رأس البر هو المصيف المفضل لأحفاد الخديو إسماعيل، وأم المصريين صفية زغلول، وكذلك للعديد من الفنانين ومشاهير الزمن الجميل وعلىرأسهم أم كلثوم وأسمهان وسليمان نجيب ويوسف وهبى وفريد شوقى ومحمد الموجى والشيخ محمد متولى الشعراوى والكاتب محمد التابعىوالكاتب مصطفى أمين، الذين حرصوا جميعا على تسجيل لحظاتهم فى رأس البر بالصور.
وتعتبر رأس البر من المصايف المتميزة فى مصر، حباها الله موقعا فريدا عند التقاء نهر النيل بالبحر الأبيض المتوسط فى منظر نادر وهوعبارة عن جزيرة على شكل مثلث رأسه منطقة اللسان وضلعه الشرقى نهر النيل والغربى البحر الأبيض المتوسط وقاعدته القناة الملاحية لميناء دمياط.
وتمتاز المدينة بوجود عدد من المزارات الجميلة، من أهمها منطقة اللسان، وفنار رأس البر التى شيدت عند شاطئ البحر المتوسط لترشدالسفن ليلًا، والتى شهدت المنطقة المحيطة بها تطويرا جعلها مزارًا مهمًا، ومنطقة الجربى التى كانت تشهد قديمًا الاحتفالات بمولد سيدىالجربي، وكورنيش النيل.
رأس البر فى القرون الوسطى وكيف كانت شاهدًا على الحملات الصليبية
ورأس البر اسم حديث، كان العرب فى القرون الوسطى يطلقون على هذه المنطقة "جيزة دمياط "أى "ناحية دمياط"، ولما زارها المؤرخالإسلامى تقى الدين المقريزى فى القرن الخامس عشر، دعاها فى قصيدته "مرج البحرين".
وكانت رأس البر شاهدًا على أحداث تاريخية هامة تتعلق بالحملات الصليبية ففى عام ١١٦٩م وصلت إلى ساحل دمياط أساطيل الصليبيينونزلوا إلى البر فى منطقة رأس البر ثم حاصروا مدينة دمياط ثلاثة وخمسين يوماّ وقاتلهم صلاح الدين إلى أن أجلاهم عن دمياط.
وفى يونيو عام ١٢١٨م وصل أسطول ضخم أمام رأس البر يحمل نحو سبعين ألف مقاتل بقيادة جان دى برين ثم نزلت إلى جزيرة دمياطوعسكروا أمام المدينة ٦ أشهر ودخلوها فى نوفمبر ١٢١٩م، وانتهت بخروج الغزاة من دمياط بعد أن قضوا فيها وعلى شواطئها ثلاث سنوات وأربعة أشهر.
وفى يونيو ١٢٤٩م وقف أمام رأس البر أسطول كبير يحمل لويس التاسع وجيشه ثم نزلوا إلى رأس البر وزحفوا إلى دمياط، وعبروا الجسرواستولوا عليها لينتهى ذلك الحدث بهزيمة الصليبين وأسر لويس التاسع وجلاء الحملة عن سواحل رأس البر و دمياط.
ومع مستهل القرن التاسع عشر وبعد أن تداعت أهوال الغزوات والحروب التى اجتاحت تلك الناحية الجميلة عاد إليها الهدوء وأقبل صيادوالأسماك والسمان بقواربهم وشباكهم وراحوا يترددون على تلك الشواطئ.
فلل وشاليهات رأس البر قديما
رأس البر فى القرن التاسع عشر
فى عام ١٨٢٣م كان مشايخ الطرق الصوفية وأتباعهم بدمياط يسيرون بمجموعهم نحو الشمال مع النيل للاحتفال بمولد “الشيخ الجربى” بمنطقة الجربى جنوب رأس البر.
وكان التجار يفدون إلى رأس البر لمقابلة سفنهم العائدة من رحلاتهم وهنا شاهدوا أول طلائع المصيف ممثلة فى هؤلاء المتصوفين واستمرالجميع فى هذا المكان الهادئ الجميل الذى يبعث فى النفس روعة التأمل وطمأنينة التعبد.
كما اعتادت بعض الأسر أن تخرج أيام الصيف فى سفن شراعية على النيل وترسو أمام رأس البر وتقضى النهار فى النزهة والصيدوالرياضة فراقهم جوها وشيدوا لهم أكواخًا من حصر البردى. وفى عام ١٨٦٥ م أتخذ رأس البر(مصطافًا) وتدرج مع عشش قليلة متفرقةمصنوعة من حصر البردى إلى صفوف منظمة بين شاطئ النيل والبحر ثم إلى عشش تقام على أرضيات من الخشب والبناء.
