تشعر باكستان بغضب شديد تجاه السياسات التي تتبناها حركة طالبان، التي تتولى الحكم في أفغانستان منذ أغسطس من العام الماضي، إذ أنه رغم المساعدات الكبيرة التي قدمتها إسلام أباد إلى الحركة الإسلامية، كي تعود إلى الحكم، خالفت هذه الأخيرة كل تعهداتها لباكستان.
وأوضح تقرير نشره معهد "جلوبال ووتش أناليزيس" الفرنسي أنه بعد كل ما فعلته باكستان لصالح طالبان على مدى عقدين، خلال قتالها الحكومة الموالية للولايات المتحدة هناك، كانت تنتظر إسلام أباد من الحركة أن تظهر امتنانا كبيرا لإسلام أباد وأن ترد لها هذا الدعم في مجموعة من القضايا.
وتابع التقرير أنه منذ أن عادت طالبان للسلطة في كابول، لم تتخذ الحركة أي قضية متوافقة مع رغبات باكستان، إذ تتجاهل حركة طالبان القبول بترسيم الحدود عند خط دوراند، كما لم تطرد طالبان المتمردين البلوش، ولم تقاتل حركة طالبان الباكستانية، الذين يستهدفون القوات الباكستانية من الأراضي الأفغانية.
إلى جانب ذلك، لم تبتعد طالبان عن الهند، ولم تؤسس حكومة شاملة، ولم تسمح بتعليم الفتيات وإعطاء المرأة حقوقها.
يشير التقرير إلى أنه مع مرور يوم بعد آخر، يتصاعد إحباط باكستان تجاه حركة طالبان في أفغانستان، بينما يتساءل العديد من المحللين عن نتائج السياسة التي تبنتها باكستان وجعلتها تتحدى الغرب وتؤيد عودة طالبان في أفغانستان.
ينوه التقرير أن باكستان باتت عالقة في مأزق، فلا يمكنها العمل ضد طالبان، بينما لا يمكنها السماح لطالبان بتقييدها إلى ما لا نهاية بشأن القضايا الحرجة التي تؤثر على أمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها.
واحدة من أكثر القضاياة استعصاءًا بين باكستان وأفغانستان، كان خط دوراند الحدودي لمثير للجدل، الذي لا يفصل فقط البلدين، ولكن يقسم إثنية البشتون. منذ ظهور باكستان كدولة، لم تؤيد أي حكومة أفغانسة، سواء كانت ملكية أو قومية أو شيوعية أو إسلامية، ترسيم خط دوراند.
يؤكد التقرير أن طالبان طالما كانت معارضة لهذا الترسيم، منذ ولايتها الأولى في بداية الألفية، إذ أنه في عام 2001، رفضت طالبان رفضا قاطعا المطالب الباكستانية بالاعتراف بخط دوراند، كما قال رئيس المخابرات الباكستانية السابق، الجنرال جاويد أشرف قاضي.
وهذه المرة يبدو أن طالبان لا تريد الاستجابة لطلبات باكستان بالاعتراف بهذا الخط كحدود رسمية بين البلدين، إذ تلتزم طالبان الصمت، ولم تعطي إي أشارة على استعدادهم لمناقشة هذه التسوية في الوقت الحالي، وكأنها لا تريد تحويل هذا الخط إلى "اعتراف رسمي".
يشدد التقرير على أنه في التسعينات، كانت هناك اشتباكات في كثير من الأحيان، بين قوات طالبان والجنود الباكستانيين، على طول خط دوراند، كان لدى طالبان احتقارا كبيرا للجيش الباكستاني ذو الأغلبية البنجابية.
ورغم أن هذه الاشتباكات لم تتطور إلى حرب كبيرة، إلا أن الوضع في الوقت الحالي، مشابها بشكل ملحوظ لما كان عليه في التسعينات، فمنذ استيلاء طالبان على كابول في أغسطس 2021، هناك العديد من التقارير المنتظمة عن اشتباكات ومناوشات على طول خط دوراند، بين الجنود الباكستانيين ومقاتلي طالبان، وقد تم الإبلاغ عن حوادث إطلاق نار عبر الحدود وتبادل إطلاق مدفعي.
كما انتشرت لقطات فيديو لطالبان وهي تهدد القوات الباكستانية وتتحداهم، بينما تحاول قيادة طالبان إخفاء هذه التوترات من أجل عدم خروج الأمور عن السيطرة.
رغم أن باكستان قد تحدت المجتمع الدولي، وحتى لم تخضع للعقوبات، ودعمت إرهاب حركة طالبان في أفغانستان على مدار 20 عاما، إلا أنها لم تجني ثمار هذا الدعم، إذ أن طالبان لم تنسى أيضا كيف أن باكستان ساعدت الولايات المتحدة في البداية على إساءة معاملة كبار قادة طالبان، وابتزازهم، واحتجاز عائلاتهم كرهائن، بل وقتل بعض القادة في الحجز.
إلى جانب ذلك، بحسب التقرير، فإن طالبان تدرك أن معظم الأفغان يرونهم وكلاء لباكستان، وهي صورة ترغب الحركة في التخلص منها، لاسيما وأن هذه النظرة تحمل معاني الاحتقار ضدهم.
يقول التقرير أن باكستان لا تفهم أنها لا تريد تقسيم إثنية الباشتون بين البلدين، وأنها لا تريد التخلي عن دعم حركة طالبان باكستان التي تقاتل القوات الرسمية الباكستانية في هذه المنطقة، لذا فهم ضد أي إجراء ضد هذه الحركة التي تشببهم، ولذا فإن أي حرب باكستانية ضد حركة طالبان باكستان على أراضي أفغانية يعني خرق للحدود الدولية.
يختتم التقرير بأن باكستان باتت تدرك أنها خسرت أكثر ما كسبت من وصول طالبان للحكم، فالحكومة السابقة كانت تحترم الحدود بين البلدين وتتصدى لأي جماعات إسلامية تشن هجمات على باكستان من داخل أفغانستان. ولهذا، فإن باكستان تدفع ثمن هذا الانحياز الاستراتيجي الخاطئ لصالح حركة طالبان.
العالم
باكستان تشعر بالغضب بسبب مخالفة "طالبان أفغانستان" لتعهداتها
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق