الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حرب العقول ومواجهة الشائعات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مع التطور المطرد لأشكال المجتمعات وسبل التعاون والتكامل فيما بعضها البعض، كان هناك تطور موازي لأشكال الحروب؛ حيث انتقلت الحروب من شكلها التقليدي بالأسلحة والدبابات إلى حروب أخرى أشد فتكًا وهي حرب العقول وتدمير المجتمعات. 

ولطالما كانت البنى الفوقية من وعي وتعليم وقيم راسخة هي ما تدعم وتعاون في الحفاظ على وتنمية البنى التحتية، فإن المعركة الآن وكما أكدت القيادة السياسية هي معركة وعي بالأساس.

ومؤخرًا أصحبت الشائعات أحد الأدوات التي يتم استخدامها لزعزعة الأمن والاستقرار وتدمير العقول خاصة لدى الشباب، لذلك كان من الضرورة إيجاد حلول واقعية وفاعلة وقابلة للتطبيق لمواجهة تلك الشائعات.

وتعرف الشائعة على أنها "ترويج لخبر مختلق لا أساس له من الصحة، ويعتمد على المبالغة والتشويه في نقل الخبر بحيث ترد معلومة صحيحة بجوار معلومات أخرى كاذبة." والهدف من ذلك هو التأثير على الرأي العام المحلي أو الإقليمي أو العالمي لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو عسكرية في نطاق دولة واحدة أو عدة دول.

الشائعات.. النشأة والخصائص والأنواع

وتنتشر الإشاعات في المجتمع بأشكال وأنواع عديدة، يتعمد العدو تغييرها من حين لأخر حسب حالة ووضع المجتمع والدولة.

والشائعات ليست وليدة اليوم، بل هي موجودة ومؤثرة في أغلب الحضارات والتقاقات عبر التاريخ؛ ففي مصر القديمة استخدمت الشائعة في الحيلة والخديعة والمفاجأة في حروبها، وفي الصين القديمة استخدم الشائعات كتير من العرافين والعسكريين، وفي اليونان القديمة استخدموها للتأثير على الروح المعنوية للعدو، كما أن المغول من أشهر من استخدم الشائعات في العصور الوسطى؛ فقد كانت الشائعات سببًا رئيسيًا في انتصاراتهم. ثم تطورت سبل واستخدامات توظيف الإشاعات في العصر الحديث لتشكل أحد أهم مقاربات الصراع وهدم المجتمعات والعدو.

وهناك مصطلحات ومفردات مشابهة للإشاعة؛ مثل الدعاية، والتي تعتبر عملية منظمة، هدفها التأثير في الرأي العام، ولكنها لم تظهر إلا في أواخر القرن العشرين، بينما ظهرت الإشاعة منذ زمن قديم، تكونت الإشاعة تبا لتوافر مجال العمل الملائم الها، وهو الجمهور، الدعاية عكس الإشاعة؛ فالدعاية تهدف إلى الخير، وأما الإشاعة فغالبًا ما تهدف إلى الشر.

وتتميز الإشاعات بأن لها خصائص مميزة؛ تتمثل أهمها في أنها تنطلق بسهولة، ولكن من الصعب توقيفها، فهي تسير بسرعة. والإشاعة أيضًا قد تكون صادقة؛ وتستند على نواة حقيقية. وفي المقابل قد تكون الإشاعة كاذبة، أو قد ترتكز على معلومات غير مؤكدة، أو عارية من الصحة، أو قد  قد تكون الإشاعة صادقة وكاذبة في نفس الوقت.

وبالنسبة لأنواع الشائعات؛ فيمكن تصنيفها لأقسام عدة وفق معايير مختلفة؛ فوفقًا للمعيار الزمني، تنقسم إلى ثلاثة أقسام؛ الشائعات الاندفاعية، والتي تنشر كالنار في الهشيم، والشائعات الحابية وهي تنمو ببطء ويتسع انتشارها في جو من السرية، والشائعات الغاطسة وهي التي تنتشر برهة تم تتوارى ثم تعود لتطفو مرة أخرى. ووفقًا لتصنيف الشائعات حسب مصادرها؛ فهناك شائعات شخصية، شائعات قومية على مستوى الأمة؛ وشائعات دولية عابرة للدول. وتنقسم الشائعات حسب دلالتها الوظيفية إلى الشائعات العدوانية، الشائعات المحايدة، والشائعات الفكاهية. ووفقًا للشائعات حسب معيار الجمهور؛ فهي تنقسم إلى  شائعات الضغط والتي قد يصعب نفيها لوجود طبيعة خاصة، الشائعات الفردية، الشائعات الجماعية، والشائعات المجتمعية.

