يبدو في مظهره كباقي البشر، يتحرك بشكل طبيعي وفجأة يحدث له اضطراب داخلي، تتغير حركاته، يبدو وكأنه شخص غريب عن هذا العالم، يتألم ويصرخ بداخله، ينظر إليه البعض بضحكات من السخرية، وربما بنظرات من الاستغراب، يبتعد عنه أصدقاؤه، يعاني وحيدًا، ولكنه مثل الملايين من الأشخاص الذين يعانون من مرض نادر أصابهم ولا يعلم عنه الكثير من الناس شيئًا، اسمه «متلازمة توريت»، والتي شهدت ظهور أول حالة عام 1885، و«متلازمة توريت» هى اضطراب عصبى، يظهر غالبًا في مرحلة الطفولة، ويكون في شكل حركات وتشنجات صوتية لا إرادية ومتكررة، وتُسمى عرَات.
ومن «متلازمة توريت» اتخذت الطالبة منة بكلية الفنون التطبيقية منه مشروع للتخرج الخاص بها وتقول: «بحثت لأن يصل صوتي وفكرتي للجميع، ليمد المجتمع يده لهم، وينتزعهم من الشعور بالخوف من نظراتهم».
وأضافت: «أحيانًا ما يعاني بعض الأشخاص من أمراض نادرة، ولكن المعاناة الأكبر أن يجهل الشخص أمامك أوجاعك، فتزيد المعاناة ألمًا، وتشعر وكأن الدنيا ثقب إبرة، لا تريح قلبك من عناء المرض، ولا تشعر بالطمأنينة في نظراتهم إليك».
وتواصل «منة»: «شجعنى في البحث عن هذا الوضوع أن الكثير من المصريين مصابون بهذه المتلازمة، وهم لا يعلمون أن الحركات والاضطرابات التي تظهر عليهم نتيجة متلازمة توريت، ولم يتم تشخيصهم، والغريب في مصر أن مصابي المتلازمة يصفهم البعض بأنه لمس جن وفي بعض المناطق الريفية عند ظهور هذه الأعراض يتهمون هؤلاء الأشخاص بالمعاناة من مس جني، ويقومون بضربهم، وتصل بعض الحالات للموت، بحجة أن الشيخ يقوم بفعل ذلك لإخراج الجن، الأزمة الأكبر التي واجهتني هي أن أصل لأحد الأشخاص المصاب بهذه المتلازمة، وبعد عناء، تواصلت مع إحدى المصابات، والتي حكت لى أنها توجهت لأحد الأطباء النفسيين، وأخبرها بأنها لا تعاني من شيء، وما بها هو مس من الشيطان، وبعد البحث اكتشفت أن الكثير من النفسيين يوهمون المرضى بأنهم ليست لديهم مشكلة كما وصفت لي سلمى خالد إحدى المصابات مجرد دلع منك».
وتضيف منة: «تواصلت مع جمعيات في أمريكا وأستراليا متخصصة فى علاج متلازمة توريت، لتزويدي بمعلومات كافية عن المتلازمة، وفي مصر للأسف أخبرتني بعض الجمعيات إنهم لا يمتلكون معلومة عن هذا الأمر، سوى تعاملهم مع طبيبة واحدة تقيم بمدينة الإسكندرية، والتي قامت بمساعدتي، وساعدتني في التواصل مع المرضى».
وعن مشروع التخرج تقول: «كان عبارة عن حملة على السوشيال ميديا، وتفاعلت مع رواد مواقع التواصل الاجتماعي ووصلت لمئات الآلاف الذين دعموا الفكرة بوجود جمعية تساعد مرضى متلازمة توريت، وقمت بعمل فيلم تسجيلى مع ستاند أب كوميدي، والذي عاني من المتلازمة أثناء أحد العروض أمام الجمهور، وقام بأداء أصوات وحركات مرضى توريت بينما الجمهور كان في حالة من الضحك، ظنًا منه إنه إحدى فقرات العرض، كما قمت بتصميم تطبيق على الهاتف المحمول يمكن مرضى توريت بالتواصل مع الجمعيات المتخصصة في علاج المتلازمة، وهو الحلم الذي يراودني أن تتبناه الدولة ويتم تعميمه على كل محافظات مصر، وفي مستشفيات الصحة النفسية، ليحكي المريض قصته في سرية تامة، ويتم التواصل مع المتخصصين في مصر أو خارجها، كما أحلم بتنفيذ مشروعي بعمل جمعية لمتلازمة توريت يُعالج فيها المرضى ويتم استقبالهم بالمجان، رحمة بالصعوبات التي تواجههم».
واختتمت حديثها: «صممت أشكالا وعليها عبارة توضح مايعاني منه المرضى مثل أنا مش ملبوسة.. أنا مش موهومة.. أنا مش بتصنع».
