سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الضوء على مدى خطورة فيروس "جدري القرود"، مشيرة إلى أن مسئولى الصحة يتتبعون أكثر من 100 حالة إصابة مؤكدة أو مشتبه بها، والتي ظهرت في الدول التي لا يحدث فيها إصابات بالفيروس عادة، بما في ذلك أستراليا وبلجيكا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والبرتغال وإسبانيا والسويد والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية في تقرير بثته عبر موقعها الالكتروني إلى أنه حتى الـ30 من شهر مايو المنصرم، أكدت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، 15 حالة إصابة بجدري القرود في الولايات المتحدة، بما في ذلك ولايات كاليفورنيا وكولورادو وفلوريدا وماساتشوستس ونيويورك ويوتا وفرجينيا وواشنطن، ولفتت الصحيفة إلى تناول الرئيس الأمريكي جو بايدن، في 22 مايو، لمسألة انتشار فيروس "جدري القردة"، حينما وصف الأمر بأنه مصدر قلق حال انتشار الفيروس.
وقالت "نيويورك تايمز" إنه بعد أكثر من عامين من العيش في ظل جائحة فيروس كورونا، من المفهوم الآن أن الأخبار عن انتشار فيروس جديد في جميع أنحاء العالم يمكن أن تسبب القلق، غير أن خبراء الصحة يقولون إنه من غير المرجح أن يخلق "جدري القردة" سيناريو مشابها لفيروس كورونا، حتى لو تم تسجيل المزيد من الحالات.
وأكدت على ذلك، الدكتورة ماريا فان كيركوف التي تولت القيادة التقنية لمنظمة الصحة العالمية فيما يخص جائحة فيروس كورونا، مشيرة إلى أنه سيتم تسجيل المزيد من الحالات، ولكن يجب أن يكون في الحسبان أن "جدري القردة" لن يكون مثل فيروس كورونا.
وأعادت "نيويورك تايمز" إلى الأذهان أن فيروس "جدري القردة" ليس فيروسا جديدا، ولا ينتشر بنفس طريقة انتشار فيروس كورونا، مشيرة إلى أنها طلبت من الخبراء، فهما أفضل لمسببات المرض، وكيف يختلف المرض عن فيروس كورونا.
وفي هذا السياق، أوضحت إيلين كارلين الباحثة في جامعة جورج تاون التي تدرس الأمراض الحيوانية التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر- أن الناس عادة ما يتم إصابتهم بجدري القرود عن طريق الاتصال الوثيق بالحيوانات المصابة، ويمكن أن يكون ذلك من خلال عضة حيوان أو خدش أو سوائل جسدية أو براز أو عن طريق استهلاك اللحوم غير المطبوخة بشكل كاف.
وعلى الرغم من اكتشاف الفيروس لأول مرة في قرود في أحد المختبرات عام 1958، يعتقد العلماء بأن القوارض هي الناقل الرئيسي لجدري القردة، والمنتشر في المقام الأول في وسط وغرب أفريقيا، لا سيما في المناطق القريبة من الغابات الاستوائية المطيرة، وقد تم تحديد "سناجب الحبال" و"سناجب الأشجار" والفئران في جامبيا، على أنها ناقلات محتملة للفيروس.
وقالت الدكتورة كارلين، في هذا الصدد: "ربما كان الفيروس ينتشر في هذه الحيوانات لفترة طويلة للغاية، وفي أغلب الأحيان، بقى الفيروس في تجمعات الحيوانات".
ولفتت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنه تم اكتشاف أول حالة إصابة بشرية بجدري القردة في عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومنذ ذلك الحين، تسبب الفيروس بشكل دوري في حدوث تفشيات صغيرة، على الرغم من اقتصار معظمها على بضع مئات من الحالات في 11 دولة أفريقية.
ووصل عدد قليل من الحالات إلى قارات أخرى، جلبها مسافرون أو استيراد حيوانات نقلت الفيروس إلى حيوانات أليفة منزلية ثم إلى أصحابها.
وقالت الدكتورة كيركوف، إن انتقال فيروس جدري القردة من إنسان لآخر نادر جدا، مشيرة إلى انتقال العدوى يحدث من خلال الاتصال الجسدي الوثيق والتلامس الجلدي، لذا فالأمر مختلف تماما عن فيروس كورونا.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يمكن أن ينتشر الفيروس أيضا عن طريق لمس أو مشاركة العناصر المصابة مثل الملابس والفراش، أو عن طريق قطرات الجهاز التنفسي الناتجة عن العطس أو السعال.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن حالة الذعر الحالية قد تبدو مألوفة بشكل مخيف، لأنه في الأيام الأولى لفيروس كورونا، قال العديد من الخبراء إن الفيروس التاجي كان احتمالية انتقاله ضئيلة من إنسان إلى آخر بخلاف الرذاذ التنفسي والأسطح الملوثة، حيث أظهرت الأبحاث اللاحقة أن الفيروس التاجي يمكن أن ينتشر من خلال جزيئات أصغر بكثير تسمى الهباء الجوي (جزيئات معلقة في الهواء) مع القدرة على البقاء في الهواء لمسافات تزيد عن ستة أقدام.
وفي هذا الصدد، قال لويس سيجال، الخبير في فيروسات الجدري بجامعة توماس جيفرسون في فيلادلفيا، إن هذا لا يعني أن الأمر نفسه سيصبح صحيحا بالنسبة لفيروس جدري القردة، موضحا أن فيروس كورونا يعد فيروس صغير (فيروس الحمض النووي الريبوزي) أحادي، والذي ربما ساعد في قدرته على أن ينتقل جوا، وذلك يعد مختلفا عن فيروس جدري القردة، الذي يتكون من حمض نووي مزدوج، مما يعني أن الفيروس نفسه أكبر وأثقل بكثير وغير قادر على الانتقال والتطاير لمسافات بعيدة، على حد قول الدكتور سيجال.
واختتمت صحيفة "نيويورك تايمز" بالقول إن جدري القردة، يعد جزءا من نفس عائلة الفيروسات مثل الجدري، ولكنه عادة ما تكون أعراضه متوسطة، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض، وفي المتوسط، تظهر الأعراض في غضون ستة إلى 13 يوما من تاريخ الإصابة، ولكن يمكن أن يستغرق ظهور الأعراض، ما يصل إلى ثلاثة أسابيع، ويعاني الأشخاص عادة من أعراض مثل الحمى والصداع وآلام الظهر والعضلات وتضخم الغدد الليمفاوية والإرهاق العام.