أشاد الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، باختيار موقع "Tripadvisor" أشهر المواقع السياحية المتخصصة في تقييمات المقاصد السياحية وفقًا لتجارب الزائرين، مدينتى القاهرة الكبرى والأقصر ضمن 22 وجهة سياحية لزيارتها على مستوى العالم خلال عام 2022.
وأوضح أن هذا الاختيار جاء لجهود الدولة ممثلة فى وزارة السياحة والآثار ووزارة التنمية المحلية والوزارات المعنية الأخرى خلال الثمانى سنوات الماضية، والتى تجسّدت فى أعمال الترميم وإعادة التوظيف والتطوير للبنية الأساسية من مشاريع كبرى من بنية تحتية وطرق غيرت معالم الرؤية البصرية للمدينتين ويسرت تحرك السياح داخل هذه المدن، علاوة على الاكتشافات الأثرية التى أعادت اكتشاف الأقصر وسقارة للعالم مرة أخرى والتحدى الأكبر الذى نجحت فيه مصر فى وقت اجتياح جائحة كورونا للعالم حيث استمرت السياحة بمصر بعد اتخاذ كل الإجراءات الصحية بفضل الإرادة السياسية للرئيس عبد الفتاح السيسى، والذى أولى ملف السياحة والآثار اهتمامًا خاص باعتبارهما مصدر رزق كبير يفتح فرص عمل وينمى كافة أوجه النشاط الاقتصادى الزراعي والصناعي والنقل والمواصلات، بالإضافة لحرص رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولى على متابعة هذا الملف يومًا بيوم، ولأول مرة نجد رئيس الوزراء ينزل في أحد آبار الدفن في سقارة بنفسه، ويتجول فى القاهرة التاريخية للتعرف على مشاكلها بنفسه ليضع خطة التطوير من خلال رؤية شاملة واضعًا المجتمع المحلى ومصالحه ضمن الأولويات.
ونوه الدكتور ريحان إلى المقومات السياحية بالقاهرة الكبرى التى تشمل موقعين مسجلين تراث عالمى باليونسكو، حيث أدرجت ممفيس ومقبرتها تراث عالمى استثنائى عام 1979 للمعيار الأول والثالث والسادس حيث يمثل بناء الأهرامات إبداع بشرى مميز لحضارة المصريين القدماء فى البناء من حيث الحجم وطريقة البناء والموقع وعلاقته بانعكاسات الشمس لضبط أوقات الحصاد، ومن حيث التكوين الداخلى السرى الذى عجزت أمامه عقليات كثيرة لحل سر الأهرامات وكيفية رفع أحجارها وقت البناء علاوة على المصاطب والمقابر المنحوتة فى الصخر واحتلت أهمية استثنائية لأول حضارة عرفت على وجه الأرض لأن ممفيس عاصمة مصر من 2700 إلى 2150 قبل الميلاد، ولعبت دورًا بارزًا فى تاريخها حتى العصر الرومانى حتى أن تتويج الإسكندر تم فى ممفيس، أمّا الأهرامات الثلاثة فترجع إلى تاريخ 2500 قبل الميلاد وتصنّف ضمن عجائب الدنيا السبع وشاركت «أهرامات دهشور» التسجيل فى القائمة والتى تحتوى على عدد من المجموعات الهرمية والآثار، بالإضافة إلى جبانة «ممفيس» ومقبرتها ومساحتها حوالى 2 كم وتمتد من الجيزة إلى دهشور مرورًا بسقارة، وتقع حول الهرم بتخطيط منتظم آثار مدن العمال القائمين ببناء الأهرامات ومجموعة المعابد الجنائزية.
وتابع، أن المنطقة الثانية هى القاهرة التاريخية التى رشحت تراث عالمى باليونسكو عام 1979 للمعيار الأول والثالث والرابع والسادس حيث تعبر القاهرة التاريخية بتكوينها وأسوارها عن روائع العمارة الإسلامية باعتبارها نموذجًا لمدينة سكنية متكاملة بكافة وظائفها مثلت تفاعل المسلم مع بيئته فأنتجت تراث متميز يعبر عن طبقات زمنية متلاحقة فى تناغم شديد كما اقترنت القاهرة بأحداث عدة وفترات حكم مختلفة كونت تراثها المعمارى وما زالت حتى الآن، حيث أنها من أقدم مدن التراث الحى المستعمل نسبيًا حتى الآن وكذلك اقترنت بالعديد من المصنفات الأدبية التى سجلت مع ملف الترشيح كما فى ثلاثية نجيب محفوظ (قصر الشوق- بين القصرين- السكرية).
كما تشمل القاهرة عدة متاحف أشهرها المتحف المصرى والمتحف القبطى ومتحف الفن الإسلامى ومتحف الحضارة وانتظار العالم لافتتاح المتحف المصرى الكبير، علاوة على مقومات سياحية أخرى مثل السياحة النيلية والبواخر العائمة وزيارة برج القاهرة والحدائق التاريخية مثل حديقة الأندلس وحديقة الأسماك وحديقة الحيوان والمواقع التاريخية بوسط البلد مثل منطقة الألفى والقاهرة الخديوية والقصور التاريخية الشهيرة.
