسرحية، سواء في جانبها الاجرائي (تقنيات مسرح الشارع)، أو تعالقها مع التغيرات الاجتماعية والسياسات الثقافية في مجتمعها المحلي والتطورات الجمالية في العالم (مشروع المهرجان التجريبي)، أو في مواجهتها للتحول المعلوماتي عبر استدعاء كتلة/أداة بالغة القدم مثل الدمى.
فيما يذهب المحور الثالث إلى محاولة تقديم تحليلات تمهيدية قد تصلح كافتتاحية تدشن لمشروع أكبر يستهدف دراسة الحالات التي طرأت على المسرح المصري –ومجتمعه- في فترات ما بعد يناير 2011؛ عبر وصف ما مرت به من اندفاع والتفاف ثم تبدد لطاقة اجتماعية هائلة أو غير مسبوقة وأثر هذا في خلخلة رؤى مسرحنا لعالمه وتفكيك الأرصدة الجمالية التي راكمها لنفسه عبر عقود؛ مع رصد بعض الاقتراحات التي قدمتها اعمال مسرحية بعينها في هذا الصدد.
وبرغم أن هذا الكتاب مهموم بالمسرح بصفة أساسية، ولكنه أيضا كتاب من أجل الفلسفة إلى حد ما، وذلك لأن أغلب تأملاته كانت محفوفة برهان تكريس ظاهرة "الفعل المسرحي" على نحو قد يفضي في النهاية إلى أن تصبح هذه الظاهرة بالنسبة للفلسفة بمثابة المختبر التحليلي الذي يتيح انكشاف وتدقيق أفكارنا حول العالم وطرق إعادة إنتاج العلاقات المكونة له، وهو ما قد يمثل دعما لم تحظى به الفلسفة من قبل إلا مع الفعل اللغوي!