الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

يـد السيسـي المغـلولــــة..!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما جرى لجنودنا السبعة في سيناء، وعرضهم على الملأ في شريط فيديو بأكثر الصور إهانة، يؤكد أن هذه الجريمة ليست سوى حلقة من حلقات استهداف المؤسسة العسكرية المصرية، ومحاولات الحط من شأنها والمساس بهيبتها.
هذا المسلسل الرخيص بدأ بشعار “,”يسقط حكم العسكر“,” الذي صنعه الإخوان ولاكته القوى المدنية، التي لا تزال بعض فصائلها تردده على نحو ما جرى في مظاهرات الجمعة 17 مايو الجاري، وكانت أعنف حلقاته في أغسطس 2012 م، عندما قتل 17 من جنود حرس الحدود في رفح.
اليوم يختطف سبعة، ثم يتم طلب مقايضتهم بمجرمين وإرهابيين محكوم عليهم في جرائم ارتكبت كلها ضد الدولة المصرية، وهو ما يعني إمعانًا في إهانة هذه الدولة من خلال محاولة إجبارها على التخلي عن احترام سلطة القضاء والقانون.
كما أنها إهانة أيضًا لكل أجهزة ومؤسسات الأمن، فجريمة الاختطاف في حد ذاتها، ثم إظهار المختطفين في تلك الصورة المهينة، إنما هي رسالة أراد الإرهابيون ترويجها، وهي أن سيناء أضحت أرضًا مستباحة لهم وخارج سيطرة جميع أجهزة الدولة، بكل ما تمتلكه من إمكانيات عسكرية وأمنية واستخباراتية.
وظني أن رسالة كهذه تأتي بعد أيام قلائل من تأكيد الفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة، عدم معرفته قتلة جنودنا على الحدود، إنما ترسخ إحساس عدم الثقة في قدرة الجيش المصري، وتعمل على هز صورته لدى المصريين، الذين باتوا يتساءلون: في أي مؤسسة عسكرية كانوا يثقون إذًا طالما أن حدودنا الشرقية تم اختراقها، حتى قبل سقوط النظام السابق، بعناصر قتالية جاءت لتقتحم السجون، وعلى رأسها سجن وادي النطرون، لتهريب أبناء العشيرة من الإخوان والإرهابيين؟!
ثم ها هم جنودنا يُقتلون، وتمر عشرة أشهر كاملة ليقر بعدها رأس المؤسسة بفشله في معرفة القتلة، وصولاً إلى واقعة الاختطاف.
وبعيدًا عن هذا النوع من التساؤلات المشروعة، التي تفرضها حوادث الواقع، إلا أن ترك فلول الإرهابيين الإسلاميين ترتع في ربوع سيناء، رغم ماسمعناه كثيرًا عن عمليات “,”نسر“,”، ثم تأكيد بعض الخبراء العسكريين أن القضاء على الإرهاب يحتاج إلى قرار سياسي يملكه رئيس الإخوان محمد مرسي، وليس وزير الدفاع، يظهر –وبجلاء- أن يد الفريق أول عبد الفتاح السيسي مغلولة، ولا تملك حتى قرار تحركها نحو إنقاذ هيبة الجيش والأمن القومي للوطن.
والسؤال: إلى متى ستظل هذه اليد مغلولة؟! قد لوحوا في السابق بإقالة صاحبها، واليوم تحوم علامات الاستفهام حول طريقة إدارة قضية اختطاف الجنود السبعة.
مرسي في أول تصريحاته، يؤكد حرصه على حياة الخاطفين والمخطوفين، ثم يدعو بعد ذلك فصائل المعارضة لحوار وطني لبحث إدارة الأزمة، وهي الفصائل التي طالما ضرب بمواقفها وآرائها عرض الحائط، بدءًا من إعلانه غير الدستوري في 21 نوفمبر 2012م، وصولاً إلى الإصرار على إصدار قانون مذبحة القضاة.
