قال لي الدكتور عبد الرحيم علي منذ بضعة أيام:
ألم أقل لك تعامل مع الله!
قلت له ونعم بالله العلي العظيم.. أحاول قدر الإمكان.
قال لي الأهم اليقين بالنجاة وإن انقطعت الأسباب وسددت السبل.
ثم قال لي بعدما زرنا السيد نفيسة، الجمعة نزور السيد البدوي وسيدنا الحسين.
قلت لنفسي أيأخذ الرجل الأولياء وسطاء له عند الله؟
فهمس وكأنه سمعني لابد من دلائل في الصحراء وقارئ أثر فلا تستعظم نفسك فأشد منك غرته نفسه فهلك.. كل تابع يا ولدي متبوع إلا الحبيب كان المبتدئ.. فقل دائما مدد.
قلت له لماذا تحبهم؟
لا تسأل محبا عن أسباب حبه.. فالحب نفحة من روح الله.
قلت له لكن لابد من أسباب؟
قال: البوح بالأسرار ليس من الامور المحببة، وربما تذهب العطر عن جسدك وروحك معا.
ثم تابع: دع كل ما هنا هنا واترك فراغ الروح للروح واحمل متاع السفر فقط وامضي.
قالت له ثم ماذا؟
قال: لا تلتفت.
قلت له كيف؟
قال: لملم خطاك المبعثرة في الطرقات وانتعل خفي الشوق وأنفر بدنا وروحا إلى هناك حيث الذكر والتذكرة، فمن استغفر تطهر ومن شكر علا، ومن جاور الأولياء نجا، فكم من نفس غرقت ظمآنة، تلك التي وردت على بحر المحبة ولم ترتشف قطرة من ماء ولم تفطن إلى أن هناك أسماء دونتها السماء فوجبت لها الزيارة.
قلت له: إلى أين؟
قال: فقط اتبع خطى الروح أينما ولت وجهها صل فثم وجه الله..
قلت له زدني؟
قال: كن مريدا تجد مرادك، وأعلم أن رفيق الذكر جزاء حمد وشكر وقلب لا يكف عن مناجاة الله.. مدد من الله توصله حبات مسبحة من كف إلى كف وبراجم أصابع أضاءت من الذكر.
قلت له: أين وصلت؟
قال: قليلون من يعرفون متى يضعون الحصى في إحدى كفتي الميزان لتتساوى النفس والروح فلا يخسروا الدنيا ولا تكسبهم، يحسمون العراك الداخلي فيأخذون نصيبهم من الدنيا دون أن يتنازلوا عن نقاء أرواحهم يتوضأون على أعتاب الأولياء بالمحبة ويولون الدنيا ظهورهم حتى لا تخطفهم، أجراس تنبيه ربانية في قلوبهم تنبأهم أن الفؤاد يحتاج زاد فيقفون في الصف متخلين عن زينتهم يمدون أيديهم تضرعا لأخذ المؤونة وشحن الطاقة وشحذ الهمة ثم يعاودون السفر ويعاودون الاستزادة وما بين العادة والعبادة تكمن السعادة في رحلة محددة الأجل.
ثم ردد ورد المحبة فقال:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، اللهم يا ودود أنت الذي أودعت سر المحبة والمودة في قلوب أهل الأسرار، وأنت العزيز الذي أكملت ذوات الطالبين بنور الأنوار، وتجليت بالعز والنور القائم على الأرواح، فألفت بين الأشباح.
اللهم إني أسألك بسر ودك وسريان حبك في قلوب أنبيائك وأوليائك أن تلقي ودي وحبي في قلوب عبادك وسخرهم لي. اللهم كما ألقيت الوحي على قلب نبيك سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، اللهم سخر لي روحانية هذا الإسم إنك على كل شيء قدير وإنك فعال لما تريد، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا إلى يوم الدين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين.