تسبب الهجوم الإرهابي الأخير في مدينة كراتشي الباكستانية، والذي خلف 4 قتلى، من بينهم 3 صينيين يعملون في معهد صيني تابع لجامعة كراتشي، في ضربة قوية للعلاقات الصينية الباكستانية، رغم الآمال الكبيرة بعد تغيير الحكومة في باكستان، الأمر الذي يزيد مخاوف الصين تجاه عدم قدرة باكستان على توفير المناخ الأمني المناسب لمشروعاتها ومواطنيها.
وأوضح مقال كتبه الباحث في الشؤون الآسيوية، رفائيلو بانتوتشي، على موقع الاقتصاد "Nikkei Assia" الآسيوي، أنه رغم ترحيب الصين غير المعلن بوصول رئيس الوزراء الجديد، شهباز شريف إلى الحكم في باكستان، إلا أن الهجوم الأخير الذي استهدف صينيين في كراتشي، قد يخلف ضربة موجعة للعلاقات بين البلدين.
وأوضح الباحث أنه بعد وصول شريف للحكم وإلقاء تصريحات إيجابية تجاه الصين، وكذلك عقد وزير المالية الجديد، مفتاح إسماعيل لقاء مع مسؤولين في السفارة الصينية، إضافة إلى تعيين إحسان إقبال، كوزير مسؤول عن مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، كل هذا كانت إشارات واضحة بأن الحكومة الجديدة تريد علاقات تعاونية مع بكين.
لكن هذه النظرة الإيجابية تبخرت مع الهجوم الانتحاري الذي وقع في 26 أبريل، بتنفيذ جماعة "جيش تحرير بولشيستان"، والذي قتل رئيس معهد كونفشيوس الصيني، وكذلك موظفين آخرين، وسائق باكستاني. ويعد هذا الهجوم هو الآخير في سلسلة هجمات يشنها إنفصاليون على أهداف صينية، لأن الصين تستثمر بشدة في منطقة بلوشستان، وعلى رأسها، ميناد غوادار.
يبين الباحث أن الإنفصاليون البلوشيستان لديهم تاريخ طويل من استهداف مواطنين صينيين في باكستان، عبر العديد من الهجمات الدموية في الأعوام الأخيرة، من بينها استهداف قنصلية الصين في كراتشي، وفندق كونتنينتال بيرل في غوادار، ومركز صرافة كراتشي.
في عام 2018، نصب قائد جيش تحرير بلوشستان، إسلام بالوتش، أبنه الأكبر، كـ "انتحاري"، لاستهداف مهندسون صينيين. ورغم نجاة الصينيين من هذا الهجوم، إلا أنه فتح الباب لحملة عنيفة تستهدف كل ما هو صيني في المنطقة.
ويأتي استهداف مسؤولين في معهد كونفشيوس، رغم عدم دوره الاقتصادي، إلا أنه حمل عبور الهجمات التي تستهدف الصينيين خطوط حمراء، فمنفذ الهجوم هو في الأصل سيدة، ومتعلمة بشكل جيد، والتي وافقت بالقيام بعملية انتحارية، لتكون أول إنتحارية سيدة يتم استخدامها هناك.
يبين الباحث أن هذا الهجوم الأخير يظهر أن قضية الانفصاليين البلوشيستان باتت تكتسب المزيد من الأرضية والطموح، وتحقق المزيد من النجاح، لتخلق اضطرابات داخل باكستان، وتحقق ضربات قوية.
ففي يناير، انفجرت قنبلة في سوق في مدينة لاهور، وخلفت 3 قتلى، أما في فبراير الماضي، فوقعت اشتباكات واسعة بين الحركات الانفصالية، وقوات حكومية، خلفت مقتل 9 جنود باكستانيين مقابل 20 مقاتلا من الجماعات الانفصالية، بحسب البيانات الرسمية. لكن الجماعات الانفصالية قالت أن خسائر الجانب الباكستاني كانت أكبر من ذلك، بحوالي 200 عسكري باكستاني، مقابل 16 من قواتها.
وباستهداف مسؤولين في معهد كونفشيوس، فإن الانفصاليين يوجهون رسائل إلى آلاف الصينيين الذين يعيشون ويعملون في باكستان، وليس فقط العاملين في مشروعات اقتصادية كالممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، الأمر الذي يعني توسيع دائرة الاستهدافات ضد الصينيين في باكستان لمستوى غير معهود، بحسب الباحث.
يلفت الباحث إلى أنه حتى الآن ليس معروفا ماذا سيكون رد الصين على هذا الهجوم، فأحد الخيارات المحتملة، هو نشر قوة عسكرية صينية، ومن المرجح أيضا أن تأخذ الصين خطوة بزيادة الدعم العسكري والاستخباراتي، وكذلك زيادة وجودها الأمني السري على الأرض.
ومن المرجح أيضا أن تعتمد الصين على وكالات أمنية خاصة صينية لينتشروا بشكل أكبر على الأرض.
ورغم أن هذه قد تكون ردود فعل، لكن من المؤكد أن الصين غير سعيدة مما يحدث، وباتت ترى أن الانفصاليين في باكستان أصبحوا خارج السيطرة.
يشير الباحث إلى أنه في حالة استمرار مثل هذه الهجمات، فسيصبح من الصعب على بين إرسال مواطنيها للعمل في باكستان، كما أنه ستكشف عن استياء شعبي تجاه هذه الاستثمارات الصينية على الأراضي الباكستانية على وجه الخصوص، وهي رواية تراها الصين خطيرة للغاية، وفي حالة انتشارها بشكل واسع، ستهدد طموحات الصين التوسعية في المنطقة.