تحتل السيدة العذراء مكانة عظيمة فى قلوب المسيحيين وغيرهم، فقد صارت هى وابنها آية للعالمين، وحرصاً من كنيستنا الأرثوذكسية على تكريمها كما نطقت بفمها الطاهر فى بيت أليصابات (هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى) "لو1 :48"، فى صلواتها وليتورجياتها وأصوامها. وإيماناً بدور الأيقونة فى ترجمة العقيدة وتوصيلها بصورة مبسطة لتكون باب السماء للبسطاء وأنها كائن حى فاعل فى العبادة الأرثوذكسية نقدم التكريم لصاحب الأيقونة.
فهيا عزيزى القارئ نحاول أن نقرأ آخر لحظات فى حياة المكرمة والدة الإله
1- نياحة ودفن السيدة العذراء، من خلال ميمر للأنبا كيرلس بطريرك الإسكندرية:
يذكر الأنبا كيرلس، أنه وجد كتاباً بخط يعقوب الرسولى، نقله عن كتاب للقديس يوحنا الحبيب، يذكر فيه خبر نياحة السيدة العذراء؛ حيث يوضح حرص السيدة العذراء على زيارة القبر المقدس، وموقف اليهود العدائى منها، وإعلام الرب يسوع لها بقرب نياحتها، وقد حمل الرسل سرير السيدة العذراء إلى الجسمانية، فاعترضهم اليهود، وأراد رجل جبار اسمه (ثاوفينا)، وهو مريض بركة بيت حسدا، الذى شفاه الرب يسوع، وأمره ألا يعود إلى الخطيئة مرة أخرى، فأمسك الجسد، فقطعت يداه، وصارتا معلقتان فى السرير، فبكى وندم، وطلب من التلاميذ أن يصلوا من أجله فشفى.
ويخبرنا الميمر عند وصولهم إلى الجسمانية، أن الرب يسوع نزل من السماء، وحوله القوات السمائية، وأسلمت السيدة العذراء روحها الطاهرة، بيد ابنها الحبيب، وذلك سنة 545 للخليقة، بعد أن عاشت على الأرض 58 سنة و8 شهور و20 يوماً، وذلك فى يوم الأحد الموافق 21 طوبة.
2- صعود جسد السيدة العذراء، من خلال ميمر للقديس الأنبا كيرلس، بطريرك الإسكندرية:
بعد أن دفن جسد السيدة العذراء فى الجسمانية، بحل يهوشافاط، أراد الرب أن يرفع جسدها الطاهر إلى الفردوس، وقد شاهد القديس توما وهو راكباً على سحابة، عائداً من الهند، الملائكة وهى حاملة الجسد فتبارك منها، والمكان الذى رآه فيه توما، فوق المكان بدير العين، من أعمال مدينة أخميم، بالجبل الشرقى، ولما لم يكن القديس توما حاضراً وقت نياحتها.
وعندما أخبره التلاميذ بالخبر، أوضح لهم أنه شك فى خبر قيامة الرب يسوع، ويريد أن يرى جسد السيد العذراء، فذهبوا إلى القبر، ولم يجدوا الجسد، فأخبرهم بما رآه، وأنه أخذه زنار السيدة العذراء، وقد صام الآباء الرسل 15 يوماً، وتحققوا من صعود جسدها الطاهر إلى الفردوس.
ويقول قداسة البابا شنودة الثالث، حول كرامة جسد السيدة العذراء، إن جسد العذراء يتميز عن أى جسد بشرى، بكرامة خاصة، لأنه الجسد الذى حل فيه رب المجد تسعة أشهر، وقدسه الروح بحلوله فيه (لو1 :35)، كما رضع السيد منه، فهل يترك الله هذا الجسد للفساد والتحلل، ليأكله الدود والعفن، دون اكرام، وهو الذى أكرم أجساد كثير من القديسين؟
3- ما الفرق بين صعود وآخر؟
لقد اختطف اخنوخ الثامن من نوح إلى السماء (بالإيمان نقل اخنوخ لكى لا يرى الموت ولن يوجد له الله نقله) "عب11 :5".
وكذلك صعد إيليا إلى السماء (وفيما هما يسيران "إيليا وإليشع" ويتكلمان إذا مركبة وخيل من نار ففصلة بينهما فصعد إيليا فى العاصفة إلى السماء). "2مل2 :11".
اختطاف بولس الرسول إلى الفردوس (أعرف إنساناً فى المسيح قبل أربع عشرة سنة فى الجسد لست أعلم أن خارج الجسد لست أعلم. الله يعلم اختطف هذا إلى السماء الثالثة.... إنه اختطف إلى الفردوس) "2كو12 :2-4".
أراد اليهود أن يعبدوا جسد موسى فأخفاه الله بعد موته ولم يظهر إلا عند تجلى الرب يسوع (واما ميخائيل رئيس الملائكة فلما خاصم إبليس محاجاً عن جسد موسى لم يجسر أن يورد حقن افتراء بل قال لينتهرك الرب) "يهوذا 1 :9".
الصعود المنفرد للرب يسوع بالجسد الممجد إلى سماء السموات (وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وأصعد إلى السماء) "لو24 :5".
صعود جسد السيدة العذراء إلى الفردوس، ولن يتحد جسدها بالروح فى الفردوس، حتى الآن، بل فى القيامة العامة.
كيف جسد الفنان أيقونتى النياحة وصعود جسد السيدة العذراء؟
هناك أيقونة تصور نياحة السيدة العذارء بدير سانت كاترين وهى مضجعة على السرير وحولها التلاميذ وبجانبها السيد المسيح ممسكاً بروحها (وهى فى يدها صورة مصغرة له باللون الأبيض) والقديس بطرس ممسكاً بمجمرة ويظهر ملاكان فى السماء.
وهناك أيقونة بالمتحف القبطى تحت رقم 3370 تمثل صعود جسد السيدة العذراء نجد فى القسم العلوى السيدة العذراء داخل دائرة يحمله من كل من الجهتين ملاك ويشترك مع الملاك الذى من اليسار رسول. هذا الجزء من الأيقونة رمزى أى من الخيال ومن القسم ترى التابوت خاوياً وحوله أربعة من الرسل وحول دائرة العذراء كتب اسمها باللغة القبطية.
فى أيقونة صعود جسد السيدة العذراء على أحد قباب دير السريان بوادى النطرون ترى القديسة. محمولة بواسطة ابنها لها ذات شكل جسدها الراقد بين الرسل هذه الفكرة ربما تكون متأثرة بالفن المصرى القديم حيث يصور النفس مجنحة وهى ترفرف حول الجسد لها نفس شكله وهذا المنظر يوضح أن الأقباط فى تصويرهم للأشخاص لا يعنون الملامح الجسدية بل أرواحهم.
وهكذا عاشت بنا الكنيسة فى اللحيظات الأخيرة من حياة والدة الإله معلنة عقيدتها فيها وإكرامها لها.
وكل عام وأنتم بخير بمناسبة صوم السيدة العذراء