من الواضح أن فصل الشتاء المقبل سيكون فترة حاسمة بالنسبة لاقتصاد أوروبا ووحدتها بسبب زيادة استهلاك الطاقة فى فصل الصيف، بسبب موجة الحرارة الحالية، ما سيجعل من الصعب تكوين احتياطيات للغاز في الصيف لموسم الشتاء.
نشر موقع "ياهو نيوز اليابان" مقالا جاء فيه: إذا ساءت حياة الأوروبيين لاحقا بسبب الانقطاعات الدورية للتيار الكهربائي والقيود المفروضة على إمدادات الكهرباء، فقد يؤدي ذلك إلى انهيار الاتساق (التوافق) بين الدول بشأن دعم أوكرانيا والعقوبات ضد روسيا، ما قد يضعف الوحدة.
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، دعت في وقت سابق إلى الحد من استهلاك الغاز في دول الاتحاد الأوروبي، بينما ظهر الانقسام بالفعل في هذه القضية، حيث أظهرت دول جنوب أوروبا عدم استعدادها لخفض الاستهلاك طواعية، في حين أن بولندا عارضته بشكل قاطع.
وكتب صاحب المقال: "بالنسبة لأوروبا، ستأتي اللحظة الحاسمة في فصل الشتاء القادم من المرجح أن يزداد استهلاك الطاقة بسبب موجة الحر الحالية، ما سيجعل من الصعب تكوين احتياطيات للغاز في الصيف لموسم الشتاء ويمكن الافتراض أن العديد من المصانع الأوروبية ستضطر إلى الإغلاق في فصل الشتاء بسبب نقص الطاقة قد يكون هناك أيضا انقطاع للتيار الكهربائي في المباني السكنية وهناك احتمال أن يكون الاقتصاد الأوروبي في نهاية العام في حالة ركود".
وفي الوقت نفسه، بحسب المقال، ستراقب الدول التي تتلقى الغاز الروسي عبر ألمانيا، التي تعد مركز نقله وتخزينه، مقدار ما يمكنها الحصول عليه لنفسها. كما سيتوجب على الحكومة الألمانية اتخاذ قرار صعب، إعطاء الأولوية للصناعة الخاصة بها، أو تصدير الغاز إلى الدول المجاورة التي تحتاج إليه. وأشير في هذا السياق إلى أن ألمانيا "إذا أعطت الأفضلية لنفسها، فسوف تتسبب في انتقادات حادة لها من الدول الأخرى"، مضيفا أنه في هذه الحالة سيزداد الانقسام في أوروبا.
ووافق وزراء الطاقة في دول الكتلة الأوروبية في وقت سابق على لائحة جديدة لخفض استهلاك الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي طوعا بنسبة ١٥٪ على الأقل مقارنة بمتوسط الاستهلاك على مدى السنوات الخمس الماضية وعلاوة على ذلك، تم الاتفاق على آلية تنبيه الاتحاد الأوروبي، والتي يمكن تفعيلها في حالة حدوث نقص حاد في الغاز في منشآت التخزين، أو ارتفاع الطلب على الغاز من خلال تحديد هدف تخفيض إلزامي بنسبة ١٥٪.
فى حين صرح المتحدث الرسمي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، بأن شركة الطاقة الروسية "غازبروم" تورد الغاز الطبيعي إلى أوروبا بأقصى قدرة تسمح بها الإمكانات الفنية والتقنية.
وأشار المسئول الروسي إلى أنه من غير الصواب ربط حجم الغاز الطبيعي الذي يتم ضخه عبر خط الأنابيب "السيل الشمالي-١" بمسألة رفع العقوبات الأوروبية، لكنه شدد على أن القيود المفروضة تحد من إمدادات الوقود الأزرق الروسي إلى أوروبا.
وردا على سؤال حول عزم موسكو الإبقاء على إمدادات الغاز عند أدنى مستوى في ظل العقوبات، قال بيسكوف: "هذا رابط خاطئ تماما.. "غازبروم" تزود (أوروبا) بأكبر قدر ممكن (من الغاز)".
وأضاف أن القدرات الفنية لشركة "غازبروم" لتصدير الغاز إلى أوروبا تضاءلت بسبب عقوبات الاتحاد الأوروبي المناهضة لروسيا، ووفقا لبيسكوف، فإن شركة "غازبروم" الروسية تظل موردا موثوقا به، ولكن يتعذر عليها ضمان أحجام الضخ المطلوبة في حال تعذر صيانة المعدات الأجنبية بسبب العقوبات.
وتعرقل العقوبات الغربية المفروضة على روسيا أعمال صيانة توربينات "سيمنس" المثبتة على خط أنابيب "السيل الشمالي-١" (أنبوب غاز من روسيا إلى ألمانيا عبر قاع بحر البلطيق)، ما يؤدي إلى انخفاض حجم الإمدادات إلى أوروبا.
وفي ظل ذلك قفزت أسعار الغاز الطبيعي في تعاملات اليوم الأربعاء بأكثر من ١٢٪، مع سعي الدول الأوروبية لتقليص استهلاك الغاز بنحو ١٥٪ في الفترة من أغسطس ٢٠٢٢ حتى نهاية مارس ٢٠٢٣.