ومن المهم هنا أن نتذكر قيام مرسي بالعفو والإفراج عن 33 من عتاة الإرهاب والعنف الديني فور توليه منصب الرئاسة، وهو ما يؤكد طبيعة نظرته لهؤلاء المجرمين، وبمعنى آخر أن مرسي قد لا يجد أي مشكلة في الإفراج عن الإرهابيين الستة الذين يطالب الخاطفون بفك أسرهم، على حد التعبير الذي استخدموه، مقابل حرية الجنود السبعة.
وما يزيد الشكوك في اتجاه مرسي وعشيرته صوب هذا الحل كثرة أنباء التفاوض والاتصال مع الخاطفين وتضاربها مع بعضها البعض، وهذه طريقة إخوانية اعتدناها خلال الأشهر الماضية يقصد بها إرباك الجميع وتشتيت انتباههم، حتى نفاجأ بحل يصفقون له ويزغردون، بل قد يعتبرونه من فتوحات مرسي العظيمة.
ولا مجال هنا للتساؤل عن هيبة الدولة والقضاء وسلطة القانون، بل إنه من قبيل السذاجة أن نتوقع من هذا الرئيس الإخواني حرصًا على هيبة القضاء وقوة الدولة، وهو التابع لجماعة أكدت كل ممارساتها –وبوضوح- أن سعيها الرئيسي الآن هو هدم الدولة بكل أركانها، وكسر جميع أوتادها؛ لتقيم على أنقاضها خيمة المرشد، والتي ستكون نقطة البداية نحو حلم الخلافة المريض.
ما يجري في سيناء يثير كثيرًا من الشكوك حول طبيعة الصفقة التي أبرمت بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين، التي تم تسليم البلاد من خلالها، والتي يؤكد الفريق السيسي طوال الوقت حرصه على الالتزام ببنودها.
وهنا من حقنا أن نسأل الأخير: هل كان من بين شروط الاتفاق غل يد الجيش عن حماية أمننا القومي في سيناء، وفتح المجال أمام فئران الإرهاب الجهادية، لتحتل جبال شبه الجزيرة، وتتسلل إليها عبر جحور غزة؟!
هل كان من شروط الصفقة أن يتخلى الجيش عن دوره كحارس للدولة المدنية الحديثة، ويغض بصره عن عمليات الأخونة التي يراد بها بناء دولة إخوانية لا تعرف التعددية أو الديموقراطية، ولا تحترم حرية الرأي والتعبير؟!
وإذا كان الأمر غير ذلك، فلماذا هذا الصمت عن الإهانات المتكررة؟ فقد صار أمرًا مثير للاشمئزاز و“,”القرف“,”، فلا معنى للسكوت عن وصف المخابرات على أنها جهاز من البلطجية، تمامًا كما أنه لا معنى لانتظار قرار سياسي يصدره الرئيس الإخواني حتى يتمكن الجيش من القيام بعمليات عسكرية حاسمة تقضي على فئران الإرهاب.
ولا نلوم هنا مرسي وجماعته، فجميع فصائل وحركات الإسلام السياسي الدموية إنما خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، وليسوا سوى أفخاذ أو عشائر تتفرع من قبيلتهم، لكن اللوم كله على قادة هذه المؤسسة، التي هي آخر ما تبقى من أعمدة الدولة، فهل يطول صمت الفريق أول عبد الفتاح السيسي حتى يفاجأ بتكرار ما حدث مع المشير طنطاوي عقب اغتيال الجنود الـ17 في رفح؟!، وإن كانت إقالة السيسي -لو حدثت- هي خسارة أقل فداحة من بقائه، وقيام مرسي بحل الأزمة بالإفراج عن الإرهابيين الستة المحكوم عليهم جميعًا في جرائم متعددة، كما يطالب الخاطفون، حينها ستسقط الدولة المصرية بحق، ولن يتبقى منها سوى الذكريات، فهل يرضى السيسي لنفسه أن يستمر وزيرًا للدفاع في إمارة الإرهاب؟!