الخميس 19 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

أممية أرثوذكسية.. حلّم منُتظر يعيقه انشقاق الصفوف.. معركة القيادة ومجمع 451 نقطة الخلاف المحورية للكنيسة الجامعة

الرئيس الروسي وقداسة
الرئيس الروسي وقداسة البابا تواضروس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بين الوحدة والانشقاق.. تسير الكنيسة المستقيمة "الأرثوذكسية"، لم يعرف طريقها الشقاق أو الصدام، قبل الدعوة لانعقاد المجمع المسكونى الرابع للكنيسة المسيحية، انعقد مجمع «خلقيدونية» سنة 451م، يُعتبر من أهمّ المجامع، إذ نجم عن هذا المجمع انشقاقٌ أدّى إلى ابتعاد الكنائس الشرقيّة، منها (السريانية والأرمنيّة والقبطية)، عن الشراكة مع الكنيستين الرومانيّة والبيزنطيّة، وما يتبعها، الذين يرون أن مجمع خلقيدونية المجمع المسكوني الرابع، وأحد المجامع المسكونية السبعة.

ودب الخلاف بينهما، فى أمور لاهوتية وعقائدية، تدور حول طبيعة المسيح، وغيرها من الأمور الإدارية، لتكون زلزالا شق الصف للكنيسة الجامعة، يواصل تباعاته عبر الأجيال والعصور، وحتى كتابة تلك السطور، وأصبح هناك كنائس خلقيدونية، تؤمن وتوافق على ما جاء فى 451، وأخرى اللا خلقيدونية، التي رفضت مقررات المجمع، وتسمي الكنائس الشرقية، وتضم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وكنيسة الحبشة، وكنيسة أنطاكية، وكنيسة الهند، وكنيسة اتشمبازين، كنيسة انتلياس، كنيسة إريتريا، ويرأس كل كنيسة من الكنائس السبع بطريركًا.

رغم أن المجمع المسكونى كان شاهدا على الانقسام الأعظم فى التاريخ، ولكن يبدو أن سلسلة الانقسامات لم تنته بعد حيث أعلنت كنائس خلقيدونية يتجاوز عددها 19 كنيسة – المعترفين بمضمون وقرارات مجمع خلقيدونية- على ذاتها وأعلن البعض انفصاله واستقلاله، ومن أبرزها في العهد الحديث، عام 2018 انشقاق الكنيسة الأوكرانية، عن كنيسة موسكو الأرثوذكسية، وتأسيس كنيسة مستقلة للدولة الأوكرانية، بعيدا عن الوصاية الدينية الروسية عليها، المستمرة منذ 332 سنة، وحظيت على اعتراف من بطريركية القسطنطينية بإسطنبول، مما تسبب فى خلافات متعددة الأطراف خاصة فى ضوء اعتراف بطريركية الروم في اليونان، وأفريقيا بكنيسة أوكرانيا.

تأتي الانقسامات تلك المرة بعيدة عن الخلافات العقائدية أو الروحية، بينما تدخل في ظلال الاتجاهات السياسية التى ظهرت بوادرها عام 2014، وتأتي بعد حلقات من استقلال الكنائس مثلما حدث مع كنيسة اليونان عام 1833 وكنيسة صربيا 1879 وكنيسة رومانيا 1885 وبلغاريا 1871، وكنيسة الولايات المتحدة الأمريكية عام 1970 وحظيت غالبيتها على اعتراف من الكنيسة البيزنطية.

وفي الوقت الذى تدور فيه حلقات الاستقلال والانقسام؛ ظهرت جهود تحت مسميات عديدة، أولها: "الحوار المسكونى– اللاهوتي"، بين الكنائس، وكانت بذور الحوار نثرت فى عهد البابا كيرلس السادس، حينما تعاونت الكنيسة القبطية المصرية، مع مجلس الكنائس العالمي، وأوكلت مسئولية التواصل إلي الأنبا شنودة، أسقف التعليم– آنذاك- والأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة.

وكانت كلمات الأنبا شنودة– البطريرك الراحل للكنيسة القبطية، عن الحوار "نسعى دائمًا للوحدة الكنسية، من خلال الحوارات اللاهوتية، للتفاهم والوصول لوحدة الإيمان، لأنها هي الوحدة الحقيقية، وما زلنا نحاول إقناع الأطراف الأخرى، ولكن لم تحدث الوحدة بعد، في ظل الخلافات اللاهوتية والعقائدية، فالوحدة لن تكون أبدًا على حساب الإيمان الأرثوذكسي، الذي تسلمناه من الرسل، ولكن حتى في ظل الخلافات، لا بد أن يظل التعاون والمحبة بيننا".

