مر على الإذاعة المصرية، عدد كبير من المذيعين منذ نشأتها، ولكن منهم من كان له بصمة كبيرة فيها، فمن أشهر مذيعي الإذاعة المصرية هو أحمد سالم الذي ولد في 20 فبراير 1910 وتوفي 10 سبتمبر 1949.
ولد في أبو كبير بمحافظة الشرقية، هو أول مذيع مصري بالإذاعة المصرية سنة 1936.
تزوج من الفنانة أسمهان، وكذلك من الراقصة تحية كاريوكا وأميرة البارودي إحدى سيدات المجتمع وقت الثورة وكان صديقًا شخصيًا للملك فاروق، عمل مديرًا للقسم العربي بالإذاعة المصرية سنة 1932 وكان أول من نطق بالجملة التي نسمعها حتي اليوم وهي "هنا القاهرة"، وكانت من أولى الكلمات التي انطلقت عبر الإذاعة المصرية في افتتاحها عام 1934 وهي عبارة جميلة تتألق بها إذاعة البرنامج العام وخاصةً عندما يقولها المذيعون والمذيعات قبل بداية البرامج وفي الفواصل بكل حماس وبكل إنتماء ومن أعماق قلوبهم يهتفون "هنا القاهرة".
وظل احمد سالم في الإذاعة يقدم عصارة فكره وقدم من البرامج ما أسعد المستمعين لكن بكل أسف لم تكن وسائل التسجيل تساعد على الحفاظ على كل ما يذاع للصعوبة البالغة في وسائل الحفظ آنذاك، أما الرصاصة التي أودت بحياته هي عند شجاره مع الفنانة الراحلة اسمهان عام 1944 والتي كانت انذاك زوجته حين عادت إلى المنزل في وقت متأخر مما رفع عليها المسدس ليطلق عليها الرصاص حينها هرعت صديقتها إلى الشرطة واتت بهم فحدث شجار بين احمد سالم وظابط الشرطة.
تبادل الاثنان إطلاق الرصاص لتصيب إحداها أحمد سالم في الصدر ويعالج من الرصاصة ويشفى لكن أثارها تظل تؤلمه إلى أن يدخل المستشفي عام 1949 وتفشل العملية وتنطلق روحه الي بارئها.
بالإضافة الي الاذاعى محمد فتحى الملقب بـ"كروان الاذاعة المصرية"، حيث انه يعتبر من اوائل جيل الرواد بالإذاعة المصرية وتميز بحلاوة صوته، وهو ما أدى إلى اطلاق لقب كروان الاذاعة.
ولد فتحي بمدينة المنصورة في السابع والعشرين من يناير سنة 1910 بعد تخرجه في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب سنة 1932، عين بالإذاعة المصرية قبل أن ينطلق بثها، وقد حصل علي ليسانس الآداب (قسم اللغة الإنجليزية) من جامعة القاهرة عام 1932 وعين بالإذاعة المصرية في 4مايو 1934 أي قبل بدء الإرسال الإذاعي بسبعة وعشرين يوما فقط.
تدرج محمد فتحي في عدة مناصب بداية من عمله كمذيع في الإذاعة المصرية، حتى أصبح كبيرا للمذيعين، ثم مديرا للتمثيليات والبرامج حتى وصل إلي درجة مساعد المراقب العام، ثم مراقبا عاما للإذاعة في سبتمبر 1947، وكان هو أول من ابتكر التمثيلية الإذاعية عندما قدم تمثيلية بعنوان "روميو وجوليت" وقام هو نفسه بترجمة النص العالمي بالإضافة إلي إخراجه وأداء دور "روميو" أيضا، كما قدم مسلسلا اجتماعيا من تأليفه بعنوان " دنيا الناس ".
كما قام بتقديم الأوبريت الغنائي من خلال الإذاعة فقدم مع محمود الشريف أوبريت " روما تحترق " ثم أوبريت "عذراء الربيع" وأوبريت "الورد والفل والياسمين".
