الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الأخبار

بإجماع الفقهاء .. حكم صوم الجمعة في يوم عرفات

صورة ارشيفية .. وقفة
صورة ارشيفية .. وقفة عرفات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يتوافق هذا العام أن يوم عرفة سيكون يوم الجمعة المقبل، ويكثر السؤال عن حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام، وباتفاق المذاهب الأربعة يجوز إفراد صوم يوم الجمعة بالصيام إذا وافق يوم عرفة لمن كان معتادًا لصوم يوم عرفة من كل عام، واختلف الفقهاء في حكم إفراد يوم الجمعة بالصوم على ثلاثة آراء.

يرى أصحاب الرأي الأول: أنه يندب إفراد يوم الجمعة بالصوم، وقد ذهب إلى ذلك الطرفان (أبو حنيفة ومحمد) من الحنفية، وذهب إليه أيضًا المالكية، وقال العلامة الحصكفي الحنفي في "الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار" (ص142) عند ذكر الصوم المندوب: «والمندوب كأيام البيض من كل شهر، ويوم الجمعة ولو منفردا»، وقال العلامة ابن عابدين معلقًا على ذلك في "حاشيته على الدر المختار" (2/ 375، ط/ دار الفكر-بيروت-): [(قَوْلُهُ: وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا) صَرَّحَ بِهِ فِي النَّهْرِ، وَكَذَا فِي الْبَحْرِ فَقَالَ: إنَّ صَوْمَهُ بِانْفِرَادِهِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْعَامَّةِ كَالاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، وَكَرِهَ الْكُلَّ بَعْضُهُمْ اهـ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُحِيطِ مُعَلَّلا بِأَنَّ لِهَذِهِ الأَيَّامِ فَضِيلَةً، وَلَمْ يَكُنْ فِي صَوْمِهَا تَشَبُّهٌ بِغَيْرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، كَمَا فِي الأَشْبَاهِ وَتَبِعَهُ فِي نُورِ الإِيضَاحِ مِنْ كَرَاهَةِ إفْرَادِهِ بِالصَّوْمِ قَوْلُ الْبَعْضِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلا بَأْسَ بِصَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ  وَمُحَمَّدٍ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُهُ وَلا يُفْطِرُ. اهـ، وَظَاهِرُ الاسْتِشْهَادِ بِالأَثَرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِلا بَأْسٍ الاسْتِحْبَابُ، وَفِي التَّجْنِيسِ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: جَاءَ حَدِيثٌ فِي كَرَاهَتِهِ إلا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ؛ فَكَانَ الاحْتِيَاطُ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ يَوْمًا آخَرَ. اهـ. قَالَ ط : قُلْت : ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ طَلَبُهُ وَالنَّهْيُ عَنْهُ، وَالآخِرُ مِنْهُمَا النَّهْيُ كَمَا أَوْضَحَهُ شُرَّاحُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ؛ لأَنَّ فِيهِ وَظَائِفَ فَلَعَلَّهُ إذَا صَامَ ضَعُفَ عَنْ فِعْلِهَا»، وقال العلامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 534، ط/ دار الفكر): «(وَ) جَازَ ... صَوْمُ يَوْمِ ( جُمُعَةٍ فَقَطْ ) لا قَبْلَهُ يَوْمٌ وَلا بَعْدَهُ يَوْمٌ، أَيْ يُنْدَبُ فَإِنْ ضَمَّ إلَيْهِ آخَرَ فَلا خِلافَ فِي نَدْبِهِ وَإِنَّمَا كَانَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا النَّدْبُ ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا صَوْمٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ».
وقال العلامة الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير": «( قَوْلُهُ وَصَوْمُ دَهْرٍ وَجُمُعَةٍ فَقَطْ ) أَيْ خِلافًا لِمَنْ قَالَ بِكَرَاهَتِهِمَا ...، وَأَمَّا صَوْمُ الْجُمُعَةِ بِخُصُوصِهَا مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "وَلا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ" فَمَحَلُّ النَّهْيِ عَلَى خَوْفِ فَرْضِهِ، وَقَدْ انْتَفَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ بِوَفَاتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ».

أما أصحاب الرأي الثاني:يرون أنه  يكره إفراد يوم الجمعة بالصيام، وقد ذهب إلى ذلك أبو يوسف من الحنفية، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، ولكن محل الكراهة عند الشافعية إذا لم يوافق صيام يوم الجمعة عادة اعتادها الإنسان في الصوم، أو لم يوافق مثل يوم عرفة أو يوم عاشوراء لمن يعتاد صومهما، وقال شمس الدين الرملي في "نهاية المحتاج" (3/ 209، ط/ دار الفكر): «(وَيُكْرَهُ) ( إفْرَادُ ) يَوْمِ ( الْجُمُعَةِ ) بِالصَّوْمِ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ "، وَلِكَوْنِهِ يَوْمَ عِيدٍ ... (وَإِفْرَادُ السَّبْتِ) أَوْ الأَحَدِ بِالصَّوْمِ ...، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا لَمْ يُوَافِقْ إفْرَادُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الأَيَّامِ الثَّلاثَةِ عَادَةً لَهُ، وَإِلا كَأَنْ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، أَوْ يَصُومُ عَاشُورَاءَ أَوْ عَرَفَةَ؛ فَوَافَقَ يَوْمَ صَوْمِهِ فَلا كَرَاهَةَ كَمَا فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلامِ بِخِلافِهِ»، وقال العلامة المرداوي في "الإنصاف (3/ 347، ط/ دار إحياء التراث العربي): «قَوْلُهُ (وَإِفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) يَعْنِي يُكْرَهُ . وَهَذَا الْمَذْهَبُ ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأَصْحَابِ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وقَالَ الْمَجْدُ  : لا نَعْلَمُ فِيهِ خِلافًا ، وَقَالَ الآجُرِّيُّ  : يَحْرُمُ صَوْمُهُ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لا أُحِبُّ أَنْ يَتَعَهَّدَهُ . قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : لا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَحَكَاهُ فِي الرِّعَايَةِ وَجْهًا»، وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 340، ط/ دار الفكر، وعالم الكتب): «(وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ إفْرَادِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ) ... (إلا أَنْ يُوَافِقَ) يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوْ السَّبْتِ ( عَادَةً ) كَأَنْ وَافَقَ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَكَانَ عَادَتَهُ صَوْمُهُمَا فَلا كَرَاهَةَ؛ لأَنَّ الْعَادَةَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي ذَلِكَ».

وقال أصحاب الرأي الثالث: إنه يحرم إفراد يوم الجمعة بالصوم، وهو ما ذهب إليه ابن حزم الظاهري، وقال ابن حزم في "المحلى" (4/ 440، ط/ دار الكتب العلمية-بيروت): «وَلا يَحِلُّ صَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إلا لِمَنْ صَامَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ فَلَوْ نَذَرَهُ إنْسَانٌ كَانَ نَذْرُهُ بَاطِلا؛ فَلَوْ كَانَ إنْسَانٌ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَجَاءَهُ صَوْمُهُ فِي الْجُمُعَةِ فَلْيَصُمْهُ»، والله أعلم.