وبدأت قنوات التواصل، وحضر الأنبا شنودة عام 71 مؤتمر النمسا للحوار بين الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والكنائس الكاثوليكية، حول "الكريستولوجي"- طبيعة المسيح– وتلاها مايو من العام 1973، سافر البابا شنودة للفاتيكان ليلتقي البابا الراحل بولس السادس، ليكون أول لقاء بين بابا الإسكندرية وبابا روما، بعد الانشقاق الذي حدث منذ 16 قرنًا، وأعاد له البابا بولس رفات البابا أثناسيوس "الرسولي" البطريرك العشرون فى عداد بطاركة الكنيسة القبطية، وفي 12 فبراير 1988، اجتمعت، تحت رعاية البابا شنودة، اللجنة المشتركة للحوار اللاهوتي بين الكنائس، في دير الأنبا بيشوي، ودارت منصات الحوار مجددا.

كما زار بابا الكنيسة الراحل الأنبا شنودة الثالث الاتحاد السوفيتى خلال عام 72، وذلك لتقديم الشكر على حضورها تنصيبه بطريركا، والثانية فى عام 88، للمشاركة فى احتفالات الكنيسة الروسية، بمرور الألفية على دخول المسيحية أرضها، كما جاء لزيارة مصر البطريرك اليكسي الثانى فى عام 1991، واستقبله البابا شنودة فى دير الأنبا بيشوى، وفي أول القرن الـ21 جاءت زيارة البطريرك كيريل، للكنيسة القبطية بمصر عام 2010م، واستقبله البابا شنودة الثالث بالمقر البابوي بالإسكندرية.

وإذ يواصل البطريرك الحالى الأنبا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، استكمال المسيرة، حيث كانت من أول اهتماماته، بعد مرور عامين فقط من اعتلائه السدة المرقسية، بدأ التحرك مباشرة في خطوات منتظمة ومتسارعة؛ حيث أوفد الأنبا رافائيل، سكرتير المجمع المقدس- آنذاك-، فى شهر مارس 2014 لزيارة روسيا، والتقي خلالها مع مسئول الحوارات والعلاقات بالكنيسة الروسية المطران إيلاريون، وتخلل زيارته متابعة إجراءات تسجيل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى موسكو.

وفى سبتمبر من ذات العام أوفد البابا تواضروس، الأنبا سرابيون، أسقف لوس أنجلوس، لزيارة مسئول العلاقات الخارجية بالكنيسة الروسية- المطران إيلاريون؛ لتحديد موعد لزيارة البابا تواضروس لروسيا، مؤكدًا أن العلاقة بين الكنيسة الروسية ونظيرتها القبطية قديمة تعود إلى عهد البابا المتنيح الراحل "شنودة الثالث".

وعقب مرور 26 عامًا على آخر زيارة باباوية من الكنيسة القبطية إلي روسيا قام البابا تواضروس بعد عامين من المسئولية الباباوية برحلة استمرت ثمانية أيام خلال شهر أكتوبر 2014 رافقه خلالها وفد كنسي، ضم الراحلين الأنبا بيشوي مطران دمياط، والأنبا كيرلس، أسقف ميلانو بايطاليا، وأيضا الأنبا صرابيون، أسقف لوس أنجلوس، والأنبا رافائيل، والأنبا انجيلوس اسقف لندن، وعدد من كهنة الكنيسة، وسكرتارية البابا.

وكانت الزيارة تستهدف تعزيز التعارف والتقارب، وتعميق العلاقات بين الكنيستين العريقتين، وتكررت زيارة البابا تواضروس لروسيا فى مايو 2017، فى ضوء تنامى مسار الحوار، وتبادل اللقاءات والاجتماعات، وخلالها التقي بالرئيس الروسي فلاديميربوتين، وتعاقبت الزيارات من أساقفة معنيين بالحوار ورهبان ورؤساء الأديرة، وزيارة الأكاديمية اللاهوتية الروسية، للكنيسة القبطية في مايو 2019، في إطار تبادل الزيارات والتعاون، وتفقدوا أديرة، وتباركوا من أجساد القديسين الأقباط، وغيرها من الزيارات التبادلية.

ونظرًا للاهتمام البالغ بالتأريخ؛ كتب الدكتور إسحاق إبراهيم عجبان، عميد معهد الدراسات القبطية، كتابا بعنوان: "العلاقة بين الكنيستين القبطية والروسية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين"، تُرجِمَ لعدة لغات، منها الروسية، وأهداه البابا تواضروس إلي بطريرك موسكو، تناول الكتاب مسيرة العلاقات بين الكنيستين، ورصد بالصور البطاركة الذين تعاقبوا علي الكنيسة الروسية، خلال فترة البطريركية الأولي، منذ 1589 حتي 1721، وخلال فترة البطريركية الثانية، بدءاً من 1917، وحتى الآن.

كما يستعرض الكتاب باباوات الكنيسة القبطية منذ بدايات القرن الثامن عشر، وما تم رصده من خلال زيارة الرحالة الروس، التي شملت مصر، عما رأوه ورصدوه، ليعود بالذاكرة إلي أجواء قرون مضت، وسجل حافل للزيارات التاريخية بين الكنيستين، والرسائل المتبادلة بين قياداتهما، وملامح الاهتمام الكنسي القبطي بالشأن الروسي، وهذه العلاقات تعبر عن العلاقة بين الشعبيين المصري والروسي.