مصر وحرب الشائعات:

وخلال العقود الماضية شهدت مصر حربًا ضارية  تمس الفكر والمفاهيم والقيم والتماسك، وكان تصحيح المفاهيم واستعادة الهوية المصرية أحد أولويات القيادة السياسية، ليس فقط فيما يخص التنمية الفكرية في الملفات السياسية ولكن ايضًا محاربة الفكر المتطرف في الملفات الاجتماعية والدينية وغيرها.

وظهر ذلك في العديد من الجهود الرسمية للدولة من مكافحة المركز الإعلامي لمجلس الوزراء وحرصه على رصد الشائعات وتصحيحها سواء تليفزيونيًا أو على منصات التواصل الاجتماعي الرسمية، بالإضافة إلى البرامج التدريبية الخاصة بمكافحة الشائعات بالوزرات.

فضلًا عن الحديث المستمر من الرئيس السيسي وتوجيهه للمؤسسات المختلفة بضرورة محاربة الفكر المتطرف من خلال الفن والإعلام والتنشئة السليمة.

استراتيجيات التصدي للشائعات:

وتختلف استراتيجيات مكافحة الشائعات وفقًا لكل حالة وموقف، حيث يمكن مواجهة الشائعات بشائعة أكبر منها أو التصدي لها بالمعلومات الحقيقية الموثوقة أو تكذيبها من الأساس، ولكن –ومع التطور التكنولوجي وزيادة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي-  أصبحت تلك الاستراتيجيات محدودة التأثير ولا تحقق المرجو منها.

لذلك نستعرض في السطور التالية  عدد من المقترحات المقرونة بهدف التصدي للشائعات، وهي:

1- منصات التواصل الاجتماعي:

  • الاستعانة بالمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي "الأنفلونسرز": وذلك في القضايا المحورية التي تهم الشباب وتصحيح المفاهيم ودحض الشائعات، مع الإشارة إلى أن ما يبث يكون تحت مظلة الدولة ورعايتها ويتم نشر المحتوى المخصص بهدف التوعية على المنصات الاجتماعية الرسمية للدولة.
  • مخاطبة الشباب بلغة الشباب مع الأخذ في الاعتبار أن المحتوى المقدم لا يكون مبتذل مخل بالمضمون ولا معقد يصعب فهمه واستيعابه وغير جاذب للانتباه.
  • التواجد على منصات التواصل الاجتماعي الأكثر استحدامًا من الشباب: فيسبوك وتويتر ويوتيوب وتيك توك وانستجرام.

2- الأنشطة داخل المدارس والجامعات:

  • عقد ندوات تثقيفية دورية بالتعاون مع اتحادات الطلاب والأنشطة الطلابية المختلفة داخل المدارس والجامعات.
  • العمل على تدريب كوادر شبابية تكون بمثابة سفراء لنشر المفاهيم الصحيحة داخل محيطهم.
  • استحداث برامج تدريبية خاصة بالتحقق من المعلومات والتأكد منها وكيفية التفرقة بين الخبر الأصلي والكاذب، وكذلك الأستخدام الآمن لمواقع التواصل الاجتماعي.

3- تدشين وحدة لرصد الأخبار الكاذبة والشائعات:

               بحيث ييسر عملية التعامل معها بشكل فوري وسريع، على أن يتم تلك نشر المعلومات الصحيحة بشكل مبسط على هيئة انفوجراف على سبيل المثال.

ولا نغفل أن التصدي للشائعات هو جزء لا يتجزأ من لبنات كثيرة تهدف لبناء وترسيخ أسس الجمهورية الجديدة الفكرية، ولا بد أن نضع دومًأ نصب أعيننا أنه تحيا الأمم بوعيها وفكرها والذي يترتب عليه تقدمها وتنميتها.