من أبوتشت إلى أكتوبر.. رحلة الدم والثأر لم تكتب فصلها الأخير، فما زالت تلك العقيدة راسخة في أذهان أهالي محافظات الصعيد، الإرث الذي يخلف بحورا من الدماء التي لا تنتهي؛ قبل ثمانية أعوام وقعت مشاجرة في إحدى القري التابعة لمركز أبوتشت بمحافظة قنا راح ضحيتها أحد الأشخاص «والد شابين» وتمكنت الأجهزة الأمنية حينها من ضبط المتهم وتمت محاكمته والحكم عليه بالمؤبد؛ لم يكن ذلك الحكم كافيا لنجلي المجني عليه وظل عار الثأر لوالدهما معلقا على كاهليهما.
سنة تلو الأخرى يبحث الشقيقان عن شقيق المتهم بقتل والدهما لإزهاق روحه والثأر لوالدهما؛ حتي مرت 8 سنوات استطاعا في نهايتها رفع الرأس بين أهلهما على حد ظنهما وثأرا لوالدهما من شاب ليس له علاقة بقتل والدهما.
خطة شيطانية وضعها المتهمان عقب تحديد مكان اختباء شقيق قاتل والدهما بمدينة نصر في القاهرة؛ حيث اتفقا مع سيدة في العقد السادس من عمرها ونجلتها 36 سنة وحفيدها لنجلتها 14 عاما على استدراج الشاب الذي يعمل سائقا بحجة قضاء سهرة حمراء، وقاموا بتخديره وحضر المتهمان عقب ذلك وقاما بخنقه حتي الموت وتخلصا من جثته بطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي بمدينة 6 أكتوبر.
قضي الشقيقان 8 سنوات في البحث عن شقيق قاتل والدهما، طيلة تلك السنوات يبحثان عن دمه ظنا منهما أنه الخلاص لما يحملانه فوق عنقيهما من ثأر لوالدهما، ولكن هيهات فتلك هي بداية النهاية وطريق الدماء لا يخلف إلا خراب زج بالشقيقين خلف القضبان ينتظران حكما إن كان رحميا فهو قضاء ما تبقي من عمريهما داخل غياهب السجون؛ تلك المأساة التي تتكرر والجرائم الدموية ما هي إلا توريث لعقلية خاطئة بأن الثأر هو الخلاص والحل، فكم من دماء سوف تسيل في طريق الثأر؟
تفاصيل الواقعة المأساوية كما دونتها سجلات ضباط مباحث قسم أول أكتوبر بمديرية أمن الجيزة بورود بلاغ إلى المقدم إسلام المهداوي، رئيس وحدة مباحث القسم، بالعثور على جثة أحد الأشخاص ملقى بطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي بدائرة القسم، وبالانتقال والفحص تبين العثور على جثة أحد الأشخاص مجهول الهوية لا يحمل ثمة أوراق تدل على هويته ملفوفا داخل قطعة قماش «كوفرتة» وبه آثار خنق حول الرقبة؛ وبإبلاغ اللواء مدحت فارس، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، والذي كلف بتشكيل فريق بحث مكبر توصلت جهوده إلي تحديد هوية المجني عليه، وتبين أنه شاب يعمل سائق وأصل إقامته مركز أبوتشت بمحافظة قنا وله محل إقامة آخر بمدينة نصر بمحافظة القاهرة.
تحركات أمنية مكثفة في جميع الاتجاهات لكشف علاقات وعداوات المجني عليه، انتهت بوجود خلافات ثأرية من 8 سنوات قتل خلالها والد شابين على يد شقيق المجني عليه محبوس وصدر ضده حكم بالمؤبد، هنا بدأ طرف الخيط يظهر ويزداد التكثيف الأمني لبيان أن تلك الجريمة هي انتقام وثار؛ عقب جمع المعلومات والتأكد من صحة التحريات تم استهداف المتهمين الشقيقين وأمكن ضبطهما واقتيادهما إلى ديوان القسم.
بمواجهتهما أقرا بارتكاب الواقعة بسبب خلافات ثأرية منذ أكثر من 8 سنوات، حيث استعانا في تنفيذ جريمتهما بسيدة في العقد السادس من عمرها ونجلتها 36 سنة وحفيدها لنجلتها 14 عام «أمكن ضبطهم جميعا»؛ وبالاتفاق مع الثانية على استدراج المجني عليه بحجة قضاء سهرة حمراء مقابل مبلغ مالي 25 ألف جنيه، وفور وصوله قاما بتخديره بوضع مخدر في العصير.
وأضاف المتهمين بأنهما فور حدوث ذلك حضرا علي الفور وقاما بكتم أنفاس المجني عليه وخنقه حتي الموت وقاموا يوضع جثته داخل كوفرته وتخلصوا منها بمحل العثور عليها؛ وأكمل المتهمون خلال التحقيقات بأن عار الثأر لوالدهما كان يطاردهما من قتله على يد شقيق المجني عليه وبعد طول ومرور السنين تمكنا من الثأر لوالدهما معللين بأن المؤبد لشقيق المجني عليه ليس كافيا وأن تلك الأمور في الصعيد تأخذ من الكرامة والهيبة وأنهما ليسا نادمين، بل الآن يستطيع أهلهم رفع رءوسهم عالية.
بالعرض على النيابة اصطحب فريق من نيابة أكتوبر المتهمين إلي مسرح الجريمة لإجراء معاينة تصورية وتمثيل جريمتهم وصرحت النيابة بدفن جثة المجني عليه عقب بيان الصفة التشريحية لها وإعداد تقرير واف عن كيفية وأسباب الوفاة وأمرت النيابة بحبس المتهمين الخمسة 4 أيام احتياطيا على ذمة التحقيقات على أن يراعي التجديد لهم في الوقت المحدد وطلبت النيابة تحريات المباحث التكميلية حول الواقعة ولا تزال التحقيقات مستمرة.