وفى عام ١٨٨٣م جاء رأس البر العالم الألمانى "كوخ" الذى انتدبته الحكومة المصرية على أثر انتشار الكوليرا بمصر وزار رأس البر وكتبعنها فى تقرير له "إن مصيف رأس البر قد يصبح يوماّ ملك المصايف وأشهرها” إذ يمتاز بموقعه الجميل وهوائه النقى الجاف وشواطئهالذهبية وبعده عن الضوضاء وهو أقل رطوبة من جو الشواطئ المصرية الأخرى وتكثر فى هوائه كمية ”اليود”.
وهذا التصريح كان الدافع الأكبر للعديد من الأثرياء الأجانب للتوافد على المنطقة واستغلالها، ففى عام ١٨٩١م أنشأ رجل فرنسى اسمه"بكلان" فندق أصلان و فى عام ١٨٩١ أنشأ رجل فرنسى اسمه “بكلان” وسيدة فرنسية تدعى “كورتيل” مطعمًا وبارًا قرب طابية الشيخيوسف.
كما أنشأ أول فندق راق أمام الفنار وسط المصيف جذب رجال المصطافين ودفع آخرين لبناء عدد آخر من الفنادق.
مصيف رأس البر المبنى من العشش
رأس البر فى العهد الملكى مصيف الطبقة الأرستقراطية
فى عام ١٩٠٢م وضعت للمصيف أول خريطة هندسية بسيطة موضحًا بها مواقع العشش وأرقامها والأسواق وغيرها، وتقرير تأجير أرضه،وإضاءة طرقه بالفوانيس وتسيير مراكب نيلية لنقل المصطافين والبريد من دمياط إلى رأس البر والعكس، ويصبح رأس البر مصيفا مفضلاّلدى الأرستقراطية.
وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى "١٩١٤-١٩١٨م"، حرم الكثيرون من الأرستقراطية المصرية من السفر إلى الخارج فاشتد الإقبال علىرأس البر، ما نتج عن إحداث الحرب العالمية الثانية، عندما تعرضت الإسكندرية للغارات الجوية فهرب سكان القاهرة إلى رأس البر.
وجاءت الملكة نازلى إلى رأس البر كما زارها عدد كبير من الباشوات الذين تعودوا تمضية الصيف فى الإسكندرية، كما أصبحت تزورهاالفرق المسرحية، كفرقة يوسف وهبى والمسرح القومى وشكوكو وإسماعيل ياسين.. وفى أحد كازينوهات رأس البر كان ظهور نجاة الصغيرةلأول مرة كمطربة.
وزاد الإقبال على المصيف عاما بعد عام بعد التطورات الجديدة التى حدثت به وبلغ عدد المصطافين فى صيف ١٩٤٩م إلى ٤٥ ألفمصطاف وفى عام ١٩٥٠م شقت بالمصيف طرق جديدة متسعة طولًا وعرضا وأنشئت عربات خاصة لتيسير الانتقال والمشهورة باسم ”الطفطف” ونفذ مشروع الصرف الصحى ومهد الطريق الغربى ومدت شبكة جديدة لمياه الشرب إلى المنطقة الجنوبية بالمصيف وساعد ذلكعلى توسيع مساحة المصيف.
رأس البر عقب نكسة ١٩٦٧م
عقب نشوب حرب ٦٧ تغير تاريخ رأس البر وتم تهجير سكان بورسعيد وجاء معظهم إلى رأس البر التى أصبحت مدينة دائمة صيفًا وشتاءبعد أن كانت للصيف قط، وبعد أن كان يكتفى ببناء قاعدة للعشة تقوم عليها وتقام الحوائط من الأكياب، دخل البناء كل عشش رأس البر التىأصبحت من الطوب والإسمنت وعدة أدوار بعد أن كانت كل عشة طابقًا واحدًا يرتفع مترين عن سطح الأرضن وبعد أن كان الهواء الطبيعىيتسلل إلى داخل العشة، أصبحت أجهزة التكييف هى المورد الأساسى للجو فى مبانى رأس البر.
رأس البر حاليا
وتشتهر رأس البر حاليًا بكونها مصيف الطبقة الوسطى من المصريين نتيجة لأسعار الإقامة بها التى تعد فى متناول أيديهم.