وفي يونيو عام 1951 نقل إلي وزارة المعارف وتولي النشاط الاجتماعي والرياضي بها، مثل محمد فتحي الإذاعة في العديد من المؤتمرات الدولية، وكان له العديد من المؤلفات والترجمات حيث قدم كتابا يعتبر من أهم كتب الإعلام وهو كتاب "عالم بلا حواجز" وقدم أيضا كتاب "14 عاما علي الهواء".
وفي عيد الإذاعة الخمسين أعد كتابا مطولا يحكي فيه تاريخها منذ إنشائها بعنوان "الإذاعة المصرية في نصف قرن" ويعد هذا الكتاب وثيقة للأجيال المتعاقبة للعاملين في الحقل الإعلام.
نال محمد فتحي العديد من الأوسمة وأشكال التكريم:- فقد منحته الجامعة المصرية منحة دراسية لمدة عامين علي نفقتها الخاصة تقديرا لتفوقه كما حصل علي رتبة "البكوية" رسميا، وعلي قلادة النيل وعدد كبير من الأوسمة خلال حياته.
وأيضًا أحد أشهر مذيعي الإذاعة المصرية في حقبة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي هو أحمد سعيد، وهو من مواليد 29 أغسطس 1925 القاهرة.
ويعتبر سعيد هو رأس إذاعة صوت العرب في عهد عبد الناصر من سنة 1953 إلى 1967 وأعتبرت من أهم الاذاعات العربية في تلك الحقبة.
والإعلامي وجدي الحكيم الذي ولد عام 1934، في حي فقير من أحياء منطقة ملوي التي كانت تابعة في ذلك الحين لمحافظة أسيوط، قبل أن تنضم لمحافظة المنيا، كان والده مدرسا بإحدى المدارس الحكومية بالمنطقة، وعلق آماله علي أن يصبح ابنه مثله، حيث اختلف عن والدته التي تمنت أن يكون ضابطًا بالشرطة، وبالفعل نفذ أمنية أمه والتحق بالكلية الحربية التي تركها بعد 40 يومًا، ومن ثم الشرطة ولكنه تركها أيضًا، لينتهي إلى كلية الآداب قسم الاجتماع جامعة القاهرة، ومن هنا بدأ طريقه للإذاعة والإعلام المصري.
ولقب الحكيم بعدة ألقاب منها "كاتم أسرار أهل الفن" نظرًا لعلاقته الوطيدة بأغلب نجوم الوسط الفني في ذلك الحين، حيث انه كان يعرف الكثير عنهم وعن حياتهم الشخصية وأسرارهم التي لم يعلنوا عنها إلا له، هذا بالإضافة الي ألقاب "صاحب الحوارات النادرة"، و"مخزن نجوم الزمن الجميل"، و"الإعلامي الحكيم".
وقدم الحكيم العديد من البرامج الإذاعية والأدبية في الإذاعة المصرية، حيث قضى الإعلامي الراحل أكثر من 60 عامًا خلف الميكرفون، ويعد أحد المهتمين بالموسيقي والغناء وأحد رعاته في مصر، لدرجة جعلته يمتلك استديو باسمه لتسجيل الموسيقي والأغاني، كما اكتشف الفنانة شيرين وجدي وقدمها للإذاعة وأعطاها اسمه، ليصبح معترفا بها رسميًا في كل وسائل الإعلام المصرية، وقد منحه محمد عبد الوهاب اسمه الشهير وجدي الحكيم.
وقدم الحكيم عددًا من البرامج الشهيرة ومنها: "أغنية اليوم"، "وافتح قلبك"، "ليالي الشرق"، "أشهر التسجيلات"، "بنك المعلومات"، "ليالي الصهبجية"، وفي مجال البرامج السياسية قدم "أسماء في الأخبار".
لم يكتف الحكيم بتقديم البرامج الإذاعية فقط، لكنه أشتهر بدقته في تنظيم الحفلات الغنائية لكثير من الفنانين؛ نظرًا لعلاقته الطيبة بكل الفنانين، أحدثت حفلاته نجاحًا كبيرًا، مثل حفلات "ليالي الشرق"، و"الليالي المحمدية"، و"أضواء المدينة"، وتوفي الحكيم في 16 يونيو 2014 عن عمر يناهز 79 سنة.