قال المخرج المسرحي ناصر عبدالمنعم: بدأت الرحلة عن طريق التمثيل بالمدرسة الابتدائية، نظرًا لإجادتي اللغة العربية، فكان والدي رحمه الله يعمل كاتبًا صحفيًا في جريدة الجمهورية خلال التأسيس الأول في 1953، فقد نشأت وسط مناخ ثقافي، حيث ضم منزل العائلة مكتبة كبيرة لأمهات الكتب، وكذلك الاهتمام الأول باللغة العربية كتابة ونطقًا.
وأضاف أن كل هذه المكتسبات من تلك البيئة المحيطة، أسهمت بشكل كبير في اختياري بالتمثيل، مرورًا بالمرحلة الثانوية حيث تزاملت مع الممثل أحمد كمال في المدرسة الثانوية، والذي لعب دورًا كبيرًا في انضمامنا لفريق التمثيل بمسرح المدرسة، الذي يضم مجموعة كبيرة من المخرجين المحترفين، بالإضافة إلى اهتمام هيئة التدريس أو الإدارة بفن المسرح، فعلي سبيل المثال أتذكر أن مدرس اللغة الإنجليزية طالبنا بعمل مسرحية باللغة الإنجليزية عن أرشميدس الذي اخترع قانون الطفو، وكذلك الأمر بالنسبة لمدرس اللغة الفرنسية كان يعمل على تحويل المواد التي تحتوي على "ديالوج" لمشاهد تمثيلية، فكان المناخ داخل المدرسة عبارة عن حالة فنية ممتعة.
وأوضح عبدالمنعم، في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن مرحلة التكوين الحقيقية بدأت من كلية الآداب - جامعة القاهرة، التي ضمت مجموعة من كبار الأساتذة في الأدب، والدراما منهم: د.عبدالعزيز حمودة، د. سمير سرحان، د. محمد عناني، د. نهاد صليحة، د. عبدالمعطي شعراوي، د. يحيى عبدالله، د. جابر عصفور، د. أحمد مرسي.. وغيرهم، كل هذه الأسماء لعبت دورًا كبيرًا في مرحلة التكوين الإخراجي، فكانت أول تجربة من خلال مهرجان الاكتفاء الذاتي الذي تنظمه إدارة الجامعة، وهو مهرجان صغير مواز للمسابقة الكبرى قائم على أن كل عناصر العرض المسرحي تكون طلابية، وبالتالي استطعت خلال مرحلة الجامعة إقناع مجموعة من أصدقائي كمخرج وهذا شيء صعب، يتطلب الإحاطة بالأصدقاء العاشقين للمسرح.
وتابع: كل ذلك توفر بمشاركة أسماء عظيمة أصبحوا نجومًا كبارا فيما بعد مثل الفنانين: صلاح عبدالله، وعبلة كامل، وأحمد كمال، وأحمد مختار، وياسر علي ماهر، وغيرهم، وفي هذه المرحلة وهي النصف الثاني من السبعينات يُعد مسرح الطليعة من أهم المسارح في مصر، وكان المخرج سمير العصفوري مديرًا لهذا المسرح، حيث قدم مجموعة من العروض الرائعة، تضم أبطالها من جامعة القاهرة، بالإضافة إلى زملائنا في جامعة عين شمس من بينهم: محمود حميدة، وتوفيق عبدالحميد، وعصام السيد، ومحسن حلمي، وسامي مغاوري وغيرهم، كل هذه الأسماء كانت نقطة التقائهم بمسرح الطليعة، فعقب انتهاء اليوم الدراسي نتجه سويًا للمسرح الذي كان بالنسبة لنا مثل "النداهة".
ونجح المخرج سمير العصفور بذكاء في إنشاء "نادي مسرح 79" عام 1979، والذي يضم "قاعة 79" التي تسع 79 مقعدًا، ويطلق عليها قاعة صلاح عبدالصبور الآن، فقد كرّسنا كل الوقت لخدمة مسرح الطليعة سواء كمشاهدين أو أعضاء في النادي، بحثًا عن هويته من حيث مفهوم التجريب، والقراءة، ومشاهدة المسرحيات العالمية المهمة عن طريق الفيديو، حتى أصبحتُ فيما بعد عضوًا بهذا المسرح.