لماذا لا يتعلم المصريون الدرس.. ذلك هو التساؤل الذى يطرح نفسه بعد كل مرة يتم القبض على «مستريح جديد».
الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أكدت أن اختلاف طرق النصب والأمية العالية فى المجتمع وبخاصة فى الريف، وانعدام التوعية عبر وسائل الإعلام المرئي، هى الأسباب الرئيسية التى تدفع المصريين للوقوع فى فخ «المستريح».
وأكدت «خضر» فى حديثها لـ«البوابة نيوز» أن المجتمع المصرى مجتمع بسيط، ولكن فى السنوات الأخيرة شهد الكثير منا لجرائم فى حق المجتمع، والإعلام المصرى المرئى له الدور الأكبر فى توعية المواطنين، ولكن فى الآونة الأخيرة نجد أن هناك تدنى حاد فى الجانب التوعوى ولم يعد الإعلام المرئى بشكل خاص يقوم بدوره على الوجه الأمثل، فنجد أن الدراما التليفزيونية تروج للنصب والبلطجة، ومسلسلات توضح كيفية تحويل المواطنين إلى محتالين.
وتابعت: هناك خلل كبير فى المحتوى وطريقة الرسالة التلفزيونية، ليصبح الصوت العالى هو السبيل الوحيد للتعبير عن الرأي، ولم يعد هناك مضامين فى البرامج التليفزيونية تروج للأخلاق والقيم المجتمعية، ونرى المسلسلات تروج للفجور وتوجيه الشباب نحو الفجور والجنس فنرى الفتاة تدعو الشباب لزيارتها فى منزلها دون حياء، والبحث فقط عن الأموال ونرى الممثل محمد رمضان يلقى بالأموال فى حمام السباحة ويتطاول على كبار الفنانين، ويروج للبلطجة والجرائم، فى الوقت الذى من المنتظر منه أن يكون قدوة للملايين من الشباب والأطفال الصغار، ولذلك افتقدت الشاشة الصغيرة للحياء والأخلاق.
مستريحين الشاشات
وأضافت أستاذ علم الاجتماع، أن الشاشات أيضا تحولت إلى قنوات للنصابين فنرى أشخاص يدعون أنهم أطباء ويروجون لمنتجات غير صالحة للاستهلاك الأدمى وأشياء أخرى مضرة بالصحة، فهؤلاء أيضا هم شكل جديد من أشكال «المستريح»، ولكن هذه المرة فى شكل أكثر «شياكة» ويبثون سمومهم عبر التليفزيون.
وتكمل: ندعو الرئيس السيسى للنظر إلى الإعلام وتطويره وإعادته لرسالته الأولى فى نشر الأخلاق والقضاء على الأمية، وزيادة الوعى فى المجتمع، لذلك يجب أن تعود الصحافة للكتابة ومنها يستمد الإعلام المرئى المعلومات ويطلق رسالته التوعوية بشكل يليق بالمجتمع المصري.
ظاهرة «المستريح».. هل فقد المصريون الثقة فى البنوك؟
السؤال الآخر الذى طرح نفسه، لماذا يلجأ المصريون لـ«المستريح»؟.. وهل فقدوا الثقة فى البنوك، وفى هذا الشأن يؤكد الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن الموضوع لا علاقة له بفقدان الثقة فى البنوك بقدر ما له علاقة بتحقيق أرباح سريعة، فالمستريح يعطى للمواطن فوائد تصل إلى ٦٠٪ سنويًا فى الوقت الذى تقدم فيه البنوك أعلى فائدة سنوية كانت بنكى الأهلى ومصر عبر شهادات الـ١٨٪.
وأضاف «النحاس» فى تصريحاته لـ«البوابة نيوز» المصريون يرغبون فى الحصول على فائدة أكبر من البنوك حتى لا يلجؤون للمستريح وغيره من النصابين، فالعائد السنوى هو كلمة السر التى تستطيع أن تقضى على ظاهرة المستريح.
وتابع: «مصر بحاجة إلى عقلية استثمارية تستطيع أن تواكب العصر وتتكيف مع طبيعة المجتمع المصري، وتنتج أفكارا تجعل المصريين يقدمون على الاستثمار بكافة أشكاله، بدلا من اللجوء لشركات مثل Q net، وروتاري، وشركات توظيف الأموال التى تظهر كل فترة، فالريال والسعد الذين ظهروا فى السبعينات والثمانينات كانوا يمنحون المواطنين عائد سنوى يصل إلى ٤٠٪».
وأردف قائلا: «العوائد التى تختزلها البنوك فى تعظيم أصولها يجب أن تمنح المواطنين منها جزء يشجعه على وضع أمواله فى البنوك».
وأوضح: «يجب عمل برامج جديدة استثمارية بعيدا عن البنوك وإشراك المواطنين فى هذه البرامج الاستثمارية، وأن تكون هذه البرامج بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والأجهزة الرقابية، والجهات الدينية أيضا لأن جزءا كبيرا من المواطنين لا يثق فى حرمانية الأموال من فوائد البنوك».
ودعا «النحاس» إلى ضرورة الاستفادة من تجارب المستريحين ومناقشتهم من أجل الوصول إلى الفكر الذى جعل المواطنين ينهالون عليهم بالأموال ويبتعدون عن البنوك، لذلك يجب أن نحلل أفكار هؤلاء الناس الذين نجحوا فى إقناع ملايين المصريين بأفكارهم، لذلك يجب على الدولة الاستفادة من هذه الأفكار من أجل إنتاج فكر جديد للدولة والاستفادة بها فى مشروعات تعود بالنفع على الدولة المصرية.