نظم المجلس الأعلى للثقافة، ندوة بعنوان "سبعون عامًا على ثورة 23 يوليو"، أدارها الدكتور هشام عزمى، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، وشارك فيها كل من الدكتور أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، ومقرر لجنة مواجهة التطرف والإرهاب بالمجلس، وعضو مجلس الشيوخ المصرى، ومدير مكتبة الإسكندرية، والإعلامى الدكتور جمال الشاعر، مقرر لجنة الإعلام بالمجلس، والدكتور على الدين هلال؛ أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد جامعة القاهرة، وعضو المجلس الأعلى للثقافة، ووزير الشباب والرياضة الأسبق، والدكتور محمد عفيفى؛ أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة، وشهدت الأمسية مراعاة تطبيق الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا المستجد.
وقال الدكتور هشام عزمى، كانت ثورة يوليو 1952 علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، ومهما اختلفت الآراء حولها وتباينت الرؤى بشأنها فلا شك أن ثورة يوليو تعد من أهم الأحداث خلال النصف الثاني من القرن العشرين، فلقد تركت أثرًا كبيرًا وأحدثت تعبيرًا على الأرض ليس فى مصر وحدها ولكن على مستوى الوطن العربى بل والعالم الثالث بأسره، فمن تغيير فى منظومة العدالة الاجتماعية إلى حق فى التعليم مكفول للجميع إلى تأميم القناة السويس إلى تكريس الدور مصر كراعية لحركات التحرر الوطنى فى كثير من دول العالم وتأسيس منظومة علم الإنجاز.
وقال الدكتور على الدين هلال إن تلك الثورة وبعد مرور سبعين عام أصبح الموضوع أعمق من ذلك، فأن الأحداث المهمة فى تاريخ الشعوب يعاد تقيمها جيل بعد جيل، وعن رؤى المورخين لهذه الأحداث التاريخية قال أنهم يقولون ويؤكدون على ضرورة التقييم الموضوعى لأى حدث تاريخى يظهر بوضوح بعد اختفاء كل من عاصره، ونجد ذلك فى الكتابات الحديثة حول الثورات القديمة كالثورة الفرنسية والثورة الروسية وما إلى ذلك، ثم تحدث حول عظمة ثورة يوليو كونها لم تطرح طرح المفاجأة فكل ما أتت به كان موجود فى ذهن العامة وكانت مبادئها وأهدافها أحلام للبسطاء من الشعب المصرى، مثل: "الإصلاح الزراعي - إلغاء الرتب والألقاب"، وغيرها من الأهداف العظيمة التى نادت بها تلك الثورة، لذا كما أوضح تعد ثورة يوليو جزء من التاريخ المصرى وليست "نتوء" ظهر فجأة سرعان ما يختفى.
فيما أكد الدكتور أحمد زايد أن موضوع الندوة طرح في ذهنه العديد من التساؤلات المهمة بوصفه أحد أستاذة علم الاجتماع، وتدور أبرز تلك التساؤلات حول ما بقى إلى الآن من منجزات ثورة 23 يوليو عقب مرور هذه السنوات الطويلة التى انقضت منذ انطلاقها، موضحًأ أن ثورة يوليو أنتجت العديد من القرارات المهمة، على مختلف الأصعدة مثل: التعليم والتنمية والزراعة والصناعة، كما أوضح أنها ساهمت بالتبعية فى نهضة الدولة.
وقال الدكتور محمد عفيفى: "تحتفل مصر، ولا أُبالغ إذا قلت ويحتفل العالم العربى أيضًا، بمرور سبعين عامًا على ثورة يوليو. وتعتبر ثورة يوليو من أهم الأحداث فى تاريخ المنطقة فى النصف الثانى من القرن العشرين، ولقد أصبحت يوليو حقيقة واقعية فى تاريخنا، و أن 23 يوليو هو اليوم الوطنى لجمهورية مصر العربية.
وأضاف محمد عفيفى: لم تأتِّ ثورة يوليو من فراغ، ولم تهبط على مصر من السماء، وكما يقول علماء الاجتماع فإن الجديد يولد من رحم القديم، وبعد ذلك ينفصل عنه، لكنه يستمر فى حمل كثير من صفات القديم؛ فالكثير من قرارات يوليو كانت وليدة أفكار المرحلة السابقة، مثل فكرة تأميم قناة السويس التى كانت حلم الحركة الوطنية المصرية منذ مطلع القرن العشرين، وكذلك فكرة إنشاء السد العالى التى هى وليدة مدرسة الرى المصرى، وحتى فكرة الإصلاح الزراعى، التى تم طُرِحها عقب الحرب العالمية الثانية.
وعن الدروس المستفادة من ثورة يوليو تحدث الإعلامى جمال الشاعر قائلا: " إن الدرس الأول الذى قدمته هو فقه الأولويات، فلو نظرنا إلى مبادئها الستة محاولين تقييم تلك الثورة، فلابد أن نتذكر كلمة "شارل ديجول": قبل أن نتحدث فى السياسية فلابد أن ننظر إلى الخريطة، ولو نظرنا إلى الوقت الذى قامت فيه ثورة يوليو، سنجد أن الخريطة كانت عبارة عن "حزام ناسف" من الاستعمار وتبعاته السلبية، فإذا استطاعت تلك الثورة أن تخلصنا من الاستعمار فقط فهذا في حد ذاته يُعد منجزًا عظيمًا دون شك."، وعن الدرس الثاني لتلك الثورة الذى أسماه: "سترة النجاة" فواكب فترة قيام ثورة يوليو عددًا من حركات التحرر حتى أنها وصلت لأمريكا اللاتينية، وهو توسع كبير فى حركات التحرر لم يكن فى الحسبان، وفحوى هذا المصطلح أنه يجب أن تنجوا بنفسك أولًا ثم تنظر إلى الأخرين! والدرس الأهم أيضُا والذى تحدث عنه الشاعر هو الاستفادة من الروح الوطنية والزخم الشعبى، ثم تأتى القوة الناعمة وأهميتها الكبيرة، التى أكد فى إطارها أهمية دور الفن والمؤسسات الإعلامية كالإذاعة والتليفزيون.