السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

انطلاق.. قطار الصناعة يجب أن يتحرك

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حسنًا فعلت الحكومة في خطة الدولة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، بناء على تكليف من رئيس الجمهورية، بأن أعطت أهمية كبيرة للقطاع الصناعي، والذي جاء في تلك القائمة في مراحل سابقة، خصوصا أن هذا القطاع يمثل السند الرئيسي لأي تنمية طويلة المدى، والباب الأوسع للتشغيل الدائم وفرص العمل المستدامة، غير تلك التي ترتبط بالأعمال المؤقتة، في الوقت الذي ما زال فيه الأمر مفتوحا لتداعيات الأزمات المترتبة على الحرب الروسية الأوكرانية والمتوقع أن تطول أكثر من المتوقع لها، بخلاف تمدد أزمات الأوبئة على غرار «كوفيد-19».

والأهم العمل على تنفيذ بنود خطة الإنعاش، والتعظيم لدور القطاع الصناعي، خصوصا ما يتعلق بالتوطين للصناعات الوطنية، وزيادة الإنتاجية، فما زالت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، والتي تدور حول 17% دون الطموح، وحتى معدل النمو الصناعي بصفة عامة، والذي يدور حول 6.3%، أقل من النمو الطبيعي، بالرغم من أن هذا المعدل يختلف من صناعة إلى أخرى، فالأهم أن نحقق نموا في القطاعات ذات الإنتاجية الوطنية، وكثيفة العمالة.

وإذا ما راجعنا الأرقام الرسمية عن الرخص الصادرة في السنوات الأربع الأخيرة، نجد صناعات مهمة القطاعات الدوائية، والتعدينية، والجلود، والمعدنية، ما زال عددها وحجم استثماراتها محدودين للغاية، بينما الصناعات الغذائية، ورغم أهميتها، فهي الأقل كثافة في العمال، فقد نالت الحظ الأكبر من العدد في الرخص المصدرة.

وفي خطة الدولة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، لفت نظري ما يمكن أن نعتبره بشرة خير، وتبقى العبرة بالدخول في التنفيذ، لنرى الثمار على أرض الواقع، خصوصا فيما يتعلق ببرنامج رفع معدلات التشغيل والنمو، على مدى 3 سنوات، من منتصف 2022 حتى منتصف 2025، من خلال إنشاء 300 مصنع عملاق بالتعاون مع القطاع الخاص، توفر 700 ألف فرصة عمل دائمة، بخلاف 100 ألف فرصة خلال فترة الإنشاء.

أتصور أن التركيز على صناعات مثل المعادن ومعدات النقل والفلزات، والبتروكيماويات، والقطاعات الغذائية، والمنسوجات، وتصنيع المركبات والمنتجات الإلكترونية، والحواسب والمنتجات الصيدلانية، والدوائية، وغيرها ستكون في حد ذاتها قيمة مضافة للإنتاج والتشغيل، وتعظيم الصادرات لسد جزء مهم من الفجوة في الميزان التجاري.

وإبراز دور القطاع الخاص، له أهمية كبيرة في مراحل التنمية الصناعية، لتعويض ما فات، وردم الهوة في القطاع الصناعي، والتي زادت مع سنوات الخصخصة، وغلق عشرات وربما مئات المصانع، بخلاف ما سببته الأزمات العالمية المتتالية في اتساع «الفجوة الصناعية»، وخروج مصانع من السوق، ولو استطعنا تحقيق 20 مليار دولار صادرات صناعية، وفقا لما تخطط  له خطة الدولة، سيكون له مردود مهم على تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات، أي العلاقة المالية بين عوائدة الصادرات، ونفقات الواردات.

ولا مفر من العمل على إعادة إحياء قطاع السيارات وتوطنيها، ويجب أن يتحول القول في الخطط إلى عمل على الأرض، وتحفيز القطاع الخاص، أصبح أمرا تفرضه الضرورة، بعدما خرجت الدولة «تقريبا» من صناعة السيارات، وتحجيم إنتاج النصر للسيارات، ولا داعى أن نتحدث عن الماضي، ومن المهم مناقشة استراتيجية توطين السيارات مع أصحاب المصلحة من رجال القطاع الخاص، خصوصًا الصناعيين منهم.

ولا يكفي أن نأخذ فقط بتجارب الدول الأخرى في أي استراتيجيات، بل نجمع بين ما هو عالمي، وما يتوافق مع سوقنا المحلية، وما يحقق قيمة مضافة، ويوفر منتجا محليا، يحمل شعار «صنع في مصر»، ويحقق قيمة تصديرية، ومزيد من فرص العمل، ومنتجات محلية تحل محل الواردات على المدى المتوسط والبعيد.

ومن الأهمية بمكان أن تتم التنمية الصناعية في قطارها الجديد، بعيدة عن تحميل الدولة بأي أعباء مالية، تتمثل في مزيد من الديون، والتي أضحت عبئا على كاهل الدولة، ومن المهم التوجيه الصحيح للاقتراض نحو الإنتاج خصوصا الصناعي، بالتوزاي مع خطة الدولة التي أعلنتها لإعادة هيكلة الديون، وخفض الدين العام وإطالة عمر الدين، وخفض العجز في الموازنة.

وتبقى الصناعة مع الزراعة، أحد أهم محاور عبور مصر نحو التنمية والتشغيل والتصدير، والاكتفاء الذاتي، ومن هنا يجب بالفعل أن يتحرك قطار الصناعة.