يواجه رئيس الوزراء الإثيوبي، آبى أحمد، مأزقا جديدا، بعد تنفيذ حركة الشباب المنتشرة فى الصومال، أكبر عملية توغل داخل الأراضى الإثيوبية، واقتحامها لولاية الصومال، فى نهاية الأسبوع الماضي، وتسبب ذلك فى مقتل مئات الجنود الإثيوبيين، المنتشرين على جانبى الحدود بين البلدين الجارتين.
ويأتى هجوم الشباب بعد أيام قليلة من مقتل أحد قادتهم على الجانب الإثيوبى من الحدود، فيما كشف بيان لولاية الصومال الإثيوبية عن أن حركة الشباب كانت تعتزم التسلل إلى داخل إثيوبيا للوصول إلى ولاية أوروميا غرب البلاد، والتى تشهد مذابح متكررة راح ضحيتها المئات من المواطنين الإثيوبيين المنتمين لعرقية أمهرة خلال شهرى يونيو الماضى ويوليو الجاري.
وبدأت «الشباب» بشن هجمات على قريتى ييد وأاتو فى منطقة باكول الصومالية قرب الحدود الإثيوبية، فى ٢٠ يوليو، وفى اليوم التالى توغلت داخل ولاية الصومال الإثيوبية.
ونشب قتال عنيف بعد أن هاجم مسلحو حركة الشباب بلدتين صوماليتين على طول الحدود مع إثيوبيا، وقال مسئولون إقليميون أكدوا الهجوم عبر إذاعة صوت الصومال إن مسلحين اشتبكوا مع شرطة مدنية «ليو» أعضاء فى القوات شبه العسكرية الإثيوبية، والتى كانت موجودة منذ فترة طويلة فى بلدتى ييد وأاتو بمنطقة باكول جنوب غرب الصومال.
وقال موقع «صوماليا جارديان»، إن القتال تسبب في فرار السكان من منازلهم، فى الوقت الذى أرسلت السلطات المزيد من التعزيزات لمواجهة «الشباب» فى ظل استمرار القتال لليوم الثالث على التوالي.
وأضاف «صوماليا جارديان»، أن حركة الشباب أكدت مقتل ما لا يقل عن ٨٧ جنديا إثيوبيا، ومصادرة أسلحة من الشرطة الإثيوبية، فى هجمات على معسكرات عسكرية فى منطقة باكول بجنوب الصومال، فيما نقلت «رويترز»، عن ضابط إثيوبى قوله، إن ١٧ شخصا قتلوا بينهم مدنيون، لافتا إلى أن أحد قادة حركة الشباب عبر الحدود لتشكيل وحدة فى إثيوبيا.
وكشف عبدالسلام دوان عمر، رئيس قرية «ييد» الصومالية، عن الخدعة التى نسجتها حركة الشباب، حيث أوضح لـ«صوت أمريكا»، أن الهجمات على قريتى «ييد» و«أاتو» كانت خدعة، لإبقائهم منشغلين عن ٤٠٠ مقاتل من حركة الشباب، و١٨ مركبة توغلت بعمق ١٣٠ كيلومترًا داخل المنطقة الصومالية الإثيوبية؛ مضيفا فى تصريح له السبت ٢٣ يوليو، أن قوات الأمن فى المنطقة الصومالية، تصدت لمقاتلى حركة الشباب، الذين دخلوا إثيوبيا وانتهت العملية ضدهم.
وأكد محمد عبدى التل، محافظ منطقة باكول الصومالية، أن المسلحين الذين دخلوا إثيوبيا لم يشاركوا فى هجمات ييد وأاتو ووشاكو؛ موضحا أنه كانت هناك مجموعتان- مجموعة تقاتل على الحدود، وأخرى مرت، لقد مروا عبر طريق آاتو أثناء القتال، وكانوا متجهين إلى منطقة بيل، الواقعة بين ولايتى الصومال وأوروميا فى إثيوبيا.
ولفت «التل»، إلى أن الوحدة التى دخلت عبر آاتو واجهت وحاصرت شرطة ليو، لكنها نجحت فى العبور على الرغم من فقدانها معظم سياراتها. وقال إن وحدة ثانية من حركة الشباب دخلت إثيوبيا من جبهة أخرى شرقى بلدة الباردي، لم تتعرض بعد لهجمات من قوات الأمن الإثيوبية، وفقا لتقرير لموقع «صوت أمريكا».
فيما كشف المجلس الأمنى للإدارة المحلية فى إقليم الصومال الغربى بإثيوبيا، فى بيان له أن العملية الأمنية ضد حركة الشباب انتهت فى ٢٤ يوليو الجاري، موضحا أن القوات الأمنية حاصرت المتسللين فى منطقة هُلهل، مما أدى إلى قتل عدد كبير منهم واعتقال البعض الآخر، وتدمير ١٣ عربة تابعة لحركة الشباب، قبل وصولهم إلى ولاية أوروميا ومن ثم الانضمام إلى حركة «شين» الإرهابية فى الإقليم.
وكشفت صحيفة «إثيوبيا ريبوتر» نقلا عن خبير أمني، أن حركة الشباب تنفذ الهجمات بالتنسيق مع جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراى ومسلحين آخرين فى إثيوبيا.
وقال مات برايدن، المحلل السياسى فى منطقة القرن الأفريقي، لـ«صوت أمريكا» إن الهجوم يبدو وكأنه بداية لمبادرة استراتيجية كبرى لتأسيس وجود مقاتل نشط فى إثيوبيا، ربما فى جنوب شرق جبال بيل، وتشير التقارير الواردة من الميدان إلى أن بعض عناصر «الشباب» قد توغلت لمسافة تصل إلى ١٠٠ كيلومتر داخل إثيوبيا ولا تزال نشطة، وهو وضع خطير للغاية.
وحذر الخبير فى شئون القرن الأفريقي، من أن حجم هذا الهجوم، ربما يكون أكبر من أن يتم احتواؤه، من قبل قوات الأمن الإثيوبية المحلية- وبالتحديد شرطة ليو فى ولايتى الصومال وأوروميا، وما لم تكن أديس أبابا قادرة على تحمل تكاليف إعادة نشر وحدات عسكرية قادرة من أماكن أخرى فى البلاد، فقد تنجح حركة الشباب فى تأسيس وجود عسكرى فى إثيوبيا للمرة الأولى.
وتنتشر القوات الإثيوبية العاملة فى الصومال، كجزء من اتفاق أمني، بين أديس أبابا ومقديشو، إلى جانب شرطة «ليو» لحماية الحدود وسلامة طرق الإمداد والخدمات اللوجستية.
ويأتى هذا الهجوم الأخير، لحركة الشباب، فى الوقت الذى قال فيه رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدى بري، فى ٢٠ يوليو الجاري، إن مقديشيو عازمة على شن معركة «قوية وشاملة»، لمواجهة مقاتلى الشباب، وتنظيم داعش الإرهابي، من خلال «الوسائل العسكرية وغير العسكرية» بالترتيب.
وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، الذى تولى منصبه فى مايو الماضي، عن استراتيجية جديدة، لمحاربة حركة الشباب، تتألف من مكونات عسكرية وأيديولوجية واقتصادية.