وقائع باتت متعددة خلال الآونة الأخيرة، بعدما أقدم العديد من العناصر الإجرامية على استخدام حيل مبتكرة لسرقة أموال المواطنين والاستيلاء عليها بالإكراه، حيث يقومون بانتحال صفة رجال شرطة، لسهولة السيطرة على فريستهم وترهيب المواطنين والاستيلاء على أموالهم دون مقاومة، ظنا منهم أنهم في أمان وبعيدين عن أعين رجال الأمن، ولكن كانت الأعين الساهرة لهم بالمرصاد، وألقت القبض على العديد من التشكيلات العصابية المتخصصة في انتحال صفة رجال شرطة.
في محافظة القاهرة، تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على تشكيل عصابي مكون من 8 أشخاص انتحلوا صفة رجال شرطة وقاموا بسرقة مبلغ 380 ألف جنيه من صاحب شركة إنقاذ نهري، بزعم بيع دراجة مائية جيت سكي وبعد استدراجه لمدينة حلوان استولوا على المبلغ وفروا هاربين.
وتلقى الرائد محمود عاطف، معاون أول وحدة مباحث قسم شرطة حلوان، بلاغا من المدعو وحيد محمد، 27 سنة، صاحب شركة إنقاذ بحري، ومقيم في كفر الشيخ، بتعرفه على أحد الأشخاص يدعى منصور الصعيدي ومقيم مدينة حلوان واتفق مع الأخير على شراء دراجة مائية جيت سكي مقابل مبلغ مالي 380 ألف جنيه، وعند حضوره لمدينة حلوان بجوار مستشفى حلوان العام لإتمام عملية الشراء فوجئ بمجموعة أشخاص يستقلون سيارة ملاكي وأخرى ميكروباص وانتحلوا صفة رجال الشرطة وقاموا بسرقة المبلغ المالي.
وفي مدينة حلوان تمكنت وحدة مباحث القسم، من القبض على تشكيل عصابي تخصص في سرقة المواطنين بالإكراه بعدما انتحلوا صفة رجال شرطة مستخدمين جهازا لاسلكيا وسلاحا ناريا.
وتلقى ضباط مباحث قسم شرطة حلوان، بلاغ من المواطن «رسلان م.ا.ر»، 36 سنة، سائق بشركة لتعبئة وتوزيع البقوليات، ومقيم في الإسماعيلية، وهو قائد سيارة چامبو «ملك الشركة» بأنه عقب تسليمه شحنة خاصة بالشركة لأحد التجار بمنطقة كفر العلو دائرة القسم، وحال عودته بالطريق الأوسطي توقف على جانب الطريق، إلا أنه فوجئ بتوقف سيارة ملاكي سوداء اللون يستقلها شخصان مجهولان بجانب سيارته وقاما بإيهامه بأنهما من رجال الشرطة وتوجها لتفتيش السيارة خاصته وحال ذلك استوليا على مفاتيح السيارة قيادته ومبلغ مالي وقدره مائة ألف جنيه قيمة الشحنة الخاصة بالشركه وفرا هاربين، وبعمل التحريات أمكن تحديد المتهمين والقبض عليهما.
وفي منطقة الأزبكية بمحافظة القاهرة، ألقى رجال المباحث، القبض على مسجلين خطر انتحلا صفة رجال شرطة لسرقة المواطنيين بالأزبكية.
الواقعة بدأت أثناء مرور قوة أمنية تابعة لوحدة مباحث قسم شرطة الأزبكية، لتفقد الحالة الأمنية بدائرة القسم، تناهى إلى سمعها صوت استغاثة من أحد الأشخاص، وباستبيان الأمر أمكن ضبط شخصين، لهما معلومات جنائية، مقيمين بنطاق محافظتي «القاهرة- الفيوم»، وبحوزتهما «مبلغ مالي مجهول المصدر»، وبصحبتهما «أحد الأشخاص، مقيم بدائرة مركز شرطة يوسف الصديق بالفيوم».
وبسؤال الأخير، أقر بأنه حال سيره بدائرة القسم استوقفه المتهمان وتحصلا منه على المبلغ المالي المضبوط بحوزتهما، عقب إيهامه بأنهما من رجال الشرطة، إلا أنه ارتاب في أمرهما فاستغاث بالمارة.
