ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن قيام الدول الأوروبية بفرض حظر على واردات روسيا من الغاز سوف يحرم "الكرملين" من مصدر حيوي للدخل.
وأوضحت الصحيفة - في افتتاحية عددها الصادر اليوم /السبت/ - أن العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا في أواخر فبراير الماضي كانت مفاجأة للدول الغربية إلا أن الاتحاد الأوروبي منذ بداية الحرب قد أذهل العالم باستجابته السريعة والموقف الموحد الذي تبناه في مواجهة روسيا.
وأشارت إلى أن الدول الغربية بادرت بإمداد أوكرانيا بالمساعدات العسكرية اللازمة لمقاومة الجيش الروسي إلى جانب فرض عقوبات واسعة النطاق على أشخاص وكيانات ومؤسسات اقتصادية روسية على نحو غير مسبوق، ولكن على الرغم من كل تلك الإجراءات والخطوات الجيدة إلا أن دول الاتحاد الأوروبي كانت توفر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مليارات من الدولارات هي قيمة وارداتها من الغاز الروسي.
ولفتت "الجارديان" إلى مقولة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المتكررة من أن اعتماد الدول الأوروبية على واردات الطاقة الروسية يوفر لموسكو موارد تمويل الآلة العسكرية المدمرة التي تستخدمها روسيا ضد أوكرانيا، مؤكدة على ضرورة إعادة النظر في حجم التعاون بين روسيا والدول الغربية في الوقت الذي يسعى فيه الاتحاد الأوروبي إلى ممارسة ضغوط على روسيا بهدف إنهاء الحرب في أوكرانيا ولكن في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة على مستوى العالم وعلى ضوء توقعات بكساد اقتصادي عالمي ينطوي فرض حظر على واردات الطاقة الروسية على مخاطر كبيرة تنذر بمزيد من معدلات التضخم ونقص الموارد.
وتضيف الصحيفة أنه في ظل هذه الظروف الملتبسة فإن اقتراح فرض حظر على واردات روسيا من الغاز الذي طرحته أورسولا فون ديرلاين رئيس المفوضية الأوروبية يحقق توزانا بين احتياجات الدول الأوروبية من الطاقة وموقفها المناهض لروسيا على خلفية العملية العسكرية في أوكرانيا، موضحة أن الاقتراح المطروح يشمل حظرًا على صادرات روسيا من الغاز الخام لمدة ستة أشهر وعلى المنتجات البترولية حتى نهاية العام مع استثناء كل من سلوفاكيا والمجر اللتان تعتمدان على النفط الروسي كمصدر وحيد ليس له بديل على أن تنضم البلدان لباقي الدول الأوروبية بحلول عام 2023.
وتؤكد "الجارديان" أن تطبيق الحظر على واردات النفط الروسية والبحث عن مصادر بديلة محفوف بمخاطر جسيمة، حيث تمثل تلك الواردات ما يقرب من 25 بالمائة من إجمالي واردات أوروبا من الطاقة، ولكن في المقابل فإن تطبيق هذا الحظر سوف يحرم بوتين من حوالي 300 مليون دولار يوميًا ويؤثر على واحد من أهم وأكبر القطاعات الاقتصادية في روسيا.
وتوضح الصحيفة أن النجاح في تطبيق هذا الحظر سوف يثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن حرب بوتين في أوكرانيا أدت إلى تشكيل أوروبا جديدة، فلم يكن أحد يتوقع منذ شهر واحد فقط أن تخطو أوروبا مثل هذه الخطوات الجريئة في مواجهة روسيا.
واختتمت الصحيفة مقالها الافتتاحي بالتأكيد على أن قدرة الدول الأوروبية على التخلي عن واردات الغاز الروسية سوف تسرع من وتيرة التحول إلى الطاقة النظيفة وتوفر الدعم اللازم والضروري لأوكرانيا والأهم من هذا وذاك سوف تمثل خطوة على طريق توحيد وتماسك أوروبا.