ويشير الكتاب إلي عدد من المجالات في الحوار اللاهوتي، والدراسات القبطية ويعرض الكتاب صوراً لمقر بطاركة موسكو وعدد من الأيقونات، وأسماء باباوات الكنيستين المصرية والروسية المحددة في هذا الكتاب وتاريخ البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والبطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا  وتاريخ البعثة الكنسية الروسية في القدس، والرسائل المتبادلة بين قيادات الكنسيتين القبطية والروسية وغيرها.

كما أعلنت مؤخرًا بطريركية موسكو للروم الأرثوذكس، عن تبرع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية، بكنيسة مارمينا بحدائق الأهرام في الجيزة، إلى البطريركية، لاستخدامها مجانا كمقر للكنيسة الروسية في أفريقيا، وأشارت بطريركية موسكو، إلى أنها استلمت الكنيسة في احتفال أقيم في 25 يونيو الماضي، وترأس خلاله المطران ليونيد أوف كلين، أول قداس إلهي في الكنيسةـ بصفته مديرا ومطرانا روسيا على الأراضي الأفريقية.

وكانت رعية الكنيسة الروسية في مصر، تصلي خلال السنوات الماضية، في مباني تابعة لسفارة الاتحاد الروسي، وتخضع لقواعد وضوابط مشددة، للحضور إلي الصلوات، والطقوس فيها، حيث يراعى تسجيل حضور مسبق، وجواز سفر لكافة الجنسيات، من رعايا الكنيسة، أو الوثائق الدالة وغيرها.

هنا تفرض الظروف التساؤل: هل بدأ مسار الحوار بين الكنائس، يّتخذ شكّلا جادا وفاعلا بصورة إيجابية، فى تبادل الكنائس، والتبرع لبعضها البعض، رغم الاختلافات العقائدية أو اللاهوتية، أم أن هناك اتجاها لتأسيس أممية أرثوذكسية، في ضوء مساعى الولايات المتحدة، لأممية إنجيلية، وأيضا محاولات تأسيس أممية «الفاتيكانية»، وتنامى التيارات الإسلامية– بحسب ما فندها الباحث سليمان شفيق، فى عدة مقالات؟

ويبدو أن الجميع يتحرك، وفق معطيات، تخدم اتجاهاته السياسية أو القيادية، فهل سيأتي وقت وتتحقق الأممية الأرثوذكسية؟، خاصة أنه كان من المزمع عقد مؤتمر مسكوني، يجمع الكنائس الأرثوذكسية حول العالم أجمع، في 2020، لكن آلت الظروف إلى غير ذلك، للتناحر والصدع بين الكنائس وبعضها، وسلسلة الانقسامات والتشتت.

وتظل هناك آية حائرة، يفسرها كل أمرئ حسبما يراها، وهي: "أَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ". فهل ستدخل حيز التنفيذ، وتكون هناك كنيسة جامعة واحدة، أم سيظل الصدع بين الكنائس الخلقيدونية واللاخلقيدونية إلي يوم القيامة؟!.

C9CAC68B-D03A-47D1-BB5A-A3E87AEA854A
C9CAC68B-D03A-47D1-BB5A-A3E87AEA854A
CD243800-35E5-492C-8E7D-7EC518D15A27
CD243800-35E5-492C-8E7D-7EC518D15A27
70DA260D-ECB2-443D-B6C9-63C6FCA821BE
70DA260D-ECB2-443D-B6C9-63C6FCA821BE
4454CA5F-D64A-4BC0-8A39-FCC21A48B25B
4454CA5F-D64A-4BC0-8A39-FCC21A48B25B
7D190B07-1E1E-4DB7-83D3-0F13680D4504
7D190B07-1E1E-4DB7-83D3-0F13680D4504
44BEC54B-8BD7-490B-9651-327FA175B9FD
44BEC54B-8BD7-490B-9651-327FA175B9FD
41822E38-93B5-4FF6-BA21-FBE4F629097D
41822E38-93B5-4FF6-BA21-FBE4F629097D
3CD354D0-321B-4984-9168-4ECB023F4F3B
3CD354D0-321B-4984-9168-4ECB023F4F3B
433C5344-DC32-4FAD-961D-0F09E46594BE
433C5344-DC32-4FAD-961D-0F09E46594BE
2CB088C9-0035-49EF-B1F9-08B965BD1F82
2CB088C9-0035-49EF-B1F9-08B965BD1F82
AA406FAF-4274-4CF0-83ED-C5F9F175B234
AA406FAF-4274-4CF0-83ED-C5F9F175B234
7FD9F215-FB42-4C5C-8E49-CDD2C39CBA9B
7FD9F215-FB42-4C5C-8E49-CDD2C39CBA9B
F7F4ECFB-0996-4AA3-B9C3-81AA3D597473
F7F4ECFB-0996-4AA3-B9C3-81AA3D597473
302D5B72-D6F0-41AA-84B9-F7ACD8472A8E
302D5B72-D6F0-41AA-84B9-F7ACD8472A8E