اضطراب الشخصية
من جانبه، قال الدكتور أحمد فخري، أستاذ علم النفس وتعديل السلوك المساعد ورئيس قسم العلوم الإنسانية بجامعة عين شمس، أن انتحال الصفة ترتبط دائما باضطراب الشخصية المضادة للمجتمع وتمتلك تلك الشخصية الدهاء والتلون ويتصف أصحاب تلك الشخصية بالنصب والاحتيال والإيقاع بالضحايا من أفراد المجتمع وهو شديد الذكاء وقوة الملاحظة ولديه قدرة على الإقناع.
وهو دائما لديه ميول عدوانية تجاه المجتمع والآخرين ويشعر بالنشوة عندما يقوم بالإيقاع بضحاياه من الفئات المختلفة.
وتلك الشخصية تتسم بالإجرام والسلوك المعادى للنظم والقواعد والقوانين وتقع أيضا فى تلك الفئة المحتالين وسلوك الرشوة والاستيلاء على الأموال والسرقة والميول الإجرامية بشكل عام.
وتحتاج تلك الشخصيات العقاب وتطبيق القانون مع تعديل السلوكيات وإعادة ضبط السلوك وتشكيله ليتوافق مع البينة السليمة.
وتابع «أستاذ علم النفس» أن انتحال الشخصية ينقسم إلى شقين أساسيين، فهو يندرج تحت الاضطراب النفسى الشديد في شخصية الإنسان، نتيجة حرمانه من منصب معين كان يتطلع نحو بلوغه، وحينما عاندته الظروف قرر تعويض ذلك الفشل في صورة انتحال الشخصية وهو أمر ناجم عن إحساس بالنقص المتولد لديه، وهذا النوع يعد الأكثر شيوعا بين المهووسين بمرض الانتحال ممن يدعون شخصيات أخرى مغايرة عن شخصياتهم الحقيقة.
وأضاف «فخري»، هناك نوع آخر ممن ينتحلون الشخصيات لم يتحصل على مؤهل جامعى متميز، ولكنه ينتحل شخصية الطبيب أو الضابط سعيا نحو جنى المال، وذلك النوع ينطبق عليه وصف الشخصية السيكوباتية التى تعانى أعراض السلبية واللا مبالاة وعدم الاكتراث حيال تصرفاتها مع الآخرين، وهنا يقوم بتزييف هويته الحقيقية مُختلقًا شخصية أخرى جديدة متقمصًا إياها لتحقيق أغراضه حتى ولو على حساب غيره.
عقوبات
حدد قانون العقوبات، في الباب العاشر منه العقوبات المُقررة لانتحال الألقاب والوظائف والاتصاف بها بدون حق، ونصت المواد من ١٥٥ وحتى ١٥٩ على عقوبة كل من انتحل صفة الغير سواء كانت ملكية أو عسكرية، لأي غرض بدعوى النصب أو السرقة أو لإنهاء مصالح خاصة أو بارتدائه زيا عسكريًا أو شرطيًا، وتصل للحبس والغرامة.
ووفقًا للمادة ١٥٥ من القانون، فإنها نصت على كل من تدخل في وظيفة من الوظائف العمومية، ملكية كانت أو عسكرية، من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها بذلك، أو أجرى عملا من مقتضيات إحدى هذه الوظائف، يعاقب بالحبس.
كما نصت المادة ١٥٦، أنه على كل من لبس علنية كسوة رسمية بغير أن يكون حائزًا للرتبة التي تخوله ذلك أو حمل علنية العلامة المميزة لعمل أو لوظيفة من غير حق يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة.
فيما نصت المادة ١٥٧، بأن يُعاقب بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه كل من تقلد علانية نشانًا لم يمنحه أو لقب نفسه كذلك بلقب من ألقاب الشرف أو برتبة أو بوظيفة أو بصفة نيابية عامة من غير حق.
ونصت المادة ١٥٨ على أن يُعاقب بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه كل مصري تقلد علانية بغير حق أو بغير إذن رئيس الجمهورية نشانًا أجنبيًا أو لقب نفسه كذلك بلقب شرف أجنبي أو برتبة أجنبية. كما نصت المادة ١٥٩، أنه في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين يجوز للمحكمة أن تأمر بنشر الحكم بأكمله أو بنشر ملخصه في الجرائد التي تختارها ويكون النشر على نفقة المحكوم عليه.
ونصت المادة 155 من قانون العقوبات على أن يعاقب كل من قام بالتداخل فى وظيفة من الوظائف العمومية، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد على 3 سنوات.