وأشار ريحان إلى أهمية الأقصر وهى مدينة طيبة وجبانتها المسجلة تراث عالمى باليونسكو عام 1979 لثلاثة معايير الأول والثالث والسادس، حيث تمثل طيبة نموذجًا للروائع فى تكوينها الفريد كمدينة للحكم بمبانيها على البر الشرقى والغربى، وتقف شاهدًا فريدًا على معتقدات خاصة بالحياة والموت فى عهد المصريين القدماء وفى فترة وجود طيبة كعاصمة واستثنائيًا على حضارة المصريين القدماء ككل، كما اقترن اسمها بعديد من الأحداث والمعتقدات المرتبطة بتاريخ المصريين القدماء.
ودلت الاكتشافات الأثرية على أن مدينة طيبة ترجع إلى تاريخ أقدم مما كان يظن البعض، فلقد عثر بمنطقة الكرنك على بقايا معبد من الأسرة الثانية ووجود بناء قديم يرجع إلى عصر ما قبل الأسرات، لهذا تعد طيبة من أقدم المدن فى مصر، وتعد هى النقلة البنائية فى استخدام الأهرامات كمقابر ملكية إلى استخدام المقابر المخفية بوادى الملوك والملكات بالإضافة إلى المصطبة التى اكتشفت بمدينة الطارف بالأقصر فجمعت مزيجًا من طراز الدولة القديمة والدولة الوسطى التى تنتمي معظم آثار الأقصر إليها، وتعتبر طيبة عاصمة مصر فى الدولة الحديثة من 1570 إلى 1070 قبل الميلاد.
من جانبها، تشير المرشدة السياحية ميرنا محمد الباحثة فى الآثار المصرية القديمة إلى المقومات السياحية بالأقصر والتى تشمل معبد الكرنك الذى استمر بناؤها حوالي 2000 عام على مساحة إجمالية 46 فدان لعبادة الإله “آمون رع” وزوجته “موت” وابنهما الإله “خونسو ويحتوي على 134 عمود ثم مدخل المعبد وهو طريق الكباش الشهير، ومعبد الأقصر بالقرب من معبد الكرنك ويعود تاريخ بنائه إلى عصر الدولة الوسطى بأمر من الملك “أمنحوتب الثالث” ليكون بمثابة منزل للإله أمون رع ويمتاز بمنشآته الضخمة، ومعبد الدير البحري أو معبد حتشبسوت الذى أقيم أسفل منحدر صخري في منطقة الدير البحري لعبادة الإله آمون إله الشمس الذى صمم على 3 مستويات ويضم الطابق الثاني عدة تماثيل رائعة للملكة حتشبسوت والإله أوزوريس.
وأردفت أن الأقصر تضم وادي الملوك وبه 64 مقبرة، أهمها مقبرة الملك توت عنخ أمون ووادي الملكات وأشهر مقابره مقبرة الملكة نفرتاري الزوجة المحببة لرمسيس الثاني، وتمثالي ممنون على الطريق المؤدي إلى مقابر منطقة وادي الملوك، وهما من بقايا معبد قديم بني لتخليد ذكرى الملك “أمنحتب الثالث”، أحد ملوك الأسرة 18 والمعبد الجنائزي لأمنحتب الثالث بمنطقة كوم الحيتان، علاوة على متحف الاقصر ويحتوي على أكثر من 376 قطعة أثرية نادرة، ومومياوات لأهم ملوك مصر ومعبد الرمسيوم الجنائزي في منطقة البر الغربي، ومدينة هابو التي بناها الملك رمسيس الثالث لإقامة الطقوس الجنائزية وعبادة الإله آمون والمعبد الجنائزي سيتي الأول في منطقة القرنة بالبر الغربي، ويطلق عليه كذلك “معبد أبيدوس العظيم ومقابر النبلاء التى تعود إلى عصر الدولة الوسطى والدولة الحديثة والنبلاء هنا يقصد بهم كبار رجال الدولة.
هذا علاوة على دير المدينة وهو عبارة عن مجمع سكني متكامل، بيوت مصرية قديمة ومقابر مزخرفة؛ تم إقامتها للعمال الذين أبدعوا وأقاموا مدينة الأقصر ومنزل هاورد كارتر مكتشف مقبرة توت عنخ آمون، والذي قَطن فيه لمدة 15 عاما، منذ أكثر من 87 عامًا وقد قررت السلطات المصرية تحويل هذا المنزل إلى متحف يعرض أهم الأدوات التي كان يستخدمها العالم في الحفر والتنقيب وكذلك مجموعة صور له أثناء عمله، ومتحف التحنيط الذى يعرض العديد من المومياوات الملكية وعددًا من الحيوانات المحنطة وأدوات التحنيط المستخدمة قديمًا كما يضم نموذجًا لمركب جنائزي لنقل جثمان المتوفي عبر النيل إلى البر الغربي، وجزيرة الموز التى تقع غرب الأقصر ويتم الوصول إليها عن طريق رحلات المراكب النيلية مساحتها خمسة أفدنة وتعج بأشجار الموز والنخيل والعديد من أشجار الفاكهة كما يوجد بها ساقية قديمة لإكمال الحالة الزراعية المميزة للجزيرة.